العودة الى الصفحة السابقة
ما معنى أن تؤمن بيسوع المسيح

ما معنى أن تؤمن بيسوع المسيح

جون نور


حين يطارد الصقر الحمامة لكي يقتنصها، تطير مسرعة نحو الشق الذي في الصخر، لأنها تعلم أنّه الملجأ الوحيد لها الذي يحميها من خصمها الكاسر. وبمجرد أن تختبئ فيه تطمئن، ولا تخشى من أي طائر مفترس. لكن إن لم تختبئ في الصخر، فإنها تصبح فريسة سهلة للعدو، والصخر يصبح عديم الفائدة بالنسبة لها. ينبغي أن تختفي الحمامة بجملتها داخل الصخر. عليها أن تدخل داخل المخبأ، وتدفن نفسها في الصخر، وإلا عرضت نفسها للهلاك.

إنها صورة مصغرة عن معنى الإيمان وحقيقته. إذ تبين لنا أن الإيمان معناه الالتجاء إلى المسيح والإحتماء في جروحه.

وكما أن الحمامة تختفى عن الأنظار، ولا يظهر إلا الصخر، هكذا تختفي النفس الخاطئة في جنب يسوع المطعون بعيداً عن سيف العدالة.

لكن البعض يؤجلون أمر إلتجائهم للرب يسوع يوماً بعد الآخر، فيكونون في خطر أن يموتوا في خطاياهم!!.

يخطئ بعض الناس إذ يفصلون شخص المسيح عن الكتاب المقدس. فهم يسمعون عن الخلاص، ويقرّون أنّه أمر كتابي، يتفق مع حالتهم، ولكنّهم لا يقومون بالتنفيذ، أو يعطون الإهتمام الكافي في أمر إيمانهم الشخصي بالمسيح الذي هو الشرط الأساسي للخلاص، إنّ سهولة الخلاص تجعل من يهمله بلا عذر. وإن كنت مستعداً أن تقوم بعمل عسير فمن باب أولى أن تعمل الشيء السهل. إنّ الإيمان هو أن تثق وتتكل على الرب يسوع، أو بمعنى آخر أن تكفّ عن الاعتماد على الذات، وأن تعتمد على الرب يسوع وحده. فأهم شيء هو أن تؤمن بشخص المسيح وتعترف به.

تذكر أنّه لا يوجد سوى باب واحد، قال يسوع {أنا هو الباب. إن دخل بي أحدٌ فيخلص} (يوحنا 9:10). وإن كنت لا تدخل منه، فستهلك حتماً في خطاياك. فالباب موجود، لكن ما لم تدخل منه فلن تستفيد شيئاً. إنه أمر هام جداً أن تطيع وصايا الكتاب المقدس. لا توجد قوة تستطيع أن تخلصك إن كنت لا تصغي لصوت الرب يسوع وتطيعه بإخلاص. إن مجرد التفكير والعزم لا يأتي بنتيجة. ينبغي أن تكون عملياً، وتؤمن بالفعل، وبدون الإيمان العامل لا تستطيع أن تحيا لله.

إنّ فكرة الخلاص مباركة جداً، لكنّها لا تنفعنا بشيء ما لم نؤمن إيماناً شخصياً بالرب يسوع نفسه. هل تستطيع الرسومات الهندسية للبيت أن تقيك من المطر والزوابع؟ وهل تغني عن بناء البيت؟ ما فائدة رسم الزي وتصميمه إن لم يوجد الثوب الذي يستر لابسه؟

هكذا الأمر بالنسبة للخلاص، ليس المهم هو فكرة الخلاص في حد ذاتها، لكنه في تنفيذ الفكرة بموت الرب يسوع لأجلنا، وقبولنا له كالفادي والمخلص.

في عهد موسى النبي، كان اليهودي يحضر الثور، ويضع عليه يديه، ولم يكن الأمر مجرد حلم أو نظرية أو فكرة، بل كان حقيقة عملية. لقد كان يكفّر عن نفسه بذبيحة تنوب عنه، وهو يراها، ويلمسها، ويمسكها بيديه.

وبنفس الكيفية ينبغي أن نتكل على ذبيحتنا الكفارية، شخص ربنا يسوع المسيح، وعلى عمله الكامل لأجلنا. فنحن نأتي إليه بالإيمان ونقول: لقد سُرّ الله بهذه الكفارة، وأنا أقبلها. أنا أؤمن بالعمل الذي أُكمل على الصليب، وأنّ الخطية قد طُرحت بعيداً عني عن طريق موت المسيح، وأنا أتكل عليه. إذا أردت أن تخلص فعليك ألا تقف عند حد قبول التعليم والعقائد، بل تتقدم لتحصل على الراحة في شخص الرب يسوع، وفي عمله الكامل على الصليب.

إنّ الرب يسوع يدعو جميع المتعبين والثقيلي الأحمال لكي يريحهم. فمجرد معرفتهم بهذه الراحة، أو اشتياقهم لنوالها، لا يريحهم. لكن ينبغي أن يأتوا ويلّبوا النداء {تعالوا}. وينبغي أن يأتوا إليه هو شخصياً، وليس إلى الكنيسة، أو إلى الفرائض والعقائد، أو أي شيء آخر. إنّ عليهم أن يأتوا إلى شخصه الكامل.

ينبغي أن نقبل الرب يسوع لأن كل الذين قبلوه أعطاهم سلطاناً أن يصيروا أولاد الله. هناك شرطان مهمان: ينبغي أن نقبل وأن نقبله هو. علينا أن نفتح الباب على مصراعيه ونقبل يسوع {لأن المسيح فيكم هو رجاء المجد} (كولوسي 27:1). ينبغي أن يكون المسيح بالنسبة لنا ليس مجرد حلم أو خيال، بل شخص حقيقي، وإله حقيقي، ويجب أن يكون قبولنا له ليس أمراً اضطرارياً، بل من كل القلب، وبكل فرح، وعن اقتناع كامل بأنّه المخلص الوحيد، والكل في الكل لنا.

ليتك تفعل نفس الشيء مع المسيح. أستودع نفسك له بإختيارك، وبدون شك. كن جريئاً وأترك كل رجاء آخر لأنه قادر أن يخلصك إلى التمام. إطرح نفسك عليه بكل بساطة، ولتمتلئ نفسك بالإيمان بالرب يسوع.

آمن به، وثق فيه، لأن الكتاب يقول (الذي يؤمن به لن يُخزى) 1 بط 6:2