العودة الى الصفحة السابقة
نتائج عملية في الحياة

نتائج عملية في الحياة

جون نور


إن أردت أن ترى الجحيم عن قرب فما عليك إلا أن تذهب إلى بيت أحد السكيرين. هناك البؤس والشقاء، هناك العوز والمذلة، هناك الشقاق والخصام، هناك النكد والحزن، هناك الجحيم على الأرض. لكن أنصت قليلاً، فإن خطوات أقدام تقترب من الباب، وإذا بالأطفال كل منهم يجري ليخفي نفسه في ركن من أركان البيت، وإذا بالزوجة الصبورة وقد تصلبت عضلات وجهها استعداداً لما ستلقاه من رجلها - بل معذبها من تعنت وتعسف وإهانة. كم من مرة استمرت آثار ضرباته الوحشية واضحة في جسدها لعدة أسابيع متوالية؟. كم من مرة هوت تلك اليد القوية القاسية على رأسها بدون شفقة؟ والآن ها هي تنتظر وهي تتوقع أن تسمع صوته الأجش يلعن ويسب، وأن تقاسي من معاملاته الحيوانية بمثل ما اعتادت أن تقاسيه كل ليلة…

لكن يا للعجب!… ها الباب يفتح، بكل هدوء… وها الرجل يدخل، ولكن بكل اتضاع وانكسار… ولأول مرة منذ سنوات طويلة مضت، يتجه إلى زوجته ويتحدث معها بكل تواضع ولطف. وبدون صياح أو سباب، يقول لها: {لقد ذهبت إلى مكان العبادة ، وهناك سمعت أنه في إمكاني أن أتجدد لو أردت، وأنا أؤمن أن الله يستطيع أن يغيرني ويخلصني، بل لقد خلصني فعلاً}.

ولنذهب إلى ذلك المنزل بعد بضعة أسابيع: يا للتغيير!!.. عندما تقترب من الباب تسمع أصوات الترانيم الجميلة، والأطفال لم يعودوا يخافون أباهم بل يلتفون حوله ويتسابقون للجلوس على ركبتيه، والزوجة تجلس بجوار زوجها وأولادها ووجهها يشرق بالسعادة والبشر.

ما سر هذا التغيير العجيب؟ إنه النتيجة العملية لاختبار التجديد. وأنا أستطيع أن آخذك إلى مئات البيوت لترى التغيير الذي حدث فيها بعد تجديد أهلها. إن كل ما يحتاجه الناس لكي يعيشوا سعداء هو الحصول على القوة التي تهبهم النصرة على إغراء الخطية وسلطانها، وهذه القوة مقدمة لنا مجاناً في صليب المسيح.

إن الطريق الوحيد للدخول إلى ملكوت الله هو أن تولد فيه. إن قانون بلادنا يقضي بأن كل من يعطي لقب المواطن يجب أن يكون مولوداً في أرض الوطن، وأي غريب يأتي إلينا ليس من حقه أن يعترض على هذا القانون الذي لا يسمح له بأن يكون مواطناً له نفس جنسيتنا. والآن، أليس لله الحق أن يصدر قانوناً بأن كل الذين سيرثون الحياة الأبدية يجب أن يولدوا في ملكوته؟.

إن غير المتجدد يفضل أن يوجد في الجحيم وليس في السماء. خذ إنساناً من ذوي القلوب النجسة المليئة بالشر، وضعه في السماء مع القديسين المفديين بدم الحمل، فإنه سوف يطلب أن يخرج من هناك بأقصى سرعة. وبكل تأكيد إن كنا نريد أن نكون سعداء في السماء علينا أن نبدأ في الحياة في السماء هنا على الأرض. إن السماء مكان معد لأناس مستعدين. إذا أخذ مجدف أو مقامر من الأرض واجلس في السماء تحت ظلال شجرة الحياة، فإنه سوف يصرخ بأعلى صوته قائلاً: {لا أريد أن أبقى هنا}. ولو أخذ الناس إلى السماء كما هم بطبيعتهم الجسدية بدون أن تتجدد قلوبهم، فلن يحتملوا أن يبقوا هناك لحظات قليلة.

في الإصحاح الثالث من إنجيل يوحنا (عدد 14 و 15) نجد هذا القول: {وكما رفع موسى الحية في البرية هكذا ينبغي أن يرفع ابن الإنسان لكي لا يهلك كل من يؤمن به بل تكون له الحياة الأبدية}. دعني أخبرك يا من لم تخلص بعد أن الله قد عمل كل ما يمكن عمله لأجل خلاصك ولا ينتظر منه أن يفعل شيئاً أكثر. في (إش 4:5) يسأل الله هذا السؤال: {ماذا يصنع أيضاً لكرمي وأنا لم أصنعه له}؟. لقد أرسل أنبياءه فقتلوهم، ثم أرسل ابنه الوحيد فصلبوه، والآن ها هو يرسل الروح القدس ليبكت العالم على خطاياه ويعرفه طريق الخلاص منها.

كما رفع موسى الحية في البرية قديماً، هكذا رفع ابن الإنسان لتنظر إليه البشرية كلها، {لكي لا يهلك كل من يؤمن به بل تكون له الحياة الأبدية}، هذا هو الطريق البسيط الذي أعده الله لخلاص الإنسان من الخطية. البعض يعترضون قائلين إنهم لا ذنب لهم ليحملوا خطية إنسان عاش منذ ستة آلاف سنة، وهم يرون في تحملهم نتيجة خطية آدم منتهى عدم العدل، لكن أقول لك أيها العزيز إنك إن هلكت فلن يكون ذلك بسبب خطية آدم بل بسبب عنادك أنت.

وهكذا، إذا هلك أي إنسان في خطاياه فإن ذلك لن يكون بسبب خطية آدم بل بسبب رفضه للخلاص المقدم له. لا يوجد رجاء لأي إنسان يرفض خلاص الله لأنه {كيف ننجو نحن إن أهملنا خلاصاً هذا مقداره}؟! ليتك أيها المستمع العزيز تقبل ذلك الذي له وحده القوة أن يخلصك من كل خطية.

أنظر إلى الشعب القديم في البرية وتخيل المنظر. الكثيرون يموتون كل دقيقة ويدفنون في تلك الصحراء القاحلة. في كل مكان تسمع الصرخات الموجعة وترى الدموع الحارة تسيل على الخدود حزناً وألماً. الآلاف يبكون حزناً على الآلاف الذين أهلكتهم الحيات، وآلاف آخرون يموتون، والموت يجتاح الجميع في كل أنحاء المكان.