العودة الى الصفحة السابقة
عندما لا يستجيب الله صلاتك

عندما لا يستجيب الله صلاتك

القس. جون نور


هل لاحظت أنك صلّيت بقلب نقي وضمير يقظ وأن الله لم يسمع لك؟ هل لاحظت أنك قدمت صلاتك بحسب مشيئة الله وطبقاً لكلامه وحسب تعاليمه ولكنه لم يُصغ إليك؟ ألم يحيرك أنك ابن مُخلص له، وتعاني من تجربة مرة، وتصرخ إليه لكي يرفع عنك الضربة أو التجربة التي أنت متألم منها، لكنه لا يلتفت إليك؟!!

أنت لستَ أول مَن يوجه الحديث إلى السماء التي قد نظن أحياناً أنها مغلقة الأبواب. ولستَ أول من يصارع مع الله في الصلاة ولا يغلب. ولست أول مَن يطلب ولا يُستجاب له. ولا بد أن هناك أهدافاً من وراء عدم الاستجابة؛ لأننا نتعامل مع إله حكيم، قال عنه أيوب: {عنده الحكمة والقدرة. له المشورة والفطنة. هوذا يهدم فلا يبني. يغلق على إنسان فلا يُفتح يمنع المياه فتيبس. يطلقها فتقلب الأرض. عنده العز والفهم له المُضِل والمُضَل. يذهب بالمشيرين أسرى ويحمق القضاة...}(أي 13:12 – 25). ويهتف الرسول يهوذا بإسمه بصفته {الإله الحكيم الوحيد مخلصنا له المجد والعظمة والقدرة والسلطان الآن وإلى كل الدهور} (يه 24، 25). ولعلنا نستطيع أن نبلور بعض أسباب عدم استجابة الصلاة في النقاط الآتية:

  1. لا نعرف: أن لا نعرف لماذا لم تُستجَب، كما لن نعرف لحكمة خاصة عند الله يمنع فيها عنا الإجابة، ويتركنا حيارى نستنتج استنتاجات متنوعة، قد يصيب بعضها ويخيب الآخر، ويبقى إحساسنا بالعجز وعدم الفهم تأكيداً وتعليماً لمحدودية وطبيعتنا وإدراكنا، أو كما قال الرسول بولس:{فإننا ننظر الآن في مرآة في لغز لكن حينئذ وجهاً لوجه. الآن أعرف بعض المعرفة لكن حينئذ سأعرف كما عرفت}(1كو 11:13، 12).

    السبب الثاني لعدم استجابة الصلاة هو:

  2. تدريب على الانتظار: الله يعرف التوقيت المناسب للاستجابة أكثر منا، قد نستعجل الإجابة ونبكي ونصرخ ونتوسل مثل طفل يريد أن يأخذ شيئاً من أمه، وتعرف الأم أن إعطاء ابنها ما يريد في الوقت الذي يريده سيضره ضرراً بالغاً وقد يكون قاتلاً، لكنها تنتظر، فما يضره اليوم قد يكون نافعاً له غداً. إن الله في حينه يسرع به. فإذا علا صراخك في محنتك للرب:{يا قوتي أسرع إلى نصرتي}(مز 19:22)، وإذا توسلت له قائلاً:{لأني لك يا رب صبرت أنت تستجيب يارب إلهي. لأني قلت لئلا يشمتوا بي عندما زلّت قدمي تعظموا عليّ}(مز 16:38) فاعلم أنه يعلم ويعرف جيداً ما تواجهه ومَن تواجهه، وأنه سيتدخل في توقيته هو، كما قال المرنم:{انتظاراً انتظرت الرب فمال إليّ وسمع صراخي. وأصعدني من جب الهلاك من طين الحمأة وأقام على صخرة رجلي. ثبت خطواتي...}(مز 1:40 – 3).

    والسبب الثالث لعدم استجابة الصلاة هو:

  3. استجابة غير متوقعة: قد نواجه صلاة غير مستجابة مرات كثيرة أو قد يكون اعتقادنا أن الله لم يستجب كما كنا نتوقع. لقد كانت الطلبة وفق مشيئة الله، وقد ألححنا في طلبها بإخلاص، ولا شك أنها كانت تمثل احتياجاً ضرورياً لنا، لكنه مع ذلك لم يستجب. أليس هذا عجيباً وغريباً؟!! إن كلمة الله تكشف لنا عن شيء مماثل حدث للرسول بولس حيث كان يتألم بقسوة من{شوكة في الجسد، ملاك الشيطان ليلطمني...}(2كو 7:12)، وفي فرط ألمه ومعاناته يقول:{تضرعتُ إلى الرب ثلاث مرات أن يفارقني}، غير أن الرب لم يستجب لبولس بالشكل الذي أراد به الرسول الاستجابة – بأن يرفع الشوكة أو يبعدها – ولكنه أعطاه قوة لتحملها{فقال لي تكفيك نعمتي لأن قوتي في الضعف تكمل}(2كو 9:12). وفي بعض الأحيان ولحكمة خاصة لدى الرب، ولتدريب روحي، لا يرفع الله عنا المشاكل أو المتاعب لكنه يمنحنا معونة وقوة تجعلنا قادرين على أن نهزمها بقوة ونواجهها بغلبة. ولهذا يسجل الرسول اختباره مع صلاته التي لم تستجب قائلاً:{فبكل سرور أفتخر بالحري في ضعفاتي لكي تحل عليّ قوة المسيح. لذلك أسر بالضعفات والشتائم والضرورات والاضطهادات والضيقات لأجل المسيح لأني حينما أنا ضعيف فحينئذ أنا قوي}(2كو 10:12، 11).

    اما السبب الرابع فهو:

  4. امتحان التمسك: يدخل أغلبنا في دوائر شك هائلة عندما يطول انتظارنا لاستجابة الصلاة. هذه الدوائر المهلكة يغذيها إبليس ويدعمها بكل قوة حتى يبعدك عن الله. ولا تندهش لأن بعض المؤمنين القريبين من الله يسقطون في نفس المأزق. فقد طال انتظار أيوب انتظاراً مؤلماً موجعاً، والإصحاح الحادي والثلاثون يشير إلى مدى التزام وتقوى أيوب في علاقته بالله. ألم يكن من الواجب على الله أن يستجيب له لأجل تقواه وتمسكه؟! وحينما دخل آساف نفس دائرة الشك في عدالة الله قال:{أما أنا فكادت تزل قدماي. لولا قليل لزلقت خطواتي. لأني غرت من المتكبرين إذ رأيت سلامة الأشرار... حقاً قد زكيت قلبي باطلاً وغسلت بالنقاوة يدي وكنت مصاباً اليوم كله وتأدبت كل صباح}(مز 2:73، 13، 14) غير أن كليهما وغيرهم من أتقياء أجيالهم وأتقياء أجيالنا يكتشفون بعد طول الانتظار – وسط قسوة الألم والظروف والشكوك الهائلة – أن الله يستجيب، ألم يرنم أيوب: {قد علمت أنك تستطيع كل شيء ولا يعسر عليك أمر. فمن ذا الذي يخفي القضاء بلا معرفة. ولكني قد نطقت بما لم أفهم بعجائب فوقي لم أعرفها... بسمع الأذن قد سمعت عنك والآن رأتك عيني}(أي 1:42 – 5). ألم يهتف آساف في ختام شكوكه قائلاً:{أما أنا فالاقتراب إلى الله حسن لي. جعلت بالسيد الرب ملجأي لأخبر بكل صنائعك}(مز 28:33).

صلي للرب بقلب نقي وضمير يقظ وتأكد بأن الله يسمع لك إن كانت صلاتك بحسب مشيته وطبعاً لكلامه.