العودة الى الصفحة السابقة
صعوبات في طريق الإيمان

صعوبات في طريق الإيمان

جون نور


لا تستطيع الشكوك أن تزعجني، لأن الحق الذي آمنت به قد أجرى معي معجزة. فعن طريقه نلت حياة جديدة كنت أجهلها من قبل، وهذا هو أقوى برهان وأثبت دليل على حقيقة الإيمان.

قد يؤمن الإنسان لأول وهلة. لكن في أغلب الأحيان يكون الإيمان على مراحل. ففي البداءة ننتبه ثم نعتبر ثم نقتنع، ومتى إقتنعنا فحينئذ نؤمن. لكن إن وقفت أمامي صعوبات في طريق الإيمان، فماذا ينبغي أن أفعل؟؟ هل أقف جامداً أمام الباب المغلق، أم أحاول أن أتصرف بحسب ما يميله على عقلي وتفكيري؟؟.

نحن لا ننكر أن الإيمان بشخص المسيح هو عطية الله، لكنه أيضاُ نتيجة إقتناع العقل كما يقول الكتاب (الإيمان بالخبر والخبر بكلمة الله). فإذا أردت أن تؤمن بالرب يسوع ينبغي أن تسمع عنه، وتقرأ تاريخ حياته، وتفكر فيه، وتعرف الأمور المختصة به، وحينئذ تنبت في قلبك بذرة الإيمان كما تنبت حبة الحنطة بعد دفنها في التربة.

إذا أردت أن أثق بأحد الأطباء فيجب أن أجمع أولاً المعلومات فيما يختص بالشهادات التي حصل عليها، والدبلومات التي تشهد لعبقريته، والحالات المستعصية التي تمكن من معالجتها، والمرضى الذين نالوا الشفاء على يديه، ويستحسن أن أعرف شيئاً عن تاريخ حياته منه هو شخصياً. في الواقع أن المعرفة هي السبيل إلى الإيمان، وبقدر ما أعرف من معلومات، بقدر ما أستطيع أن أؤمن.

ينبغي أن تعرف الكثير عن شخص المسيح. مئات من الناس خلصوا حين أعلن لهم شخص المسيح بصورة واضحة محددة. وأكثر منهم الذين خلصوا نتيجة رسالة عن يسوع المصلوب. يوجد بعض الوعاظ لا يتحدثون عن الرب يسوع، أنصحك أن تبعد عنهم. إذهب إلى مكان العبادة لترى يسوع، وإن كنت لا تجده هناك فاذهب إلى إجتماع آخر يكرز فيه عن يسوع وحتماً سوف تجده هناك.

أكثر من القراءة عن يسوع. الكتب المقدسة هي المراعي الخضراء التي فيها تجد يسوع راعي الخراف. وكلمة الله هي النافذة التي نرى خلالها فادينا ومخلصنا. إقرأ قصة آلامه وموته بكل إعتبار وإهتمام، ولن يمض وقت طويل حتى يسطع نور الإيمان على قلبك، إن كان السمع والقراءة لا يقودانك إلى الإيمان، فعليك أن تصمم بعزم وطيد أن تؤمن مهما كلفك الأمر، وإن كنت لا تستطيع أن تؤمن فعليك أن تبحث عن السبب في عدم إيمانك. أبذل كل جهدك لكي تصل إلى حالة الإيمان. صل إلى الله لكي يساعدك ويظهر لك النور فتصل إلى حل نهائي في الموضوع. تأمل في شخصية المسيح، أليس هو جدير بكل ثقتك. تأمل في ما عمله لأجلك فهذا دليل على محبته لك. لقد أسلم لأجل خطاياك، وأقيم من أجل تبريرك، وهو حي في كل حين ليشفع فيك. أليست هذه كلها كافية لأن تدفعك للإيمان به والثقة فيه. إذاً فاصرخ إليه وسوف ترى أنه يسمعك ويجيبك. سمع أحدهم عن شخص مؤمن يحيا حياة القداسة، وأراد أن يتحقق من صحة الخبر، فذهب إليه في صورة شحاذ طالباً المبيت. وفي منتصف الليل سمع ذلك القديس وهو يسكب قلبه أمام الله ويصلي، وحينئذ صدق ما قيل له. إذا اردت أن تتعرف بيسوع إقترب منه ملبياً نداء محبته.

في بداية حياتي الروحية كنت أشعر أحياناً إنني بحاجة إلى بعض الأدلة التي تجعلني أؤمن بالرب يسوع، لكن الآن بعدما اختبرته وعرفته المعرفة الصحيحة، لست بحاجة إلى أي برهان يثبت لي محبته، وأصبح أمراً طبيعياً بالنسبة لي أن أؤمن به دون أي تردد أو أدنى شك. هذه هي الطبيعة الجديدة الظافرة التي لم تكن في من قبل. في البداءة يكون الإيمان هزيلاً ومتقلبا، لكنه إذ يمارس مرة ومرات وسط ظروف الحياة المختلفة، فإنه يتأصل ويصبح عادة عند الإنسان، فالممارسة وحدها هي التي تثبت الإيمان وتقويه.

أراد أحدهم أن يقوم بعمل صالح فبنى منارة لهداية السفن الضالة وسكن فيها هو وزوجته حتى يراقبا مصابيح المنارة فلا تنطفئ. ويوماً ما جاء سائح ليشاهد المنارة ولما أبصر أمواج البحر الهائجة وهي تضرب المنارة وتلاطمها، قال للزوجة (ألا تخافين على نفسك حين تهب العاصفة في المساء؟؟. إن تيار البحر الجارف يستطيع أن يحطم المنارة ويلاشيها.!! كيف تسمحون لأنفسكم بالسكن في مثل هذه المنارة وسط الأمواج الهائلة؟؟)

لكن السيدة أجابته بأن هذه الفكرة لم تخطر ببالها على الإطلاق، وأنها عاشت داخل المنارة سنوات طويلة حتى أنها تشعر بأن السكن داخل المنارة أكثر أمناً من السكن في المدينة.

وسأل السائح الرجل عما إذا كان يعتريه خوف حينما تهب الريح الشديدة، فأجاب (إنني لا أخاف سوى شيئاً واحداً، وهو أن الرياح تطفئ المصابيح فتصبح المنارة عديمة النفع بالنسبة للسفن الضالة التي تعذبها الأمواج. لم يكن مهتماً بالمنارة أو بحياته الشخصية لكنه إنشغل بحياة الآخرين وسلامتهم. هذه هي حالة المؤمن الواثق بالرب (إنني عالم بمن آمنت وموقن أنه قادر أن يحفظ وديعتي إلى ذلك اليوم) فيما بعد لا يجلب أحد علي أتعاباً لأني حامل في جسدي سمات الرب يسوع. إنه يحمل في نفسه براهين الحق الإلهي وقوة الروح القدس، ولا يحتاج إلى أي برهان آخر.

الإنجيل بالنسبة لي هو كل الحق. وإنني مستعد أن أموت إن لم يكن الإنجيل حقيقياً. إنني أخاطر بمصيري الأبدي على حساب حق الإنجيل، وأنا أعلم أنه لا يوجد فيها شيء من المخاطرة. إن هدفي الأوحد هو أن يظل النور مضيئاً حتى أساعد الآخرين على خلاص أنفسهم. فقط ليعطني الرب بحر الحياة المظلم المضطرب، وفي هذا كفايتي وسعادتي.

والآن أيها الباحث القلق، ما دام الأمر كذلك، وما دامت نفوس كثيرة من حولك قد وجدت سلامها الكامل وراحتها الأبدية في إنجيل المسيح، فلماذا تنتظر؟؟. لماذا تحرم نفسك من كل هذه البركات؟؟. لماذا لا تختبر قوة المسيح المخلصة؟؟. هيا تقدم للأمام.

الإنجيل هو أصدق ما كتب لأن الله هو الذي كتبه، آمن به. الرب يسوع هو المخلص الوحيد لأنه إبن الله، ثق فيه. الدم الكريم هو أقوى مطهر، إغتسل فيه. محبة الله هي أعظم محبة لأنها تنبع من قلبه الطاهر، إلتجئ إليها في الحال.

أجد نفسي مثقلاً أن ألح عليك لكي تقبل الإيمان، لكنني لا أستطيع أن أرغمك إن كنت لا تريد. أذكر أنه متى كشف الحق لإنسان ورفض أن يقبله فهذا يعني أنه مصمم على عدم الإيمان، وخطية عدم الإيمان مصيرها الجحيم الابدي (من لا يؤمن قد دين).