العودة الى الصفحة السابقة
سبعة أمور يبغضها الله

سبعة أمور يبغضها الله

جون نور


«16 هذِهِ السِّتَّةُ يُبْغِضُهَا الرَّبُّ، وَسَبْعَةٌ هِيَ مَكْرُهَةُ نَفْسِهِ: 17 عُيُونٌ مُتَعَالِيَةٌ، لِسَانٌ كَاذِبٌ، أَيْدٍ سَافِكَةٌ دَمًا بَرِيئًا، 18 قَلْبٌ يُنْشِئُ أَفْكَارًا رَدِيئَةً، أَرْجُلٌ سَرِيعَةُ الْجَرَيَانِ إِلَى السُّوءِ، 19 شَاهِدُ زُورٍ يَفُوهُ بِالأَكَاذِيبِ، وَزَارِعُ خُصُومَاتٍ بَيْنَ إِخْوَةٍ» (أمثال 6: 16 - 19)

تدفعني عدة أسباب للكلام في هذا الموضوع، وربما أهمها ما جاء في 2تيموثاوس 3: 16 و17 حيث نقرأ: «كُلُّ الْكِتَابِ هُوَ مُوحًى بِهِ مِنَ اللهِ، وَنَافِعٌ لِلتَّعْلِيمِ وَالتَّوْبِيخِ، لِلتَّقْوِيمِ وَالتَّأْدِيبِ الَّذِي فِي الْبِرِّ، لِكَيْ يَكُونَ إِنْسَانُ اللهِ كَامِلاً، مُتَأَهِّبًا لِكُلِّ عَمَل صَالِحٍ».

إن وقفت تتأمل في هذا الأمر لحظة ستتفق معي على أن الأمور السبعة المذكورة هنا تتصل بجميع نواحي الحياة وتكشف عن فساد الإنسان، وهذه بطبيعة الحال حقيقة يعيشها الكثيرون ويرفضون الاعتراف بها، ولكن سواء صدق الناس أو لم يصدقوا فإن قلب الإنسان «أَخْدَعُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ نَجِيسٌ» (إرميا 17: 9) وحيث أن الشاهد الكتابي موضوع الحديث يتناول العينين واللسان واليدين والقدمين على أنها قد تلوثت بسبب فساد طبيعة الإنسان، فهو يتفق مع إشعياء حين قال: «كُلُّ الرَّأْسِ مَرِيضٌ، وَكُلُّ الْقَلْبِ سَقِيمٌ. مِنْ أَسْفَلِ الْقَدَمِ إِلَى الرَّأْسِ لَيْسَ فِيهِ صِحَّةٌ، بَلْ جُرْحٌ وَأَحْبَاطٌ وَضَرْبَةٌ طَرِيَّةٌ» (إشعياء 5:1 – 6). حقاً إنه عظيم شر قلب الإنسان.

هذه الأعداد التي تلوتها على مسامعكم تذكرنا أيضاً أن كل انسان يجب أن يسعى لكي يتحرر من أية خطية من هذه الخطايا البشعة التي يكرهها الله: لقد أعطانا إمكانية النصرة على كل الأشياء التي تحزنه وهو يريدنا أن نكون له شعباً خاصاً، وفي إمكاننا أن نكون كذلك وأن نكون أكثر من منتصرين بالذي أحبنا (رومية 37:8).

لقد كتب سفر الأمثال لكي يرينا أي أناس يجب أن نكون، وألا نكون. وهو سفر عملي واسع المدى يتناول كل نواحي الحياة، ونستطيع أن نجد فيه إرشاداً من جهة كل أمر من الأمور. وهذا يقودنا للسؤال: ما هي إذاً الأمور السبعة التي يبغضها الله؟ وماذا يقابلها من أمور يحبها الله؟

(1) السلوك بالكبرياء: «عيون متعالية»

الكبرياء هي الخطية الأولى، وبسبب الكبرياء سقط الشيطان، ولهذا يحثنا الرسول بطرس أن نكون متسربلين بالتواضع (1بطرس 5:5)، وهذا ما يحبه الرب: «زِينَةَ الرُّوحِ الْوَدِيعِ الْهَادِئِ، الَّذِي هُوَ قُدَّامَ اللهِ كَثِيرُ الثَّمَنِ» (1بطرس 4:3)، قال الرب يسوع:

«تَعَلَّمُوا مِنِّي، لأَنِّي وَدِيعٌ وَمُتَوَاضِعُ الْقَلْبِ» (متّى 11: 29).

(2) تزييف القول: «لسان كاذب»

ولكن هل يكذب المؤمنون؟ بكل أسف إنهم يفعلون ذلك أحياناً، وهل هناك ما يمنع الأكاذيب البيضاء؟ الله يبغض «اللسان الكاذب»، لذا يكتب الرسول بولس إلى أهل أفسس قائلاً: «لِذلِكَ اطْرَحُوا عَنْكُمُ الْكَذِبَ، وَتَكَلَّمُوا بِالصِّدْقِ كُلُّ وَاحِدٍ مَعَ قَرِيبِهِ، لأَنَّنَا بَعْضَنَا أَعْضَاءُ الْبَعْضِ» (أفسس 25:4).

(3) قسوة بغير شفقة: «أيد سافكة دماً بريئاً»

من الطبيعي أن تاتي إلى ذاكرتنا هنا قصة قايين وهابيل، فنقرأ في العهد الجديد عن قايين أنه سفك دماً بريئاً بقتله لهابيل أخيه: «وَذَبَحَ أَخَاهُ. وَلِمَاذَا ذَبَحَهُ؟ لأَنَّ أَعْمَالَهُ كَانَتْ شِرِّيرَةً، وَأَعْمَالَ أَخِيهِ بَارَّةٌ، كل من يبغض أخاه فهو قاتل نفس» (1يوحنا 3: 12).

هل تبغض أحداً؟ فأنت إذاً قاتل، وكل قاتل نفس يبغضه الله.

(4) مكائد شريرة: «قلب ينشئ أفكاراً رديئة»

وهنا يجب أن نتذكر من أين ينبع الشر، هل من الخارج من الداخل؟ إنه ينبع من الداخل كما قال الرب: «لأَنْ مِنَ الْقَلْب تَخْرُجُ أَفْكَارٌ شِرِّيرَةٌ: قَتْلٌ، زِنىً، فِسْقٌ، سِرْقَةٌ، شَهَادَةُ زُورٍ، تَجْدِيفٌ، هذِهِ هِيَ الَّتِي تُنَجِّسُ الإِنْسَانَ» (متّى 15: 19 و20). ويذكر الكتاب عن بعض أنهم مبتدعون شروراً. يا له من أمر رهيب؟

(5) رغبة مؤذية: «أرجل سريعة الجريان إلى السوء»

نجد هنا أقداماً لا تفعل السوء فحسب لكنها تجري مسرعة لفعل السوء، وهذا هو عمل الشيطان الذي «يجول كأسد زائر» (1بطرس 8:5). وهذه الرغبة لفعل السوء يكرهها الله، فماذا تفعله قدماك؟ هل هي أرجل سريعة الجريان إلى السوء، أم هي أرجل جميلة تبشر بالسلام وتبشر بالخيرات؟ (رومية 15:10).

(6) السعي بالوشاية: «شاهد زور يفوه بالأكاذيب»

قال كاتب قديم عن الوشاية: «إنها أمر لعين، وهي تحدث كثيراً بوسائل أخرى غير الكلام، بنظرة أو هزة كتف تنفث سهاماً مسمومة، وكم حطمت قلوباً مقدسة، وكم لوثت سمعة طيبة، وكم لطخت أسماء شريفة وأرسلت سيلاً من الشكوك حول أفضل الناس. إنها تعمل دائماً في الظلام، وعادة تحت ستار الإخلاص والمحبة». وهذه خطية يبغضها الرب ايضاً ولذا يوصينا الرسول قائلاً: «لاَ تَخْرُجْ كَلِمَةٌ رَدِيَّةٌ مِنْ أَفْوَاهِكُمْ، بَلْ كُلُّ مَا كَانَ صَالِحًا لِلْبُنْيَانِ، حَسَبَ الْحَاجَةِ، كَيْ يُعْطِيَ نِعْمَةً لِلسَّامِعِينَ» (أفسس 29:4).

(7) خصام مفرق: «زارع خصومات بين أخوة»

ربما هذه أشر الخطايا السبع. الروايات الكاذبة، والمبالغة في الكلام، والدسائس، والوقيعة... هذه كلها تفرق بين الأصدقاء وتفصم عرى الصداقة. وهذا ما يبغضه الله.

يا أحبائي يجب أن نكون أمناء مع أنفسنا ومع الله:

بينما تستمع لهذه الحلقة لا تحاول أن تهرب منها. ربما لا تكون مرتكباً لإحدى هذه الخطايا السبع، لكني أود أن أذكرك بقول الحكيم سليمان: «هذِهِ السِّتَّةُ يُبْغِضُهَا الرَّبُّ، وَسَبْعَةٌ هِيَ مَكْرُهَةُ نَفْسِهِ...» (الأمثال 6: 16) يريد أن يقول: «هذه الستة والسبعة، أو الستة عشر والسبعة عشر، أو الستة والعشرون والسبعة والعشرون – بقدر ما نريد أن نذكر – هي مكرهة نفسه» فالله يبغض الخطية في كل أشكالها، فليتنا نتحرر من كل ما يسبب له حزناً، ولنسع لكي نحيا الحياة التي تمجده.