العودة الى الصفحة السابقة
معرفة المسيح كصديق

معرفة المسيح كصديق

جون نور


سنقرأ من الكتاب المقدس من رسالة بولس الرسول إلى أهل فيلبي الأصحاح الثالث ابتداءً من العدد السابع.

«7 لكِنْ مَا كَانَ لِي رِبْحًا، فَهذَا قَدْ حَسِبْتُهُ مِنْ أَجْلِ الْمَسِيحِ خَسَارَةً. 8 بَلْ إِنِّي أَحْسِبُ كُلَّ شَيْءٍ أَيْضًا خَسَارَةً مِنْ أَجْلِ فَضْلِ مَعْرِفَةِ الْمَسِيحِ يَسُوعَ رَبِّي، الَّذِي مِنْ أَجْلِهِ خَسِرْتُ كُلَّ الأَشْيَاءِ، وَأَنَا أَحْسِبُهَا نُفَايَةً لِكَيْ أَرْبَحَ الْمَسِيحَ، 9 وَأُوجَدَ فِيهِ، وَلَيْسَ لِي بِرِّي الَّذِي مِنَ النَّامُوسِ، بَلِ الَّذِي بِإِيمَانِ الْمَسِيحِ، الْبِرُّ الَّذِي مِنَ اللهِ بِالإِيمَانِ. 10 لأَعْرِفَهُ، وَقُوَّةَ قِيَامَتِهِ، وَشَرِكَةَ آلاَمِهِ، مُتَشَبِّهًا بِمَوْتِهِ، 11 لَعَلِّي أَبْلُغُ إِلَى قِيَامَةِ الأَمْوَاتِ».

قصدت أن أكلمكم في هذه الحلقة عن معرفة المسيح كصديق... وأرجو أن الفت أنظاركم إلى العدد العاشر من الأصحاح الثالث من رسالة بولس إلى أهل فيلبي تقول الآية: «لأَعْرِفَهُ، وَقُوَّةَ قِيَامَتِهِ، وَشَرِكَةَ آلاَمِهِ، مُتَشَبِّهًا بِمَوْتِهِ». عندما كتب بولس هذه الكلمات كان سجين في روما وكان يقترب من أيام نهايته. وكانت له الرغبة العارمة أن يعرف المسيح. وقد عبّر بولس عن رغبته في معرفة المسيح الشخصية كصديق له «لأَعْرِفَهُ، وَقُوَّةَ قِيَامَتِهِ، وَشَرِكَةَ آلاَمِهِ، مُتَشَبِّهًا بِمَوْتِهِ لَعَلِّي أَبْلُغُ إِلَى قِيَامَةِ الأَمْوَاتِ» (فيلبي 3: 10 و11). ومن أجل ذلك فإن بولس يقول أنا أريد أن أعرف المسيح وشركة آلامه متشبهاً بموته...

كلنا سنميز المسيح في السماء لكن الصداقة الحميمة هي التي ستجعلنا نقترب إليه بثقة. بولس طلب أن يتعرف بالمسيح بثلاث دوائر فقال:

1 - لأعرفه شخصياً وقوة قيامته.

2 - وشركة آلامه.

3 - متشبهاً بموته.

أعزائي المستمعين يجب أن نعرف المسيح شخصياً... نرنم عن المسيح نتكلم عن المسيح... نصلي إلى المسيح لكن الصورة التي في أذهاننا تختلف عن الصورة الحقيقية للمسيح. وبولس يقول أنا لا أريد أن أتكلم عن المسيح... لا أن أشهد عن المسيح... لا أن أصلي للمسيح كل هذه الأشياء جميلة وضرورية أريد أن أعرف المسيح شخصياً... كيف نعرف المسيح شخصياً؟ سأذكر ثلاثة أشياء جوهرية:

علينا أن نعرف المسيح ذهنياً...

علينا أن نعرف المسيح تعليمياً...

علينا أن نعرف المسيح اختبارياً...

الكتاب المقدس لم يحدثنا عن لون بشرة المسيح ولا عن لون عيون المسيح ولا عن مقاييس وجه المسيح ولا عن مقدار وزن المسيح.. الكتاب المقدس لم يتحدث عن هذا أبداً. فكل صورة ممكن أن تقدم لنا هي صورة من خيال الإنسان البشري... في إنجيل متّى تعرف كلام المسيح... ماذا قال المسيح... وفي إنجيل مرقس تعرف أفعال المسيح... ماذا عمل... وفي إنجيل لوقا تعرف عواطف المسيح... وفي إنجيل يوحنا تعرف من هو المسيح...

أما في الرسائل فإننا نراه كما ينبغي أن نعرفه، في رسالة فيلبي تجد أن المسيح في الأصحاح الأول، المسيح حياتنا وفي الأصحاح الثاني المسيح مثالنا، وفي الأصحاح الثالث المسيح غايتنا وفداء أجسادنا، وفي الأصحاح الرابع المسيح فرحنا فافرحوا بالرب يسوع المسيح كل حين، إننا عندما نركع ونصلي نحن لا نضارب الهواء بل نصلي لشخص موجود ويسمع صلواتنا... نحن نصلي لأن المسيح قال لنا: «حَيْثُمَا اجْتَمَعَ اثْنَانِ أَوْ ثَلاَثَةٌ بِاسْمِي فَهُنَاكَ أَكُونُ فِي وَسْطِهِمْ» (متّى 18: 20) ونحن عندما نتعرف بالمسيح نتعرف به أولاً بقوة القيامة قبل أي شيء... «اَلْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ مَنْ يَسْمَعُ كَلاَمِي وَيُؤْمِنُ بِالَّذِي أَرْسَلَنِي فَلَهُ حَيَاةٌ أَبَدِيَّةٌ، وَلاَ يَأْتِي إِلَى دَيْنُونَةٍ، بَلْ قَدِ انْتَقَلَ مِنَ الْمَوْتِ إِلَى الْحَيَاةِ» بقوة القيامة «وَأَنْتُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَمْوَاتًا بِالذُّنُوبِ وَالْخَطَايَا... أَحْيَانَا مَعَ الْمَسِيحِ... وَأَقَامَنَا مَعَهُ» (أفسس 2: 1 - 6).

ونصل إلى المرحلة الأخيرة عن كيفية معرفة المسيح لأعرفه عاطفياً وشركة آلامه عندما نسمع خبراً مفرح فإننا نفرح ونبين أننا فرحون وعندما نحزن فإننا نحتفظ بالحزن في قلوبنا. وبولس يقول أريد أن أعرف المسيح عاطفياً... اريد أن أعرفه... وأريد أن أعرف شركة آلامه، هل تعلم يا بولس أنك كنت تريد أن تصلب مع المسيح... قال لا... لا أحداً يستطيع أن يشارك المسيح في آلام الصليب، لقد قال لتلاميذه: تتركوني وحدي... هو وحده مات على الصليب من أجلنا وهو وحده ذاق معصرة غضب الله وهو وحده اجتاز آلام الجحيم وهو وحده الذي كفّر عنا... وانا لا أعني آلام المسيح الكفارية إنما نريد أن نعرف آلام وشركة آلام المسيح أي أريد أن اعرفه عاطفياً لأنه ما زال يتألم لأجل الخطاة الغير راجعين إليه.

ليت إلهنا يعرّفنا بشخصه في هذا اليوم هذه المعرفة... فلو سمعت في هذا البرنامج عن المسيح وتريد أن تتعرف بالمسيح أكثر تكون هذه الرسالة قد أدت غرضها... أنا لا أريدك أن تتعرف بي فإن هذا يسعدني لكن أريدك أن تتعرف بسيدي ومخلصي وملك الملوك ورب الأرباب.. لتعرفه وقوة قيامته وشركة آلامه متشبهاً بموته... يا ليت هذه الرغبة السابقة تكون رغبة قلبك...