العودة الى الصفحة السابقة
أعظم جريمة اقترفت في التاريخ البشري (الإنجيل بحسب البشير متى 37:27-66)

أعظم جريمة اقترفت في التاريخ البشري (الإنجيل بحسب البشير متى 37:27-66)

القس. جون نور


مسرح الجريمة كان خارج أسوار أورشليم. في ذلك المكان كانت تنفذ عادة أحكام الإعدام. اليهود يدعونه تل الجلجثة، باللغة العربية الجمجمة، لأنه يشبه الجمجمة؟ وهذا المكان يقع على الشارع الرئيسي الذي يؤدي إلى المدينة.

قبل سنوات عديدة في صباح أحد أيام الجمعة، أحضر جنود الرومان إلى هناك شاباً لكي يصلبوه. وكان في بداية الثلاثينات من عمره. وكان يتبعه هو والجنود جمهور غاضب من الناس المشاغبين، حناجرهم صارخة بكلمات مليئة بالحقد القاتل. صرخوا، استهزءوا، شتموا، وقذفوه بكلمات التحقير، خرجوا لسفك الدم – دم ذلك الشاب.

من كان هذا المعدود مجرماً؟ كان اسمه يسوع. ولد في بيت لحم، وتربى في الناصرة. تعلم النجارة من يوسف الذي تربى في بيته. ولكن عندما أصبح ابن ثلاثين سنة، ترك أدواته وخرج في حملة، بكل تكريس ونار حقيقية. وهنا بدأت المشكلة. التعاليم التي علمها والأمور التي أعلنها عن نفسه، وضعته في صدام مباشر مع القادة الدينيين. لقد قاموا بعدة محاولات فاشلة لقتله. وأخيراً بمساعدة يهوذا الخائن، أحد تلاميذ يسوع، ألقوا القبض عليه وسجنوه، وبعد محاكمة هزيلة، دفعوه إلى الرومان – لأنه لم يكن لليهود أي سلطة لتنفيذ أحكام الإعدام. وقد وجد الحاكم الروماني أنه «غير مذنب» ، ولكن الحاكم خضع لضغوط القادة اليهود، ودفعه إلى فرقة الإعدام. هذه اللمحة تعطيك مختصر حياة يسوع.

من هو هذا الرجل؟ ولماذا مات؟.-

هناك المزيد مما يجب أن تعرفه. لم يكن يسوع إنساناً فقط. لقد كان أكثر بكثير، يقول الكتاب المقدس: أنه كان إبن الله. كان إله الكون، يزور كوكبنا بجسد إنسان. لقد كان الشخص الذي خلق كل شيء، وهو الذي بكلمة قدرته يحفظه (يوحنا 10:1؛ كولوسي 17:1).

لقد أتى إلى هذا العالم ليخلصنا من خطايانا. أتى ليموت كبديل عنا، ليدفع العقاب الذي كان علينا دفعه. أتى لتدبير طريق بواسطته نستطيع قضاء الأبدية معه في السماء. ولكن الآن هم مستعدون لقتله.

على من يقع اللوم لموته ؟ من المؤكد أننا نستطيع إلقاء اللوم على القادة اليهود وجميع الشعب؛ لقد قالوا: «دمه علينا وعلى أولادنا» (متّى 25:27). يقع اللوم على السلطة الرومانية أيضاً، لأنهم هم الذين نفذوا عملية الموت. ولكننا لا نستطيع رؤية الصورة بكاملها إلا عندما ندرك أننا جميعاً مذنبون بقتله، لأن خطايانا هي التي سمرته على الصليب. مات من أجل خطايا جميع العالم (1 بطرس 18:3؛ 1 يوحنا 2:2).

أما الصلب ذاته فكان بهذه الطريقة. حالما وصلوا إلى موقع الجلجثة، وبعد الانتهاء من رفعه على الصليب، قدم الجند ليسوع خلاً ليشرب. وهذا الشراب يعطي للمحكومين ليساعدهم على تحمل الأوجاع. لم يرضى يسوع أن يشربه. لأن لديه عمل ليقوم به، وسوف لا يعمله بحالة نصف متخدر.

في الساعة التاسعة سمروه على الصليب، بيديه ورجليه، ثم رفعوا الصليب وثبتوه مسقطين إياه في حفرة في الأرض. أنه أمر يطير العقل – الخالق يموت على أيدي مخلوقاته التي عملها بيديه! ولكن هذا ما حصل. وهذا كان أعظم جرم قد إقُترف.

عند نهاية ساعات الظلام، صرخ يسوع بصوت عظيم، «الهي الهي لماذا تركتني؟» نحن نعرف الجواب، إن خطايانا وضعت على يسوع. بر وقداسة الله تطلبت أن تنال خطايانا عقابها. عندما رأى الله خطايانا على ابنه الحبيب، تركه. وهكذا دفع يسوع عقاب هذه الخطايا عنّا، لقد تُرك لكي لا نُترك نحن.

بعد ذلك صرخ يسوع، «أنا عطشان»، يمكننا أن نرى ذلك بطريقتين. أول شيء، فقد تحمل عطشاً جسمانياً شديداً بعد أن تعلق على الصليب ست ساعات على الأقل. ومن المحتمل أيضاً أنه كان يعبر عن عطشه الروحي لخلاص الإنسان، رجالاً ونساءً. وضع أحد الجنود إسفنجية مليئة بالخل على عصا، ورفعها إلى شفتي يسوع.

وحالما تذوّق الخل أعلن يسوع قد أُكمل!. فقد أنهى العمل الذي أرسله الله ليعمل. لقد دبّر طريقاً به يستطيع الله أن يخلص مذنب مثلي، لقد وفّى كل مطالب الله للتكفير عن خطايانا. ولأنه أكمل العمل، فلا يمكننا أن نضيف أو نزيد عليه، ولا نحتاج أن نفعل ذلك. كل ما علينا عمله هو أن نثق بالذي أنهى العمل.

أخيراً، صرخ المخلّص: «يا أبتاه في يديك استودع روحي». وحالما قال هذا، أسلم الروح، أي أنه مات. الشيء الجدير بالملاحظة هنا أنه كان مسيطراً على زمن موته. أما نحن فلا. إننا نموت عندما يأتي الوقت. أما هو فكان لديه سلطان أن يضع حياته (يوحنا 18:10).

كان أحد قاده جند الرومان لحظ أن شيئاً غير عادياً يحدث، فقال مُعلِقاً، «بالحقيقة كان هذا الإنسان باراً، أكيد أنه كان كذلك» (لوقا 47:23؛ مرقس 39:15).

باللحظة التي مات بها يسوع حصل أمران غريبان. الحجاب (الستار) الذي يفصل بين قسمي الهيكل في أورشليم قد انشق من أعلى إلى أسفل (وهذا درس يوضح أن الطريق إلى حضرة الله الآن أصبح مفتوحاً). حدثت أيضاً زلزلة عظيمة سببت فتح قبور كثيرة (وهذه إشارة أن المسيح قد كسر قوة الموت).

هذه ليست نهاية القصة. بعد ثلاثة أيام، قام يسوع من بين الأموات! وبعد أربعين يوماً رجع صاعداً إلى السماء هو جالس عن يمين الله. ملك ومخلص. أنه واقع تاريخي أن يسوع قام من بين الأموات. وبهذا نعرف أن المسيحية هي الإيمان الحقيقي. كل مؤسسي الديانات ميّتون وأجسادهم. وأن المسيح حي في السماء.

لقد كان أعظم جرم ارتكبه إنسان أن يصلب رب الحياة والمجد. ولكن الله غيّر ذلك لبركتنا الأبدية – إن كنت فقط تؤمن أن المسيح مات كبديل عنك تقبله في حياتك.