العودة الى الصفحة السابقة
أنا خائف الله ... دستور الله

أنا خائف الله ... دستور الله

جون نور


«وَعَرَفَ يُوسُفُ إِخْوَتَهُ، وَأَمَّا هُمْ فَلَمْ يَعْرِفُوهُ» (تكوين 18:42).

أعزائي المستمعين الكرام

انتهينا في الأسبوع الماضي حلقات برنامجنا السابق أسماء وأحداث ونبدأ في هذه الحلقة برنامجنا الجديد حياتنا مع الله... الذي أرجو أن ينال إعجابكم ويكون سبب بركة لحياتكم. حيث يتطرق هذا البرنامج إلى أمور حياتية تصادفنا كل يوم من أيام حياتنا وحلقتنا الأولى هذه تتكلم عن الدستور وكما نعرف ان للدول دساتير وللمؤسسات دساتير وأنظمة تسير بموجبها لكن ما أريد أن أتحدث عنه في هذه الحلقة عن دستور مختلف وهو دستور الله.

هذا الدستور الذي يتضمن بين ثناياه كل ما يمكن أن يحكم علاقة الأرض بالسماء والأرض بالأرض وينظم علاقة الإنسان بالله وعلاقة الإنسان بأخيه الإنسان بل والإنسان بنفسه.

تعب المشرعون وصائغوا الدساتير ومنظموا القوانين في العالم أن يجدوا دستوراً شاملاً كاملاً ينظم حياة البشر ويصون الحقوق ويرفع المظالم ويحسم النزاع فوق هذا الكوكب ولكنهم فيما يبدو لم يجدوا بعد... والسبب في هذا كله أن البشر يعيشون في الواقع في بُعد عن هذا الدستور السماوي الذي نحن بصدد مواده الآن الذي لو التزم كل إنسان به لما وجدت محكمة ولا مركز للشرطة ولا سجن ولا دار للتهذيب ولا جيوش للحرب ولا شرطة لحفظ الأمن بل لو وُجد هذا الدستور في حياتنا لتحوّلت الأرض إلى سماء.

(أنا خائف الله) قالها رجل الله يوسف قبل أن يوجد قانون أو ناموس أو توجد كنائس ومعابد، عاش في أرض وثنية لا تعرف الله وهذا هو الدستور الذي نحن بحاجة إليه (أنا خائف الله) على مستوى الفرد والعائلة وعلى مستوى العالم كله.

لو كانت مخافة الله في بيوتنا وفي مجتمعاتنا وهيئة أممنا لما كان هنالك انحراف أو انجراف أو حروب أو قلاقل ولما كان إنسان ينهش أخيه الإنسان لو كانت مخافة الله بيننا لانتفت منا المطامع والأحقاد وظن السوء وأصبحنا قديسين مؤمنين حسب إرادته وضمن وصاياه.

1 - ما معنى أن يخاف الإنسان الله

أن يخاف الإنسان الله معناه أن يتجنب الإنسان الإثم والخطية هل مخافة الله أن احفظ يوم للرب وبقية الأسبوع لي، هل مخافة الله في بيت الله، ولكن ماذا عن العمل والبيت والمصنع والمؤسسة.

مخافة الله في معناها الحقيقي والعملي هي تجنب الإثم والخطية، وقف يوسف أمام الخطية بكل اغرائاتها وطغيانها وجبروتها وأمام خزائن مصر وفرعون وظروفها المواتية وقف يوسف ليقول: «كَيْفَ أَصْنَعُ هذَا الشَّرَّ الْعَظِيمَ؟» (تكوين 39: 9).

«كَيْفَ أَصْنَعُ هذَا الشَّرَّ الْعَظِيمَ وَأُخْطِئُ إِلَى اللهِ؟» (تكوين 39: 9) هذه هي مخافة الله حيث لا رقيب ولا حسيب يا ليتنا نخاف الله في قلوبنا ويا ليتنا نخاف الله في أقوالنا ونخاف الله في جلساتنا وحياتنا المعلنة والخفية والتي قال عنها داود: «يَا رَبُّ، قَدِ اخْتَبَرْتَنِي وَعَرَفْتَنِي ... فَهِمْتَ فِكْرِي مِنْ بَعِيدٍ» (مزمور 139: 1 و2).

أين أهرب من وجهك ومن روحك أين أمضي في كل مكان عيناك تراقباني لك عينان تخترقان أستار الظلام و«كُلُّ شَيْءٍ عُرْيَانٌ وَمَكْشُوفٌ لِعَيْنَيْ ذلِكَ الَّذِي مَعَهُ أَمْرُنَا» (عبرانيين 4: 13).

مخافة الله أن لا تنتقم لنفسك كما يقول الكتاب: «لِيَ النَّقْمَةُ أَنَا أُجَازِي يَقُولُ الرَّبُّ» (رومية 12: 19) هل يحاسب الله الإنسان على خطاياه الله يمهل الإنسان ولكنه لا يهمل. يوسف بعد ما باعه إخوته ونسوا أن يوسف موجود بعد، يقفون أمام ملك البلاد وتستيقظ ضمائرهم الميتة فيتذكرون خطيتهم مع أخيهم و«الَّذِي يَزْرَعُهُ الإِنْسَانُ إِيَّاهُ يَحْصُدُ» (غلاطية 6: 7).

2 - ما هي الأسباب التي تجعلني أخاف الله

أولاً الإيمان بوجود الله... الله موجود فأنا أخاف الله ولكن هنالك الكثيرون الذين يقولون لا يوجد إله.

قال يسوع ليكن لكم إيمان بالله وفي العالم أنواع وأصناف من الناس لها مواقف في إيمانها بالله. صنف يعترف بوجود الله ولكن ينكره بأعماله... صنف يقول لله ابعد عنا... صنف يقول الله لا يرانا وصنف يقول ليس إله... كما «قَالَ الْجَاهِلُ فِي قَلْبِهِ: لَيْسَ إِلهٌ» (مزمور 14: 1). وصنف آخر يقول أين هو الله... أين هو الله... لماذا هذا الفساد المنتشر... لماذا الجريمة... لماذا الحروب... لماذا الدماء... فالذين يتساءلون هذا التساؤل ينسون حقيقة واضحة وهي أن الكتاب المقدس يقول ان الفساد والخطية والموت والألم كلها نتائج جسمية لسقوط الإنسان وستتلاشى تماماً «الْمَوْتُ لاَ يَكُونُ فِي مَا بَعْدُ، وَلاَ يَكُونُ حُزْنٌ وَلاَ صُرَاخٌ وَلاَ وَجَعٌ فِي مَا بَعْدُ، لأَنَّ الأُمُورَ الأُولَى قَدْ مَضَتْ. قَالَ الْجَالِسُ عَلَى الْعَرْشِ: هَا أَنَا أَصْنَعُ كُلَّ شَيْءٍ جَدِيدًا!» (رؤيا 21: 4 و5).

وهنالك صنف الذين يؤمنون بالله ويختبرونه في حياتهم الداخلية ويعيشون لإرضائه إلى أن يأتي يوم اللقاء به.

أعزائي المستمعين لا يكفي فقط أن نؤمن بوجود الله بل أن نؤمن أيضاً برقابة الله. الذي عيناه تخترقان أستار الظلام لا بل «عَيْنَاهَ أَطْهَرُ مِنْ أَنْ تَنْظُرَا الشَّرَّ» (حبقوق 1: 13).

ولا يكفي فقط أن نؤمن بوجود الله بل نؤمن أيضاً بسيادة الله، وان نعيش بموجب دستوره الذي أعطانا إياه في الكتاب المقدس.

إن التقوى لها موعد الحياة الحاضرة والعتيدة إن مكافأة التقوى ومخافة الله أن الله يتواجد مع الإنسان التقي ويحوّل كل الشر حوله لخيره الله يكون معه ومهما يصنع الرب ينجحه الله يكافئ التقوى الأمينة ويكون مع الإنسان الذي يخافه لأنه يكرم الذين يكرمونه.

اتق الله واحفظ وصاياه هذا هو الإنسان كله اترك كل قوانين الدنيا واتق الله من كل قلبك فتنال سؤل قلبك.