العودة الى الصفحة السابقة
لِماذا أنا مَوجود؟

لِماذا أنا مَوجود؟

القس. جون نور


لربما تساءلت يوماً

– لِماذا أعيش؟ هل توجد قيمة لِحياتي؟ ما هو الهَدف من حياتي؟

لماذا أعيش؟ إنه ليس بالطبع سؤالاً جديداً. فقد طرح منذ آلاف السنين. وقد سأله في الواقِع إرميا النبي 18:20، فهو يقول: «لماذا خرجت من الرحم؟ لأرى تعباً وحزناً فَتُفنى بالخزي أيّامي؟» ربما تكون قد مررت بأوقات في حياتك شعرت فيها أيضاً بمثل هذا الشعور. هل وُلدت لمجرّد الحصول على كل هذه المشاكِل؟ هل وُضعت على هذا الكَوكب كي أُصاب بِالحُزن، والاضطَرّاب؟ كتب أحدهم: «أتمنّى ألاّ تَكون الحَياة فُكاهة لأني لا أفهم القَصد مِنها».

المادِيّون في هذا العالم يقولون، «إن الحياة تتركزّ حول امتِلاك الأشياء». فإن حياتك تُقاس بكم الأشياء التي تمتلكها. أتعلمون ما هي المُشكِلة في ذَلِك؟ إنها تكمن في أن من يموت وهو يمتلك أكثر الأشياء لا يزال يُعتبر ميّتاً. وهكذا، فإن هذه الإجابة لَيست حَقّاً مُشبَعة.

حسناً، لماذا يُريدنا الله هنا؟ لماذا نعيش؟ لماذا نحن موجودون على هذا الكَوكب؟ هل هناك سبب لذلك؟ إن الكتاب المُقدّس يقول في أمثال 4:16، «الرب صنع الكل»، إن الكل هو لِغرضه. فإن الله لم يصنع أي شيء أبداً بلا قصد. كل صخرة لها قصد، كل نبتة لها قصد، كل حيوان له قصد ولو كنت حياً فلا بد أن يكون لحياتك قصد. لو كنت تريد أن تعرف إن كان الله لا يزال لديه هدف لحياتك فافحص قلبك. لو كان لا يزال ينبض، إذن لا زال الله لديه هدف لك هنا على الأرض. إن الله يقول أنه صنعك كي يُحبّك.

هل توجد قيمة لحياتي؟ لقد طرح أشعياء النبي هذا السؤال في إشعياء 49: 4أ. يقول، «أما أنا فقلت: عبثاً تعبت باطلاً وفارغاً أفنيت قُدرتي». لقد صُنعت من أجل معنى، ولو لم يكن لديك هدف ومعنى في حياتك ولست تعرف لماذا وضعك الله على هذا الكوكب، فلن يكون للحياة مِعنى.

لو أردتَ أن تَعرِف كم يهتمّ بك الله، أنظر معي إلى الآيتين التاليتين من الكِتاب المُقدّس. «هكذا يقول الرب صانعك وجابلك من الرحم مُعينك» (إشعياء 2:44). لَقد كان الله يهتم بك حتى في ذهنه عندما كان يُفكّر في أن يَخلقك. تقول الآية التالية: «رأت عَيناك (يَتحدّث عن الله) أعضائي، وفي سِفرك كُلّها كُتبِت يوم تَصوّرت، إذ لَم يَكُن واحِد مِنها» (مَزمور 16:139). إلى هذا الحَدّ يَهتمّ بِكَ الله. لقد انتبِه جِدّاً إلى حَياتِكَ حَتى أنه سجّل كُل تَفاصيلَكَ في سِفره قَبِل حَتى أن تأخذ أوّل أنفاسَك. إلى هذا الحَدّ يهتمّ بِكَ الله. هل توجد قيمة لك؟ - نعم. لقد صنعك. لقد صنعك لكي يُحبّك والكتاب المُقدّس يَقول إن لك قيمة. إنه يَرى كُل شَيء في حَياتَك، الصَالِح، والشرير وما بَينهما. إنك تَهمّه.

هل يلعب الله مَعنا؟ هل يُحاوِل الله عن عمد أن يُحيّرنا؟ هل يُبقينا في الظَلام حتى لا نعرف حقاً لماذا نحن هنا وما المعنى من حياتنا؟ هل تلك هي خِطّته؟- لا، ليست كذلك على الإطلاق. إن الله يُريدك أن تعرف كم تَهمّه. وهو يُريدك أن تعرف معنى الحياة. ويريدك أن تعرف مقاصده. وقد فعل الكثير كي يساعدك على تعلّم تلك الأمور. إن الله لَديه خِطَطاً طَويلة المَدى لَكَ. أنظر إلى الآية التالية: «أما مَقاصِد الرب فإلى (ماذا؟) الأبد تَثبت. أفكار قَلبِه (مَاذا؟) إلى دَور فَدور» (مَزمور 11:33).

إن الله يقول: «لدي خطط ومقاصد لحياتك لكنها لا تنتهي عند موتك». لأنك عندما تموت، سوف يتوقّف قلبك عن النبض وتلك تكون نهاية جسدك، لكنها ليست نهايتك. أنك أكثر جداً من مجرد جسد. لقد صُنعت لكي تحيا إلى الأبد. إن الكتاب المقدس يقول ذلك في مزمور 11:33: «أفكار قلبه إلى دور فدور» (أكتب ذلك). إن الله يقول: «لقد صُنعت لكي تبقى إلى الأبد». لقد صُنعت لكي أكون محبوباً من الله، وصُنعت لكي أبقى إلى الأبد. هذه الحياة ليست كل ما في الأمر. إن إحدى أكبر الطرق التي تُضيّع بها حياتك هي الاعتقاد بأن كل ما في الأمر هو هنا والآن. فقد تتمكّن من العيش 60، أو 70، أو 80، أو حتى 90 عاماً على هذا الجانب. لكن تلك ليست سوى نقطة في محيط بالمقارنة مع الأبدية. إن الوقت الذي تقضيه على الأرض ليس طويلاً جداً في الحقيقة. إنه يشبه خطاً ترسمه مثل خط الاستواء. أول مليمتر من هذا الخط لا يعادل حتى مدى صغر حياتك بالمقارنة بالوقت الذي ستقضيه في الأبدية. لقد صُنعت من أجل الأبدية وما الحياة سوى إستعداد للأبدية.

لماذا أعيش؟ «لقد صنعتك لكي أحبك، لذلك أنت حيّ» هل توجد قيمة لحياتي؟ يقول الله، نعم أنت مهم. أنت هام جداً بالنسبة لي حتى أنني أنوي الاحتفاظ بك حياً طوال الأبدية. سوف تظل موجوداً لمدة طويلة جداً جداً.

ما هو الهدف من حياتي؟ لماذا أنا موجود هُنا على الأرض؟ طرح داود السؤال «لماذا خلقتنا؟».

لو أردت أن تتعرف على قصد الله من حياتك، فلا بد أن تتعرف على الله. فإن الأمر بهذه البساطة.