العودة الى الصفحة السابقة
معجزة كل يوم

معجزة كل يوم

جون نور


مرقس 1:2 «ثُمَّ دَخَلَ كَفْرَنَاحُومَ أَيْضًا بَعْدَ أَيَّامٍ، فَسُمِعَ أَنَّهُ فِي بَيْتٍ».

لو لم تكن هذه الحادثة التي اقصها على مسامعكم في الكتاب المقدس لظنها الناس رواية أو تمثيلية لغرابتها وبعدها عن المألوف، ويخيل للبعض أنها مثل وليست حقيقة.

لكن في كل المعجزات التي أجراها يسوع نقف حيارى ولا عجب فيسوع هو صانع العجائب.

في كفرناحوم وفي بيت يغلب الظن أنه بيت سمعان، مثلث مناظر هذه الرواية الرائعة. جلس يسوع وفي هذا البيت أجرى معجزته. إننا بالتأكيد نغبط سمعان لأن يسوع كان في بيته وكثيراً ما تجول بخاطرنا أمنية حلول يسوع في بيوتنا، ولكن لنتذكر الخسارة التي حاقت ببيت سمعان لوجود المسيح به، التراب المتجمع من أقدام الناس، والأوحال والتلف الحاصل في أثاث بيته، والتنقيب الذي تم في سقف بيته. وغير ذلك من الأقذار والأتربة.

لقد كان لهذه المعجزة ثلاث أطراف سنتكلم عن كل واحدة منها بالتفصيل.

أولاً المريض:

وربما يمكنا أن ندعوه ميتاً لأنه وهو حي لا يفرق كثيراً عن الميت فهو:

مفلوج: والفالج مرض مخيف تصوروا إنساناً نام في الأمس وأصبح في صباح هذا اليوم لا يستطيع حراكاً تأملوه وقد عدمت الحركة قدميه، والنشاط يديه وذبلت نضارة ذلك الجسم، وقولوا معي ألا تفضلون معي موته على حياته.

ويزيد بؤس هذا الرجل أنه كان خاطئاً. ويغلب أن فالجه هذا كان نتيجة خطية فظيعة إرتكبها. كان ذلك الرجل شقياً في جسمه وفي نفسه. ومن رزقه المولي نفساً سليمة يستطيع أن يحتمل الجسم السقيم. لقد كانت نفس هذا الإنسان ككل إنسان خاطئ تثور في نفسه ثورات توبيخ الضمير فيرفع عينيه إلى السماء يبغي رحمة. ولكن نظرته كانت تتجه حالاً إلى جسده الشاهد الحي على خطيته.وتتجه أفكارنا أيضا إلى:

الحمالين الأربعة:

هؤلاء العتالون أو الحمالون كما يسميهم الكتاب في قصتنا أروع جمالاً في عيني، من الملائكة الأطهار، لست أعلم كيف كانت أشكالهم التي ربما كانت في نظر الناس بالتأكيد ليست جميلة ولكن في عيني كانوا أجمل من القمر وأيديهم أبدع من حمالات وأيدي الأطباء والممرضين.

ترى ما الذي عمله حمالونا الأربعة:-

ولا يذكر الكتاب أنهم كانوا أجرى بل الأدلة تظهر أنهم لم يكونوا كذلك، إن تلك العاطفة السامية التي هي من الله هي التي دفعتهم للقيام بهذه المهمة ألا وهي المحبة، تلك العاطفة سرت في أيديهم. فحملوه إلى يسوع.

كان الزحام عظيماً جداً، حتى إنه لم يكن هناك موضعاً لقدم ولا ما حول الباب، فماذا تعمل أيها المفلوج... هل أنت ترى الزحام لقد أتينا بك حباً إلى يسوع وهل تصل هذه المحبة إلى قرب يسوع وجانبه، لقد كانوا بحاجة إلى من هو أقوى من المحبة، «الإيمان» صعدوا إلى السطح من السلالم التي خارج البيت. إن المحبة تزحف أما الإيمان فيتسلق، الإيمان يحلق في الأجواء ويخترق الظلام والجبال والبحار.

لقد وصلوا السطح وهوذا السقف بينهم وبين المسيح، ولكنه لن يعوقهم عن الوصول إليه.

لم يكن السقف ملكهم، ولكنهم لم يفكروا في تلك الساعة في القوانين والنظم، نقبوا السقف، فنزل التراب والغبار والطوب والقش وما شاكل ذلك، وربما نزل منه على جسم المسيح، وربما صرخ الجمع ما هذا أيها الحمالون.

نقبوا السقف فإذا المسافة بينهم وبين يسوع بعيده، ماذا نعمل، إننا نريد أن نضع مفلوجنا أمام المسيح، وماذا تريدون أن يفعل يسوع له «إن يشفيه أواثقون أنتم من ذلك... نعم. فأحضروا حبالاً وربطوا فراش المفلوج ودلوه إلى يسوع بثقة، وأنا أعتقد أن تلك الحبال كانت منسوجة مع خيوطها الكتانية بخيوط أقوى. هي خيوط الثقة في المسيح واليقين بقدرته الفائقة، كان المفلوج وهو معلق بين الأرض والسماء مستنداً على صخر الثقة.

عندما ينظر الإنسان إلى القناة يراها عظيمة وعندما يرى النهر يراه أعظم وأعظم، ولكن عندما يأتي إلى البحر لا يستطيع أن يقول شيئاً. وما المقارنة بين القناة والبحر وبين القمر والنجوم. ما دمنا نقف أمام المسيح، فلن نرى أحداً آخر فلننسى كل شيء أمام المسيح، وننظر إلى وجهه.

وماذا رأى يسوع بالتأكيد وهو جالس أبصر الحمالين الأربعة بحملهم، فابتهج قلبه ورآهم حيارى وهم يدورون حول البيت فازداد ابتهاجاً وبعد وقت أحس بقليل من التراب على وجهه ثم توالى نزول التراب والقش فلم يغظه ذلك بل ملأ قلبه فرحاً.

نظر يسوع إلى المفلوج ولم يرَ جسمه الذابل ولكن نفسه السقيمة، لم يرَ قيد المرض بل قيد الخطية، لم ينظر إلى الآم الفالج بل إلى الآم الضمير، وأوكد لكم بأن المفلوج ما كان يتوق إلى الشفاء بقدر ما كان يتوق إلى الخلاص.

ويقول له يسوع ثق يا بني مغفورة لك خطاياك، لقد كانت عادة يسوع أن يشفي أولاً ثم يغفر الخطية، ولكن هنا بدأ بالغفران.

تذمر البعض من كلام المسيح وقالوا إنه يتكلم بتجاديف، هل يغفر الخطايا إلا الله، فقال يسوع: «أَيُّمَا أَيْسَرُ، أَنْ يُقَالَ: مَغْفُورَةٌ لَكَ خَطَايَاكَ، أَمْ أَنْ يُقَالَ: قُمْ وَامْشِ؟ تظنون أني قلت الأسهل، وَلكِنْ لِكَيْ تَعْلَمُوا أَنَّ لابْنِ الإِنْسَانِ سُلْطَانًا عَلَى الأَرْضِ أَنْ يَغْفِرَ الْخَطَايَا»، قَالَ لِلْمَفْلُوجِ: «لَكَ أَقُولُ: قُمْ وَاحْمِلْ فِرَاشَكَ وَاذْهَبْ وقام المفلوج وحمل فراشه...» (لوقا 5: 23 - 25).

ها قد رأيتم الخطية تغسل ومن الذي يغسلها إلا حمل الله الذي يرفع خطايا العالم.