العودة الى الصفحة السابقة
الإيمان العامل

الإيمان العامل

جون نور


الإيمان هو أساس النجاح في عمل الله، والمؤمن الذي يقترب إلى الله بالإيمان لا بد أن ينال طلبته. إن عدم الإيمان عدو للمؤمن كما أنه عدو للخاطئ، لأنه يمنع البركة، فإننا نقرأ أنه في مكان ما لم يقدر يسوع له المجد أن يعمل معجزات كثيرة بسبب عدم الإيمان. وإنني متأكد أن بعض المؤمنين يعطلون عمل الله أكثر من الملحدين والمقاومين، كما إنني متأكد أيضاً أنه حيث يوجد اتحاد في الصلاة مقترناً بالإيمان القوي وانتظار تحقيق مواعيد الله فلا بد أن تحدث الأعمال العظيمة لمجد الله.

مكتوب عن الله أنه بدون إيمان لا يمكن إرضاؤه، إذ {ينبغي أن الذي يأتي إلى الله يؤمن بأنه موجود وأنه يجازي الذين يطلبونه}.

إنه وقت لطلب الله بالإيمان من كل القلب، وهذا ما حدث أيام إيليا عندما صلى من كل القلب إلى الله إذ نزلت النار وأكلت الذبيحة التي قدمها لله ، وبكل تأكيد فإن لنا الإله نفسه، ولنا الإيمان عينه، وما أضعف ما يظنه البعض من أن الإيمان قد شاخ في السن، وأن الكتاب المقدس لم تعد له القوة الأولى، لكن واضح أن الرب مستعد الآن أن ينهض عمله وأن يلهب العالم بناره المقدسة متى توفرت فينا بساطة الثقة وعمق الإيمان.

نقرأ في الإصحاح الحادي عشر من العبرانيين عن أبطال الإيمان الذين: {قهروا ممالك، صنعوا براً، نالوا مواعيد، سدوا أفواه أسود، أطفأوا قوة النار، نجوا من حد السيف، تقووا من ضعف، صاروا أشداء في الحرب، هزموا جيوش غرباء، أخذت نساء أمواتهن بقيامة}. بكل تأكيد لا يستطيع مؤمن أن يقرأ مثل هذه الكلمات إلا ويمتلئ قلبه بالغبطة والحماس. {أخذت نساء أمواتهن بقيامة}. لا شك أن لكل منا أبن، أو أخ، أو صديق ضل الطريق بعيداً في كورة الأموات بالذنوب والخطايا، فإذا كان لنا الإيمان الواثق بالله يمكن أن يقوم أمثال هؤلاء من الأموات ويخلصون من سلطان الخطية.

إننا نحتاج اليوم إلى إيمان أعمق مما كان في انبياء العهد القديم مثل، إبراهيم، الذين عاشوا قبل كفارة المسيح ، بينما نعيش نحن في إعلان الصليب وأمجاد القيامة. وحينما نتأمل فيما عمله المسيح لنا إذ بذل دمه لأجلنا فإن هذا يدفعنا لأن نتقوى في الإيمان حتى يعمل بنا الرب عملاً عجيباً مباركاً.

أرسل قائد المئة يطلب من يسوع أن يشفي غلامه، لا أن يتعب المعلم نفسه ويحضر إلى بيته، بل يقول كلمة فقط. إذ قد آمن أن يسوع له سلطان على البحر والأرض، يأمر فيصير، فهو قادر أيضاً أن يقول كلمة فيبرأ غلامه، عندئذ تعجب يسوع من هذا الإيمان.

ماذا نرى في حياة بعض المؤمنين اليوم؟. بين كل اثني عشر نرى عشرة يتطلعون إلى الجبابرة، وإلى الحصون، والصعوبات، وشعارهم نحن لا نستطيع أن نعمل شيئاً ما دام الشر منتشراً بهذه الصورة، ليتنا لا نصغي لأمثال هؤلاء في عدم إيمانهم، فنحن قادرون بقوة الإيمان أن نربح العالم للمسيح. ولنلاحظ أن الله يسر دائماً أن يبارك وأن يشجع هذا الإيمان. وسيكون من دواعي دهشتنا في الأبدية أن نرى شخصاً مختفياً، ربما امرأة فقيرة، أو رجل ملازم الفراش، امتلأ قلبه بالإيمان فكان سبباً في بركات غزيرة كان لها التأثير العميق والنتائج المباركة.

إن ما نحتاج إليه اليوم هو الشجاعة التي تدفعنا للأمام، إذ يوجد كثيرون لا عمل لهم إلا الاعتراض، وهم مستعدون أن يلقوا ماء بارداً على كل نار تلتهب لمجد الله.

لربما يثور عليك جارك، أو صديقك، حينما تذهب إليه مراراً لتحدثه عن خلاص نفسه، لكن من المؤكد أن الرب يبارك هذه الخدمة، كما أنه من الأفضل أن يتيقظ ضميره بهذه الطريقة من أن تتركه يستمر في غفلته ويذهب إلى الجحيم الأبدي.

الإيمان والشجاعة أفضل من أولئك الخائفين المتشككين. وهكذا لا شيء يعطل عمل الله ويضعف الشهادة أكثر من أولئك الذين لا هم لهم إلا الاعتراض وإثارة المخاوف والصعوبات. من الأفضل لعمل الله أن يتخلف إلى المؤخرة كل الخائفين والمترددين، وأن يتركوا المجال لأولئك المملوءين من الإيمان والشجاعة ليتقدموا لمواجهة العدو، عدو الخير إبليس، ولا شك أنهم ينتصرون، لا بقوتهم، بل بقوة رب الجنود.

لم أر في حياتي أن الرب يستخدم مؤمناً خائراً أو خائفاً لإتمام مقاصده ونجاح عمله. انظر إلى الفارق، حدثني أحدهم أنه يكرز بالمسيح منذ سنين عديدة دون ثمر، في كل مرة يذهب فيها إلى الكنيسة كان يتحدث إلى زوجته أن الشعب لا يصدق شيئاً مما يقوله، وبكل تأكيد لم تكن هناك بركة. بعد وقت أكتشف خطأه فطلب من الرب أن يساعده، ثم تشجع بالرب، وسرعان ما انحدرت البركات. حسب إيمانك يكون لك. إن ذلك الرجل لم ينتظر شيئاً، وبالتالي لم يحصل على شيء. ليتنا نصدق الرب، وننتظر أنه يستخدمنا فنتشجع ونتقدم ناظرين إلى الرب ليعمل بنا وفينا عملاً عجيباً.

يوجد فارق كبير بين إيليا على جبل الكرمل وبينه وهو جالس تحت الرتمة والتي ترمز إلى اليأس يطلب الموت لنفسه. في المرة الأولى كان بطلاً شجاعاً لم يقف أحد في طريقه، لكن لما خاف من إيزابيل وطلب الموت لنفسه لم يستخدمه الرب بل ناداه قائلاً: {مالك ههنا يا إيليا؟}. وهكذا كان الحال مع بطرس وهو ينكر المسيح أمام جارية خلافاً لموقف بطرس يوم الخمسين. لو كانت تلك الجارية تسمع كلمات بطرس يوم الخمسين لاندهشت وهي ترى بطرس يتكلم بكل شجاعة أمام الجميع، وربما كان بين الجمع من قتلوا سيده وفادية. نعم، لقد استعاد بطرس إيمانه وشجاعته لذلك استخدمه الرب بقوة. ليتنا نخرج من قلعة الشك، ونتقدم بشجاعة في اسم ربنا يسوع، منتظرين أن نرى نتائج مثمرة لخدمتنا.

صعد أحدهم على سلم الحريق لينقذ طفلاً في الدور الرابع، ولكنه كاد أن يفشل ويعود أدراجه لأن سحباً كثيفة من الدخان كانت تحيط به، فلما رأى الجمع المحتشد يهتفون له مشجعين استعاد ثقته وعاد بالطفل سالماً. إذا لم يكن في استطاعتك إنقاذ الهالكين فجدير بك أن تشجع العاملين على إنقاذهم.