العودة الى الصفحة السابقة
تأثير الصليب في الحياة المسيحية

تأثير الصليب في الحياة المسيحية

جون نور


قراءة غلاطية 20:2 تقول الآية: «مَعَ الْمَسِيحِ صُلِبْتُ، فَأَحْيَا لاَ أَنَا، بَلِ الْمَسِيحُ يَحْيَا فِيَّ. فَمَا أَحْيَاهُ الآنَ فِي الْجَسَدِ، فَإِنَّمَا أَحْيَاهُ فِي الإِيمَانِ، إِيمَانِ ابْنِ اللهِ، الَّذِي أَحَبَّنِي وَأَسْلَمَ نَفْسَهُ لأَجْلِي».

أعزائي المستمعين تتلخص الحياة المسيحية في ثلاث عبارات أو في ثلاثة دوائر: -

1 – الدائرة الاولى المسيح مات لأجلي.

2 – الدائرة الثانية المسيح يحيا في داخلي.

3 – الدائرة الثالثة المسيح أتى إليّ أو من أجلي.

بموت المسيح على الصليب سدد دين الخطية. الشخص الوحيد الذي استطاع أن يجيب عن مشكلة عدالة الله ورحمة الله، كان هو المسيح عندما مات على الصليب. كل دِين آخر يعجز عن أن يعطي لله كمالاته الأدبية، لكن ديانة الصليب حفظت لله كمالاته الأدبية لأن المسيح عندما مات على الصليب استطاع بهذا الموت أن يبرر من هو من الإيمان بيسوع. وهذا هو امتياز المسيحية عن أي دِين آخر.

أحبائي الحياة المسيحية ليست إنشاءً ولا هي وعظة ولا هي حضور الصلاة والاجتماعات، الحياة المسيحية هي حياة كل دقيقة، هي حياة النوم واليقظة، هي حياة السلوك التجاري والسلوك الاجتماعي. المسيح كان إنساناً اجتماعياً لأنه كان نجاراً في الناصرة، عندما كان يذهب ويفتح دكان النجار أي دكان يوسف، كان يأتيه واحد ويقول له أريدك أن تصنع لي باباً أو شباكاً وكان المسيح النجار يجلس ويحاسب على ثمن الخشب وعلى أجرة الصناعة وعلى الوقت الذي سيقضيه في الصناعة، وكان إنساناً اجتماعياً، لم يغش ولم يحاول أن يخدع ولكنه قدّس الحياة العملية بأن دخل فيها بذاته كنجار في الناصرة حتى أنه قيل عنه أليس هذا النجار هو ابن مريم؟

ما هو تأثير عمل الصليب في حياتنا؟

يقول بولس: «مَعَ الْمَسِيحِ صُلِبْتُ، فَأَحْيَا لاَ أَنَا، بَلِ الْمَسِيحُ يَحْيَا فِيَّ» إن أول تأثير لعمل الصليب في حياتنا هو أن نُصلب مع المسيح بأهوائنا وشهواتنا الجسدية.

يقول الكتاب المقدس: «وَلكِنَّ الَّذِينَ هُمْ لِلْمَسِيحِ قَدْ صَلَبُوا الْجَسَدَ مَعَ الأَهْوَاءِ وَالشَّهَوَاتِ» (غلاطية 5: 24) صلبوا الجسد... ما هو الجسد؟ بولس يقوم بمناقشة هذا الموضوع في الأصحاح الخامس من رسالته الى أهل غلاطية 19:5 فيقول لنا: «وَأَعْمَالُ الْجَسَدِ ظَاهِرَةٌ، الَّتِي هِيَ: زِنىً عَهَارَةٌ نَجَاسَةٌ دَعَارَةٌ، عِبَادَةُ الأَوْثَانِ سِحْرٌ عَدَاوَةٌ خِصَامٌ غَيْرَةٌ سَخَطٌ تَحَزُّبٌ شِقَاقٌ بِدْعَةٌ، حَسَدٌ قَتْلٌ سُكْرٌ بَطَرٌ (وكلمة بطر هي عربدة أي أعمال الجسد سكر وعربدة) وَأَمْثَالُ هذِهِ... إِنَّ الَّذِينَ يَفْعَلُونَ مِثْلَ هذِهِ لاَ يَرِثُونَ مَلَكُوتَ اللهِ» (غلاطية 5: 19 - 21).

إن أول دائرة لتأثير الصليب في حياتنا أننا نصلب الجسد مع الأهواء والشهوات أما الدائرة الثانية في تأثير الصليب على حياتنا، وموجودة في الأصحاح السادس من رسالة غلاطية عدد 14 «وَأَمَّا مِنْ جِهَتِي، فَحَاشَا لِي أَنْ أَفْتَخِرَ إِلاَّ بِصَلِيبِ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ، الَّذِي بِهِ قَدْ صُلِبَ الْعَالَمُ لِي وَأَنَا لِلْعَالَمِ» فالدائرة الثانية صلب العالم.

بولس الرسول يقول لنا لا يكفي صلب الأهواء والشهوات لكن صلب العالم لي الإنسان المؤمن صلب العالم له. يعيش في العالم غريب كما قال داود في المزمور 119: 19: «غَرِيبٌ أَنَا فِي الأَرْضِ» أما العالم بالنسبة لي لا قيمة له، أولاد وبنات الرب ليسوا مرتبطين بالأرض... صلب العالم لي، أنا غريب في الأرض، أنتم في العالم ولكنكم لستم من العالم، «لَوْ كُنْتُمْ مِنَ الْعَالَمِ لَكَانَ الْعَالَمُ يُحِبُّ خَاصَّتَهُ. وَلكِنْ لأَنَّكُمْ لَسْتُمْ مِنَ الْعَالَمِ، بَلْ أَنَا اخْتَرْتُكُمْ مِنَ الْعَالَمِ، لِذلِكَ يُبْغِضُكُمُ الْعَالَمُ» (يوحنا 15: 19).

صلب العالم لنا لذا لا إغراءات فيه كلما ننظر إلى الإغراء والمباني والعظمة والأنوار وكل هذا الجمال الذي نراه، العالم موضوع للنار للحريق يعني هذا العالم لا يغرينا أبداً بأي حال من الأحوال.

الدائرة الأخيرة: - أنا صُلبت للعالم... «أَمَّا مِنْ جِهَتِي، فَحَاشَا لِي أَنْ أَفْتَخِرَ إِلاَّ بِصَلِيبِ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ، الَّذِي بِهِ قَدْ صُلِبَ الْعَالَمُ لِي وَأَنَا لِلْعَالَمِ» (غلاطية 6: 14)، يقول بولس الرسول: أنا الذي كنت عدو الصليب «مَعَ الْمَسِيحِ صُلِبْتُ، فَأَحْيَا لاَ أَنَا، بَلِ الْمَسِيحُ يَحْيَا فِيَّ». هل يا تُرى قد صلبنا مع المسيح أم نحن بعيدون عن الصليب، عندما يحيا المسيح فينا نرى بأن حياتنا تتشكل بدون أن ندري يوماً بعد يوم بصورة المسيح الذي فينا.

في رسالة أفسس يقول بولس الرسول: «لِيَحِلَّ الْمَسِيحُ بِالإِيمَانِ فِي قُلُوبِكُمْ» (أفسس 3: 17). عندما يحيا فينا المسيح تظهر ثماره فينا بدون جهد، القلق الذي كان يأتي كل يوم ويجعلنا نخاف من الغد وبعد غد وماذا يعد لنا المستقبل... كل هذا القلق كان يأتي من عدم الإيمان. ولكن الايمان يقول لنا: «لاَ تَهْتَمُّوا بِشَيْءٍ، بَلْ فِي كُلِّ شَيْءٍ بِالصَّلاَةِ وَالدُّعَاءِ مَعَ الشُّكْرِ، لِتُعْلَمْ طِلْبَاتُكُمْ لَدَى اللهِ. وَسَلاَمُ اللهِ الَّذِي يَفُوقُ كُلَّ عَقْل، يَحْفَظُ قُلُوبَكُمْ وَأَفْكَارَكُمْ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ» (فيلبي 4: 6 و7). حياة الإيمان. هي حياة المسيح يحيا فيّ «مَعَ الْمَسِيحِ صُلِبْتُ، فَأَحْيَا لاَ أَنَا، بَلِ الْمَسِيحُ يَحْيَا فِيَّ. فَمَا أَحْيَاهُ الآنَ فِي الْجَسَدِ، فَإِنَّمَا أَحْيَاهُ فِي الإِيمَانِ، إِيمَانِ ابْنِ اللهِ، الَّذِي أَحَبَّنِي وَأَسْلَمَ نَفْسَهُ لأَجْلِي».