العودة الى الصفحة السابقة
لماذا نصلي

لماذا نصلي

جون نور


قال بولس الرسول في فيلبي 6:4: {لا تهتموا بشيء، بل في كل شيء بالصلاة والدعاء مع الشكر لتعلم طلباتكم لدى الله}.

أظن أنه من الواجب أن أقول باختصار وبوضوح أن {السلام وسكينة النفس ممكنان فقط لأولئك الذين لهم علاقة وثيقة بالله في شخص المسيح الذي هو رئيس السلام}. وكلمة الله واضحة وصريحة في هذا الخصوص: {ليس سلام قال الهي للأشرار} (إشعياء 21:57). ونقصد بالأشرار أولئك الذين أهملوا الإتيان إلى ابن الله بالإيمان، وذلك بعدم توبتهم عن الخطية. يقول الكتاب المقدس أنه ما لم نقبل الرب يسوع المسيح مخلصاً وفادياً فنحن أموات {بالذنوب والخطايا}. ولكون الإنسان ميتاً بالخطية فهو ميت عن الله وعن كل صفة ملازمة لطبيعته.

الحياة اتحاد مع الله، والموت انفصال عنه. ومن وجهة جسدية، فالحياة هي اتحاد الجسد بالشخصية الإنسانية. والحياة الروحية هي اتحاد الإنسان في هذه الحياة بالله بواسطة الرب يسوع المسيح، والحياة الأبدية مرادفة للحياة الروحية.

عندما تقبل الرب يسوع المسيح مخلصاً لك، فأنت لا تقبل فقط مفهوماً جديداً، أو عقيدة جديدة، أو قاعدة للحياة جديدة، بل شخصاً – وهو {المسيح فيك}(كو 27:1). بكلمة أخرى، أنت تقبل طبيعة جديدة.

الحياة الأبدية هي حياة الله في نفس المؤمن، وما نسميه موتاً طبيعياً لأولاد الله ليس سوى انتقال من حياة فانية إلى حياة أفضل باقية – انتقال من الزمن إلى الأبد، ومن المحدود إلى اللامحدود: وإذن فالإنسان الذي يقبل الحياة الروحية يقبلها نوعاً لا كمية، يقبلها هنا وفوراً، ويقبل معها كل الأشياء التي هي من نصيب المؤمن في السماء – كالشركة مع الله، والنعمة الإلهية، والانتصار على الخطية، والمحبة الفوطبيعية، والشوق والسلام الإلهيين.

الصلاة ركن أساسي للحمد والاتزان. والله يرينا ما يجب فعله لكي نحصل على هذه الغلبة. واستجابة منه للصلاة، فإنه يفتح لنا أبواباً بواسطة سكنى الروح القدس الذي يعيننا على إنجاز ما يجب علينا إنجازه، أعني حفظنا لوصاياه.

ثم أن الصلاة ترفعنا إلى الله، وتضعنا في جوه، وفي شركة وألفة معه. فهي تعني الاعتماد على الله، إذ من دونه لا نقدر أن نفعل شيئاً، أما به فنستطيع كل شيء. إن الله هو مصدر قوتنا، فقد قال الرسول بولس: {أستطيع كل شيء في المسيح الذي يقويني}{فيلبي 13:4). إذاً فالله هو منبع مواردنا. وقال بولس أيضاً: {فيملأ إلهي كل احتياجكم بحسب غناه في المجد في المسيح يسوع} (فيلبي 19:4). وقال الرب يسوع: {بدوني لا تقدرون أن تفعلوا شيئاً} (يوحنا 5:15). وبالعكس فإننا، بيسوع، نستطيع كل شيء. فالصلاة هي الوسيلة التي تصلنا بقدرة الله الذي به نقهر الضعف. فقط عندما نضع قوتنا جانباً، ونعتمد على قوة الله، يصبح الله قوة لنا.

الرب نفسه قوتنا، وعليه فلا تصل: اللهم، هبني قوة، لأنك بذلك تطلب أن يعطيك صفة خارجة عنه. بل صل: يا رب كن أنت قوتي. إن القوة التي تلألئ، النجوم وتروس الأعشاب، وتدفع الأمواج نحو الشاطئ، وهيأت للمخلص جسداً، وأقامته من الموت، وستغير أجسادنا في ساعة المجد، هذه القوة عينها هي القوة المتوفرة لكل مسيحي مطيع والممكنة فقط بالصلاة. وهي ممكنة ومتوفرة فقط للضعفاء، لا سيما وأن عون الله هو من حظ المعترفين بعجزهم وضعفهم.

إن كثيرين منا لا يصلون، ظناً منهم أنهم أقوياء جداً، فيتبجحون ويختالون بقوتهم الكاذبة في الوقت الذي يشعرون فيه بقلوبهم أنهم عاجزون ضعفاء.

إن القلق هو تعد على دائرة الله. فبدلاً من أن تكون ابناً، تنصب نفسك أباً لعائلة الله، وبدلاً من أن تكون عبداً، تجعل نفسك سيداً. وبدلاً من أن تطلب العون منه تعالى، فإنك تستند على قوتك الزائفة.

فالصلاة مقتدرة جداً في فعلها، من حيث أنها توفر لك الوقت، لأنها تكفيك بحسب أعمالك اليومية واتصالاتك الاجتماعية. وهي توفر لك الوقت أيضاً لأنها تكيف حياتك مع الناس الذين تعاشر. إنها تزودك بالحكمة التي تقودك إلى اتخاذ قرارات حازمة حاسمة. يقول يعقوب في رسالته 5:1 {وإنما إن كان أحدكم تعوزه حكمة، فليطلب من الله، الذي يعطي الجميع بسخاء ولا يعير، فسيعطي له.} وهذه الحكمة تؤدي بك إلى سلام الفكر بكل توكيد.

والصلاة مقتدرة جداً لأنها تجعلك على صلة بعقل لا محدود، وتطرد ضباب الجهل، وتنفي ظلام أحكامنا المدمرة للذات. ورجال الصلاة، بصرف النظر عن قصور تحصيلهم العلمي، يحصلون على بصيرة وفهم من الرب يسوع الذي هو {الحق}.

وكذلك فالصلاة مقتدرة في فعلها، لأنها تزودك بالنعمة الضرورية للقضاء على التشويش والأفكار السلبية والهموم التي تعذب النفس وتهدم الجسم.

ثم هي مقتدرة لأنها تولد الإيمان. والإيمان هو الدواء الناجع للقلق. فإن الإيمان يعمل على أساس الثقة بكلام شخص آخر. والإنسان المؤمن المخلص في حياة الصلاة يعمل بثقة تامة بكلمة الله. أي أنه يضع أمام الله جميع مشكلاته وما لديه من ممتلكات وإمكانيات. ويعمل بثقة بكلمة الله التي تعده بأنه – إذا تلذذ في الرب، فإن الرب يعطيه سؤل قلبه: هو يصلي والله يستجيب. والاستجابة نفسها تولد إيماناً أعظم مقروناً بميل أكثر شوقاً وجدية للعمل على أساس الثقة بكلام الله.

وقتما يكون الإنسان على علاقة بالله صحيحة. فإنه يحصل في داخله على كافة المقومات الضرورية التي تمده بالأمان والفرج والسلام بقطع النظر عن جميع الظروف الخارجية. وتبقى هذه العلاقة قائمة ما دام الإنسان يقضي وقتاً منظماً في حضرة الله.

إذن لماذا نصلي؟ إننا نصلي لأن الصلاة هو الوسيلة الوحيدة التي بها تسمح لله أن يمدك بالقوة حتى تستطيع أن تعيش لمجد اسمه حياة الانتصار على العالم والجسد والشيطان. نعم يجب أن تصلي لأن الصلاة تعبئ قوة الروح القدس لتتغلب على الضعف - ضعف الجسد وحتى القلق. لأنه عندما تكون أفكارك هي أفكار المسيح، فهي ليست أفكاراً مقلقة. صل إذن، لأنك بالصلاة تصبح ذا إمكانية عظيمة لتحول الهم والقلق إلى صلاة.