العودة الى الصفحة السابقة
السلام الذي في المسيح

السلام الذي في المسيح

جون نور


في الإنجيل بحسب البشير يوحنا 16 والعدد 33 قال يسوع: «قَدْ كَلَّمْتُكُمْ بِهذَا لِيَكُونَ لَكُمْ فِيَّ سَلاَمٌ. فِي الْعَالَمِ سَيَكُونُ لَكُمْ ضِيقٌ، وَلكِنْ ثِقُوا: أَنَا قَدْ غَلَبْتُ الْعَالَمَ». هذه الكلمات كانت من الأحاديث الوداعية التي تكلم بها المسيح لتلاميذه قبل أن يذهب إلى الصليب ومن الصليب إلى المجد. وفي الآية نفسها يتحدث الرب يسوع المسيح عن مكانين .عن العالم وعن شخصه المبارك. يقول عن العالم سيكون لكم ضيق ويقول عن شخصه «قَدْ كَلَّمْتُكُمْ بِهذَا لِيَكُونَ لَكُمْ فِيَّ سَلاَمٌ. فِي الْعَالَمِ سَيَكُونُ لَكُمْ ضِيقٌ». وفي المسيح كلمتكم بهذا ليكون لكم في سلام...

مكانين مختلفين المكان الأول نعيش فيه بأجسادنا... والمكان الثاني نعيش فيه بأرواحنا... في العالم نحن نعيش بأجسادنا... في العالم سيكون لكم ضيق لكن في المسيح نعيش بأرواحنا. لذا كلمتكم بهذا ليكون لكم فيّ سلام... هل يمكن للإنسان أن يعيش في الضيق والسلام في نفس الوقت هل يستطيع الإنسان أن يعيش في الألم والفرح في نفس الوقت... هل يمكن أن يجمع المتناقضات في نفسه فيكون في الحزن وفي الفرح بنفس الوقت... الرب يسوع المسيح يقول لنا ممكن للإنسان أن يجمع المتناقضات في نفسه. في العالم سيكون لكم ضيق... وكلمتكم بهذا ليكون لكم فيّ سلام.

1 - السلام الذي في المسيح هو سلام الثقة في غفرانه وتبريره طالما أنت تحمل ثقل الخطية على ضميرك لا سلام لك. لأنه مكتوب: «لاَ سَلاَمَ، قَالَ الرَّبُّ لِلأَشْرَارِ» (إشعياء 48: 22)، الإنسان الشرير لا يمكن أن يوجد له سلام، ولكن عندما يحصل الإنسان على الغفران الذي اشتراه لنا المسيح بموته على الصليب. عندئذ يستطيع أن يتمتع بالسلام الذي في المسيح... جاءت امرأة إلى بيت سمعان... امرأة زانية تبيع جسدها لكل من يدفع الثمن ولكنها قررت أن تتوب عن شرورها وجاءت للمسيح في بيت الفريسي ويقول الكتاب. امرأة في المدينة كانت خاطئة جاءت من ورائه باكية وبدأت تبلل قدميه بالدموع وتمسح قدميه بشعر رأسها. والرجل الفريسي قال لو كان هذا نبياً مشيراً إلى المسيح لعرف من هذه المرأة التي تلمسه وما هي، إنها خاطئة، وعرف المسيح أفكار سمعان فنظر المسيح إليه «وَقَالَ لَهُ: يَا سِمْعَانُ، عِنْدِي شَيْءٌ أَقُولُهُ لَكَ. فَقَالَ: قُلْ، يَا مُعَلِّمُ. فقال المسيح لسمعان «كَانَ لِمُدَايِنٍ مَدْيُونَانِ. عَلَى الْوَاحِدِ خَمْسُمِئَةِ دِينَارٍ وَعَلَى الآخَرِ خَمْسُونَ. وَإِذْ لَمْ يَكُنْ لَهُمَا مَا يُوفِيَانِ سَامَحَهُمَا جَمِيعًا. فَقُلْ: أَيُّهُمَا يَكُونُ أَكْثَرَ حُبًّا لَهُ؟ فَأَجَابَ سِمْعَانُ وَقَالَ: أَظُنُّ الَّذِي سَامَحَهُ بِالأَكْثَرِ. فَقَالَ لَهُ: بِالصَّوَابِ حَكَمْتَ. ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَى الْمَرْأَةِ وَقَالَ لِسِمْعَانَ: (سأقوم بمقارنة بينك وبينها هذه المرأة امرأة شريرة أنا أعلم ذلك امرأة خاطئة أنا أعلم ذلك... لكنك يا سمعان لست أفضل منها وأنا سأقوم بالمقارنة) أَتَنْظُرُ هذِهِ الْمَرْأَةَ؟ إِنِّي دَخَلْتُ بَيْتَكَ، وَمَاءً لأَجْلِ رِجْلَيَّ لَمْ تُعْطِ. وَأَمَّا هِيَ فَقَدْ غَسَلَتْ رِجْلَيَّ بِالدُّمُوعِ وَمَسَحَتْهُمَا بِشَعْرِ رَأْسِهَا قُبْلَةً لَمْ تُقَبِّلْنِي، وَأَمَّا هِيَ فَمُنْذُ دَخَلْتُ لَمْ تَكُفَّ عَنْ تَقْبِيلِ رِجْلَيَّ. بِزَيْتٍ لَمْ تَدْهُنْ رَأْسِي، وَأَمَّا هِيَ فَقَدْ دَهَنَتْ بِالطِّيبِ رِجْلَيَّ. مِنْ أَجْلِ ذلِكَ أَقُولُ لَكَ: قَدْ غُفِرَتْ خَطَايَاهَا الْكَثِيرَةُ، لأَنَّهَا أَحَبَّتْ كَثِيرًا... ثُمَّ قَالَ لَهَا: مَغْفُورَةٌ لَكِ خَطَايَاكِ»... إِيمَانُكِ قَدْ خَلَّصَكِ، اِذْهَبِي بِسَلاَمٍ» (لوقا 7: 37 - 50). أخذت المرأة الغفران ومع الغفران أخذت عطية السلام. أعزائي المستمعين «فَإِذْ قَدْ تَبَرَّرْنَا بِالإِيمَانِ لَنَا سَلاَمٌ مَعَ اللهِ بِرَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ» (رومية 5: 1) إن السلام الذي في المسيح هو سلام الثقة في غفرانه وتبريره...

2 - السلام الثاني هو سلام المسيح في محبته، تكلم الرب يسوع المسيح إلى تلاميذه قائلاً: «كَمَا أَحَبَّنِي الآبُ كَذلِكَ أَحْبَبْتُكُمْ أَنَا. اُثْبُتُوا فِي مَحَبَّتِي» (يوحنا 15: 9) «الْمَحَبَّةُ الْكَامِلَةُ تَطْرَحُ الْخَوْفَ إِلَى خَارِجٍ» (1يوحنا 4: 18). عشرات الناس يعيشون في الخوف، الخوف من الحاضر والخوف من الماضي الخوف من المستقبل... الخوف من المستقبل لأن المستقبل أمامهم مظلم ولا يعرفون إلى أين الطريق لكن الله يقول لنا: «لاَ تَخَافُوا»، الله لا يريد أن نعيش في الخوف أنا أحبكم «كَمَا أَحَبَّنِي الآبُ كَذلِكَ أَحْبَبْتُكُمْ أَنَا. اُثْبُتُوا فِي مَحَبَّتِي». عندها تدخل محبة الله في قلوبنا وتمتلك محبة المسيح في نفوسنا وتطرد الخوف إلى خارج... قد كلمتكم بهذا ليكون لكم فيّ سلام.. المؤمن لا يخاف آلهة أخرى «غَضَبَ اللهِ مُعْلَنٌ مِنَ السَّمَاءِ عَلَى جَمِيعِ فُجُورِ النَّاسِ وَإِثْمِهِمِ، الَّذِينَ يَحْجِزُونَ الْحَقَّ بِالإِثْمِ» (رومية 1: 18). لان معرفة الله غير ظاهرة فيهم لأن الله لم يظهرها لهم لأنهم عبدوا المخلوق دون الخالق والله يقول لنا لا تنتقوا آلهة أخرى... المؤمن يجب أن لا يخاف شر... في الانجيل بحسب متّى إصحاح 10 عدد 26 - 28 يتكلم الرب يسوع المسيح لتلاميذه لا تخافوا... المؤمن يجب أن لا يخاف لانه قال: «هَا أَنَا مَعَكُمْ كُلَّ الأَيَّامِ إِلَى انْقِضَاءِ الدَّهْرِ» (متّى 28: 20) لا تخافوا من المستقبل لأن وعده لنا انه «لاَ شَيْءَ مِنَ الدَّيْنُونَةِ الآنَ عَلَى الَّذِينَ هُمْ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ» (رومية 8: 1) وهذا السلام هو سلام الثقة في غفرانه وتبريره وسلام الثقة في محبته...

أعزائي المستمعين الإنسان لا يقف وحده... الإنسان يقف والله معه... معه في تجاربه وفي آلامه وفي صراعه وفي ضيقاته وفي أفراحه في كل الأيام وإلى انقضاء الدهر... «الرَّبُّ رَاعِيَّ فَلاَ يُعْوِزُنِي شَيْءٌ» (مزمور 23: 1) أي سلام الثقة في رعايته. «قَدْ كَلَّمْتُكُمْ بِهذَا لِيَكُونَ لَكُمْ فِيَّ سَلاَمٌ» هل نحن واثقون في رعاية الله مع انه «فِي الْعَالَمِ سَيَكُونُ لَكُمْ ضِيقٌ، نعم لأنه يقول: ثِقُوا: أَنَا قَدْ غَلَبْتُ الْعَالَمَ» (يوحنا 16: 33)...

«ثِقُوا: أَنَا قَدْ غَلَبْتُ الْعَالَمَ» غلبت الشيطان غلبت الموت وهو لا بد أن يأتي غالباً منتصراً لكي يأخذنا من العالم الذي نعيش فيه. السلام الذي في المسيح هو سلام الثقة في عدالته. «قَدْ كَلَّمْتُكُمْ بِهذَا لِيَكُونَ لَكُمْ فِيَّ سَلاَمٌ...» سلام الثقة في غفرانه وتبريره سلام الثقة في محبته سلام الثقة في رعايته وسلام الثقة في غلبته وسلام الثقة في عدالته.

هل نحتاج أكثر من هذا لنعيش في السلام... «قَدْ كَلَّمْتُكُمْ بِهذَا لِيَكُونَ لَكُمْ فِيَّ سَلاَمٌ. فِي الْعَالَمِ سَيَكُونُ لَكُمْ ضِيقٌ، وَلكِنْ ثِقُوا: أَنَا قَدْ غَلَبْتُ الْعَالَمَ» (يوحنا 16: 33) فلنأخذه نصيباً لنكون في السلام... عيشوا في سلام الله.