العودة الى الصفحة السابقة
كيف أو ماذا نصلي؟

كيف أو ماذا نصلي؟

القس. جون نور


بعدما فرغ الرب يسوع من صلاته كما سجلها البشير لوقا قال واحد من تلاميذه: {يا رب علمنا أن نصلي كما علم يوحنا أيضاً تلاميذه} (لو 1:11). وبالرغم من أن الكتاب المقدس لا يقدم لنا أية إشارة أو توضيح عن الصلوات التي علّمها يوحنا لتلاميذه، إلا أنه من الواضح أن تلاميذ الرب يسوع المسيح كانوا ينتظرون أن يضع لهم السيد نمطاً مُرتباً، أو نموذجاً مُحدّداً لصلوات يتلونها في أوقات محددة، مرات مُعينة، على مدار اليوم.

كيف نصلي؟

توضح الصلوات المذكورة في الكتاب المقدس بعهديه أن صلواتنا الجهارية أو السرية يجب أن لا تخلو من هذه العناصر الأساسية:-

  • الحمد والتمجيد لله.

  • الشكر.

  • الاعتراف.

  • الطلب.

  • التشفع أو الصلاة لأجل الآخرين.

الحمد والتمجيد لله

لا شك ونحن ندرس هذه العناصر الأساسية المكونة لعنصر هام من عناصر العبادة فإننا لا نقدم وصفة أو نظام عبادة بدونه لا تصح الصلاة أو لا تُقبل، بل إننا نقدم العناصر الأكثر وضوحاً من غيرها في الكتاب المقدس والتي مارسها بوضوح وبتكرار أغلب أو كل أبناء الله المتعبدين له.

عندما نحمد الله ونمجده في صلواتنا فإننا نقول ببساطة لأنفسنا وللمحيطين بنا ولله (أنت أولاً وأنت قبل أي شيء). ومن أجمل الصلوات التي هتفت بها القديسة العذراء مريم عندما أدركت عظمة ما تحمل في أحشائها{تعظم نفسي الرب وتبتهج روحي بالله مخلصي}(لو 46:1، 47).

إن الله لا يحتاج لحمدنا وتمجيدنا، فهو أعظم وأكبر، لكنه ينشد دائماً أن نكون واعين ومدركين لوعينا وإدراكنا وفاهمين لماهيته (مَن هو؟).

كيف نحمد الرب في صلواتنا؟

يفيض بحر الكتاب المقدس بالإجابة عن هذا السؤال، وحتى تكون ممارستنا للعلاقة مع الله مبنية على أساس متين، فلا بد أن نتبع ما خطته لنا كلمة الله بالتزام دقيق:

إن صلواتنا كثيراً ما تخلو من الشكر لله على صنائعه العظيمة نحونا، ظناً منا أحياناً أن هذا هو واجب الله الطبيعة تجاهنا! أو من جانب آخر عدم إدراك لعطايا الله لنا. ومن الصعب أن نحول الشكر والعرفان إلى كلمات فقط؛ لأن العرفان بالجميل إحساس قلبي واتجاه فكري يحكم الحياة ويتخللها كلها. وهي تعبير صادق عن حياة إيمانية إيجابية عملية. يقول الرسول بولس:{لتسكن فيكم كلمة المسيح بغنى وأنتم بكل حكمة معلمون ومنذرون بعضكم بعضاً بمزامير وتسابيح وأغاني روحية بنعمة مترنمين في قلوبكم للرب. وكل ما عملتم بقول أو فعل فاعملوا الكل باسم الرب يسوع شاكرين الله والأب به} (كولوسي 16:3، 17). وفي حديثه للتسالونيكيين ينبر أيضاً على هذه الحقيقة قائلاً: {صلوا بلا انقطاع أشكروا في كل شيء. لأن هذه هي مشيئة الله في المسيح يسوع من جهتكم}(1تس 17:5، 18).

تقول القدة الأساسية إن الله محبة وكل تعاملاته معنا في حلوها ومرها مستوجبة الشكر؛ لأن الله إن جرح أو أن عصب فإن كل ما يصنع يصنعه لأجل خيرنا. ألم يعبر يوسف عن هذا في عبارة دقيقة لإخوته قائلاً:{أنتم قصدتم لي شراً. أما الله فقصد به خيراً لكي يفعل كما اليوم. ليحيي شعباً كثيراً} (تك 20:50). وهو ذات المعنى الذي قصده الوحي الإلهي على فم الرسول بولس حينما كتب لأهل رومية قائلاً: {ونحن نعلم أن كل الأشياء تعمل معاً للخير للذين يحبون الله الذين هم مدعوون حسب قصده} (رو 28:8).

لخص داود في المزمور المئة والثالث كل أسباب شكره لله في ترنيمة وصلاة جميلة ذكّر فيها نفسه قائلاً: {باركي يا نفسي الرب ولا تنسى كل حسناته} (مز 3:103)، ثم استمر يعدد بعد ذلك حسنات وصلاح ومحبة الله في تعاملاته مع خلائقه على الدوام.

إننا نتعامل مع إله يسمع ويُقدّر ويعرف. نحن لا نضارب الهواء ولا نتعامل مع أوثان لها آذان ولا تسمع ولها مناخر ولا تشم (مز 6:115). إننا نتعامل مع الإله القدير الذي إليه {في ضيقي صرخت فاستجاب لي} (مز 1:120). يقول المرنم: {أحببت لأن الرب يسمع صوت تضرعاتي.. ماذا أرد للرب من أجل كل حسناته لي.. فلك أذبح ذبيحة حمد وباسم الرب أدعو}(مز 1:116، 12، 17).

ولا شك أن الابن الرب يسوع قدم لنا أروع مثال في شكره للآب عند إقامة لعازر من الأموات {إذ رفع عينيه إلى فوق وقال أيها الآب أشكرك لأنك سمعت لي وأنا علمت أنك في كل حين تسمع لي}(يو 41:11، 42).

ما أجمل الوعد الذي قدمه الرسول بولس لنا حينما قال: {لا تهتموا بشيء بل في كل شيء بالصلاة والدعاء مع الشكر لتعلم طلباتكم لدى الله. وسلام الله الذي يفوق كل عقل يحفظ قلوبكم وأفكاركم في المسيح يسوع}(في 6:4، 7).