العودة الى الصفحة السابقة
الصلاة هي من أعظم المواهب التي وهبها الله لنا

الصلاة هي من أعظم المواهب التي وهبها الله لنا

جون نور


الصلاة هي من أعظم المواهب التي وهبها الله لنا إن إمكانية أن نصلي تُذكرنا بأن الله قد أعطانا الإذن بالدخول في محضره. يا له من أمر لا يُصدق!! وهذا الإذن بالدخول في محضر الله كلف المسيح أن يُقدم نفسه ذبيحة من أجل غفران خطايانا، ومن أجل أن يُعطينا الثقة بالدخول إلى الأقداس (عبرانيين 19:10). فبدمه مهّد المسيح لنا طريقاً مباشراً إلى عرش أبونا السماوي الذي لم يكن في استطاعتنا أن نصل إليه حتى ذلك الوقت. فالصلاة هي الصاروخ الأسرع من الصوت الذي يحملنا إلى محضر الله.

إن هذا الطريق مفتوح للكل. ربما تكون شاباً مؤمناً أو يكن عمرك سبع سنوات، ربما تكون أصم أو أبكم. ربما تكون قد ارتكبت أنواع من الخطايا التي تعطي الله كل الحق أن يرفض الرد على صلواتك. ولكن الأمر العادي بالنسبة لنا هو أن الله سوف يسمع لنا. إنك لست في حاجة لأن تكون في مكان للعبادة . إنك لست في حاجة أن تكون في اجتماع صلاة. إنك لست في حاجة أن تمارس تكريس وصيام يومي، وإن كان هذا الأمر مطلوباً. فالله سوف يسمع لك في أي وقت وفي أي مكان. يا لها من هبة عظيمة! ولأن الصلاة هي هبة من الله، علينا أن ننمي هذه الهبة، وإلا فإننا سوف نختبر الإحباط الدائم في مسيرتنا مع الله.

عندما خلق الله أناس مؤهلين للصلاة، فإنني أتصور أنه فكر في نفسه قائلاً: "حسناً، هؤلاء الناس سوف يكون لديهم بكل تأكيد النشاط لكي يتصلوا بخالقهم في الصلاة. إنها فرصة لكي يتحدثوا معي!" ولكننا بدلاً من ذلك، فإننا جعلنا الصلاة عكس ما كان يتوقعه الله. إن إساءة استخدام الصلاة ليست مشكلة جديدة. فحتى الكنيسة الأولى كانت في حاجة إلى هذا التحذير: "تطلبون ولستم تأخذون، لأنكم تطلبون ردياً لكي تُنفقوا في لذّاتكم". (يعقوب 3:4). وترجمة أخرى لهذه الآية تقول: "تطلبون بطريقة خاطئة، أو لأغراض خاطئة، أو لدوافع أنانية وشريرة".

إن الصلاة كنشاط روحي تكون مثل ذلك، لأن الصلاة هي صلة حية مع شخص الله، الذي هو مصدر حياتنا، والذي يرغب في إنشاء علاقة حميمة معنا. هل الرب يسوع المسيح هو مجرد شخص عابر في طريقك؟.. لا، إنه يحيا داخلك طول الوقت.

لقد قرأنا كلنا الآية الموجودة في (تسالونيكي الأولى 17:5، "صلوا بلا انقطاع". ومعظمنا يكون عنده الانطباع أن هذا يكون أمر مستحيل تماماً، لذلك فإنهم يقولون أن معنى هذه الآية لا بد أن يكون، "صلوا فترة طويلة". ولكن الآية تقول: "صلوا بلا انقطاع". أي بلا توقف.

يجب علينا أن نصلي بلا انقطاع، كالحياة التي لا تتوقف إلا بالموت. إنك لو توقفت عن التنفس فإنك سوف تموت. لذلك فإنك عندما تتوقف عن الصلاة، فإنك سوف تموت روحياً. فالصلاة هي نوع من التنفس الروحي.

يعتقد كثير من الناس أن السير بالروح يكون أمراً مُعقداً، ولكنه ليس معقد البتة، ولا صعب البتة. فالسير بالروح هو أن تكون واعياً ومُدركاً أن المسيح داخلك باستمرار.

إنني أؤكد على كلمة باستمرار. كم عدد المرات التي نكون فيها واعين بحضور المسيح في خدمة العبادة. يقول البعض: "حقاً إنني أحسست بوجود الله في هذا الاجتماع، أو لقد كان الرب موجوداً هنا اليوم".

حسناً، أين كان المسيح قبل أن تحس بحضوره بوضوح؟ هل كان ينتظر ترانيمنا التي نرنمها بصوت عال لكي نوقظه؟.. لا، إننا نُحضر يسوع معنا، لأنه يسكن فينا. لذلك فإنه أمر غير عادي أن تشعر بوجوده أكثر أثناء تجمع المؤمنين معاً. إننا إذا تبنينا هذا الفكر، فإننا نربط الله بنشاطنا الروحي. فالمسيح لم يأت لكي تكون لنا أنشطة روحية مختلفة فحسب، إنه أتى لكي تكون لنا حياة، وحياة أفضل، وهذا يكون اختبار مستمر.

لنفرض أنني ذهبت إلى بيتك يوم الاثنين صباحاً. قرعت على الباب ولم يرد أحد. ثم قرعت مرة أخرى، ولا شيء. ناديت بأعلى صوتي: "هل هناك أحد موجود بالمنزل؟" ولم أتلق أي إجابة. ولكني سمعت ضوضاء في الداخل، فدخلت وقلت: هالو.. إزيكم". وأنت لا لم تُجب. لذلك فإنني ذهبت إلى المطبخ وإلى الحمام، وإلى غرفة النوم، وأنا أقول: "إنني أريد أن أتحدث إليك". ولكنني لم أجدك. ثم تعقبتك وذهبت إلى عملك في السوبر ماركت، ولكنك لم ترد عليّ أبداً لأنك مشغول جداً. واستمر هذا الحال يوم الاثنين والثلاثاء وباقي الأسبوع.

المسيح معنا دائماً. إن الحياة بالروح هي أن تكون في شركة دائمة مع الله. لماذا تنتظر اجتماع الصلاة التالي لكي تصلي، في حين أن الله معك ويتقابل معك حيث أنت؟ كان تلميذيّ عمواس (لوقا 24) يتحدثان عن المسيح وهما ذاهبان إلى قريتهما، وعندما ظهر لهما، لم يشعروا بوجوده معهما لأنهما لم يعرفاه. وعندما وصلوا أخيراً إلى القرية وجلسوا في منزلهما معاً، انفتحت أعينهما عندما كان الرب يسوع يكسر الخبز. لقد كانا مع الرب يسوع! وكان هذا أمراً يحتاج أن يعلناه بصوت عال للجميع، فيذهبوا بسرعة إلى أورشليم لكي يُخبروا الرسل.

إننا دائماً نكون مثل تلميذيّ عمواس. إننا نمشي في كل مكان مع ملك الملوك لأنه في داخلنا، وأحياناً نكون قريبين جداً منه لدرجة أننا نلمسه، ولكننا ننتظر باستخفاف حتى نذهب إلى اجتماع للصلاة والعبادة قبل أن نسمح لعيون قلوبنا أن تنفتح. فلأن المسيح معنا باستمرار، لذلك علينا أن نكون في شركة دائمة معه. في كل خطوة من الطريق المملوء بالغبار.

إن تخصيص أوقات خاصة للصلاة أمر طيب، ولكن هذا لا يكون أكثر من نوع من أنواع النشاط الذي أقوم به إذا كانت هذه هي شركتنا الوحيدة مع الله. إن جلسة الصلاة الشخصية يجب أن تأتي كنتيجة طبيعية لحياة الصلاة المستمرة التي نحياها ولرغبتنا أن نحيا مع الله بطريقة فيها أُلفة أكثر. إن تخصيص وقت منتظم للشركة مع الله هو بكل تأكيد أفضل من عدم وجود اتصال بالله بالمرة، وأفضل من أن تكون شركتك مع الله كل يوم أحد. ولكن هذه الجلسات اليومية للصلاة لا تُنتج ثمارها إلا إذا طوّرنا علاقتنا بالله واشتقنا أن نكون مع الله كل الوقت.