العودة الى الصفحة السابقة
الانتفاع بالوعد في الحياة الحاضرة

الانتفاع بالوعد في الحياة الحاضرة

جون نور


«التقوى نافعة لكل شيء. إذ لها موعد الحياة الحاضرة والعتيدة» (1 تي 8:4)

الدين بالنسبة للكثيرين أمر سام وخيالي، فالدين بالنسبة لهم أقرب إلى عالم من التقوى الخيالية منه إلى الحقيقة والواقع.فهؤلاء يؤمنون بالله على أسلوبهم الخاص، ويحصرون إيمانهم فيه فيما يخص بالأمور الروحية والحياة العتيدة، أمثال هؤلاء ربما يدهشون إذا ما تجرأت وقلت لهم إن هذا الاعتقاد يجب أن يحملهم على اختبار حقيقة إيمانهم، لأنه إن لم يعطهم هذا الإيمان عوناً في متاعب الحياة الصغيرة فهل سيسندهم أمام محن الموت العظيمة؟ إن كان لا يجديهم فيما يختص بالقوت والكسوة فماذا عساه يفعل لهم فيما يختص بالنفس الخالدة؟

أرجو أن توجه نظرك نحو كلمات الله الآتية ونحو أمثالها، لتستخدمها في حياتك . تقول كلمة الله في سفر(خر 25:23): «وتعبدون الرب إلهكم فيبارك خبزك وماءك وأزيل المرض من بينكم» وأيضا في سفر المزامير (مز 3:37 و 4): «اتكل على الرب وافعل الخير. اسكن الأرض وارع الأمانة. تلذذ بالرب فيعطيك سؤل قلبك وفي (مز 3:91 - 7): «لأنه ينجيك من فخ الصياد ومن الوبأ الخطر. بخوافيه يظللك وتحت أجنحته تحتمي. ترس ومجن حقه. لا تخشى من خوف الليل ولا من سهم يطير في النهار. ولا من وبأ يسلك في الدجى ولا من هلاك يفسد في الظهيرة. يسقط عن جانبك ألف وربوات عن يمينك إليك لا يقرب». (أي 19:5): «في ست شدائد ينجيك وفي سبع لا يمسك سوء». وفي سفر اشعياء النبي 15:33، 16: «السالك بالحق والمتكلم بالاستقامة الراذل مكسب الظالم النافض يديه من قبض الرشوة الذي يسد أذنيه عن سمع الدماء ويغمض عينيه عن النظر إلى الشر، هو في الأعالي يسكن. حصون الصخور ملجأه. يعطي خبزه ومياهه مأمونة». (إش 17:54): «كل آلة صورت ضدك لا تنجح وكل لسان يقوم عليك في القضاء تحكمين عليه. هذا هو ميراث عبيد الرب وبرهم من عندي يقول الرب»

لا بد أن الرب يسوع قصد بالإيمان أن يكون المهدئ والمسكن لاهتماماتنا من أجل حاجاتنا اليومية، وإلا لما قال(مت 25:6 و 26): «لذلك أقول لكم لا تهتموا لحياتكم بما تأكلون وبما تشربون ولا لأجسادكم بما تلبسون. أليست الحياة أفضل من الطعام والجسد أفضل من اللباس؟ انظروا إلى طيور السماء، إنها لا تزرع ولا تحصد ولا تجمع إلى مخازن، وأبوكم السماوي يقوتها. ألستم أنتم بالحري أفضل منها»؟ وماذا تراه قصد إلا استخدام الإيمان فيما يختص بالأمور الزمنية حينما قال (لو 29:12 - 30): «فلا تطلبوا أنتم ما تأكلون وما تشربون ولا تقلقوا، فإن هذه كلها تطلبها أمم العالم. وأما أنتم فأبوكم يعلم أنكم تحتاجون إلى هذه»

وهذا عين ما كان يعنيه بولس حينما قال: «لا تهتموا بشيء، بل في كل شيء بالصلاة والدعاء مع الشكر، لتعلم طلباتكم لدى الله. وسلام الله الذي يفوق كل عقل يحفظ قلوبكم وأفكاركم في المسيح يسوع» (في 6:4 و 7).

لو ظننا أن الأمور الزمنية أحقر من أن يهتم بها إلهنا المتعالي لنسينا أنه يراقب العصافير ويحصى شعور رؤوس شعبه. ومع ذلك فكل شيء آخر مهما عظم فهو حقير لديه تعالى. فإن كان لا يهتم بالأمور الصغيرة فهو لا يهتم بشيء بالكلية أن إحدى معجزات العهد الحاضر الثابتة ذلك السلام الذي لنا في المسيح وسط التجارب المختلفة والذي فيه لنا قوة في الصلاة بها ننال من الرب كل ما هو ضروري للتقوى

إني أعلم أن الإيمان يمكنه أن يملأ كيساً خالياً، ويعد وجبة شهية، ويغير قلباً قاسياً، ويقدم أرضاً لبناء، ويشفي المرض، ويهدئ عصياناً، ويوقف وبأ. هكذا الإيمان في يد الإنسان المؤمن «به ينال كل شيء». كل شيء في السماء وعلى الأرض، وتحت الأرض،

الإيمان، لا يمكن أن يقلده دجال، ولا أن يتظاهر به مراء، وحيثما وجد الإيمان الحقيقي القادر أن يتمسك بوعد إلهي بيد قوية فإنه يأتي بالعجائب.

الإيمان البسيط بالله الذي يشبه تسليم الأطفال يعطي القلوب المخلصة حكمة عملية أميل إلى تسميتها «تميزاً مقدساً». والمؤمن البسيط الفكر، الذي قد يهزأ به ويحسب أبلهاً، تلازمه

حكمة نازلة من فوق تغلب دهاء الأشرار. ولا شيء يقهر العدو الحقود ويربكه مثل الاتكال الصالح المستقيم الذي يمتاز به المؤمن الصريح.

من يؤمن بإلهه فلا يخاف من خبر السوء، لأن قلبه وجد هدوءاً ثابتاً في إيمانه بالرب. وهذا الإيمان له ألف وسيلة بها يعطي الحياة حلاوة واتساعاً وغنى. جرب ذلك عزيزي المستمع ، وانظر إن كان لا يعطيك ثروة من البركات لا تقدر! وينقذك من الضيقات كما وعد الرب في انجيل يو 43:16 «قد كلمتكم بهذا ليكون لكم في سلام. في العالم سيكون لكم ضيق. ولكن ثقوا أنا قد غلبت العالم». إلا أنه سيجعلك تفتخر في الضيقات كما ورد في رسالة بولس إلى أهل رومية (رو 3:5 - 5): «عالمين أن الضيق ينشئ صبراً، والصبر تزكية، والتزكية رجاء، والرجاء لا يخزى، لأن محبة الله قد انسكبت في قلوبنا بالروح القدس المعطى لنا».