العودة الى الصفحة السابقة
لماذا نصلي؟

لماذا نصلي؟

القس. جون نور


قال بولس الرسول في فيلبي 6:4: «لا تهتموا بشيء، بل في كل شيء بالصلاة والدعاء مع الشكر، لتعلم طلباتكم لدى الله».

إن «السلام وسكينة النفس ممكنان فقط لأولئك الذين لهم علاقة وثيقة بالله في شخص المسيح الذي هو رئيس السلام». وكلمة الله واضحة وصريحة في هذا الخصوص: «ليس سلام قال الهي، للأشرار» (إشعياء 21:57). ونقصد بالأشرار أولئك الذين أهملوا الإتيان إلى إبن الله بالإيمان، وذلك بعدم توبتهم عن الخطية. يقول الكتاب المقدس أنه ما لم نقبل الرب يسوع المسيح مخلصاً وفادياً فنحن أموات «بالذنوب والخطايا». ولكون الإنسان ميتاً بالخطية فهو ميت عن الله وعن كل صفة ملازمة لطبيعته.

لا يستطيع الإنسان غير المؤمن أن ينعم بهذا السلام التام، لأنه لا يقدر أن يصلي باعتبار أن الله لا يصغي إليه. لأن هذا الامتياز العظيم – امتياز الصلاة – ليس لغير المؤمنين، ذلك لأن الطريق الوحيد للوصول إلى الله هو الرب يسوع. الذي قال: «أنا هو الطريق والحق والحياة. ليس أحد يأتي إلى الآب إلا بي» (يوحنا 6:14).

الصلاة أمر خاص بالأسرة – إنها علاقة بين الله الآب وأولاده المؤمنين به، أو المولودين ثانية. إنها ركن أساسي لأنها تزودك بالديناميكية الإلهية التي بها تستطيع أن تتقن جميع العمليات التي تؤدي بك إلى الغلبة على الهم والغم.

والصلاة ركن أساسي للحمد والاتزان. والله يرينا ما يجب فعله لكي نحصل على هذه الغلبة. واستجابة منه للصلاة، فإنه يفتح لنا أبواباً بواسطة سكنى الروح القدس الذي يعيننا على إنجاز ما يجب علينا إنجازه، أعني حفظنا لوصاياه.

ثم أن الصلاة ترفعنا إلى الله، وتضعنا في جوه، وفي شركة وألفة معه. فهي تعني الاعتماد على الله، إذ من دونه لا نقدر أن نفعل شيئاً، أما به فنستطيع كل شيء. إن الله هو مصدر قوتنا، فقد قال الرسول بولس: «أستطيع كل شيء في المسيح الذي يقويني» (فيلبي 13:4). إذاً فالله هو منبع مواردنا. وقال بولس أيضاً: «فيملأ إلهي كل احتياجكم بحسب غناه في المجد في المسيح يسوع» (فيلبي 19:4). وقال الرب يسوع: «بدوني لا تقدرون أن تفعلوا شيئاً» (يوحنا 5:51). وبالعكس فإننا بيسوع، نستطيع كل شيء. فالصلاة هي الوسيلة التي تصلنا بقدرة الله الذي به نقهر الضعف. فقط عندما نضع قوتنا جانباً، ونعتمد على قوة الله، يصبح الله قوة لنا.

إن كثيرين منا لا يصلون، ظناً منهم أنهم أقوياء جداً، فيتبجحون ويختالون بوقتهم الكاذبة في الوقت الذي يشعرون فيه بقلوبهم أنهم عاجزون ضعفاء.

إن القلق هو تعد على دائرة الله. فبدلاً من أن تكون ابناً، تنصب نفسك أباً لعائلة الله، وبدلاً من أن تكون عبداً، تجعل نفسك سيداً. وبدلاً من أن تطلب العون منه تعالى، فإنك تستند على قوتك الزائفة.

أساس الصلاة هو حاجة الإنسان ومقدرة الله على سد تلك الحاجة. فحين يصلي أحدنا جدياً فإنه يعترف بعجزه التام ويطرح نفسه كلياً على الله. إنه يفرح في الرب، وبالتالي يعطيه تعالى سؤل قلبه.

فالصلاة مقتدرة جداً في فعلها، من حيث أنها توفر لك الوقت، لأنها تكفيك بحسب أعمالك اليومية واتصالاتك الاجتماعية. وهي توفر لك الوقت أيضاً لأنها تكيف حياتك مع الناس الذين تعاشر. إنها تزودك بالحكمة التي تقودك إلى اتخاذ قرارات حازمة حاسمة. يقول يعقوب في رسالته 5:1 «وإنما إن كان أحدكم تعوزه حكمة، فليطلب من الله الذي يعطي الجميع بسخاء ولا يعير، فسيعطى له». وهذه الحكمة تؤدي بك إلى سلام الفكر بكل توكيد.

والصلاة مقتدرة جداً لأنها تجعلك على صلة بعقل لا محدود، وتطرد ضباب الجهل، وتنفي ظلام أحكامنا المدمرة للذات. ورجال الصلاة، بصرف النظر عن قصور تحصيلهم العلمي، يحصلون على بصيرة وفهم من الرب يسوع الذي هو «الحق».

وكذلك فالصلاة مقتدرة في فعلها، لأنها تزودك بالنعمة الضرورية للقضاء على التشويش والأفكار السلبية والهموم التي تعذب النفس وتهدم الجسم.

الصلاة مقتدرة في فعلها لأنها تحشد القوى الإلهية وتمكنك من إنجاز جميع المسؤوليات التي أعطاها الله. هكذا كان يفعل الرب أثناء وجوده على هذه الأرض، إذ كان يصلي قبل الشروع بأي عمل عظيم. وأيضاً الصلاة مقتدرة لأنها تقودنا إلى تصحيح جميع الظروف والمناسبات التي تستنفذ وقتناً وتكتنف حياتنا بالغم والكدر. وهي مقتدرة وفعالة لأنها تؤدي إلى التوافق والانسجام. نقرأ في أعمال 44:2 «وجميع الذين آمنوا كانوا معاً، وكان عندهم كل شيء مشتركاً».

والصلاة مقتدرة لأنها تؤدي بنا إلى الاطمئنان الداخلي. ومن يصرف وقتاً منظماً في الصلاة يقدر أن يعرف، في قرارة نفسه، أن كلمة الله حق، خاصة وأنه يؤكد لنا: «لا أهملك لا أتركك» (عبرانيين 5:13).

وقتما يكون الإنسان على علاقة بالله صحيحة. فإنه يحصل في داخله على كافة المقومات الضرورية التي تمده بالأمان والفرج والسلام بقطع النظر عن جميع الظروف الخارجية. وتبقى هذه العلاقة قائمة ما دام الإنسان يقضي وقتاً منظماً في حضرة الله.

إذن لماذا نصلي؟ إننا نصلي لأن الصلاة هي الوسيلة الوحيدة التي بها تسمح لله أن يمدك بالقوة حتى تستطيع أن تعيش لمجد اسمه حياة الانتصار على العالم والجسد والشيطان. نعم يجب أن تصلي لأن الصلاة تعبئ قوة الروح القدس لتتغلب على الضعف - ضعف الجسد وحتى القلق. لأنه عندما تكون أفكارك هي أفكار المسيح، فهي ليست أفكاراً مقلقة. صل إذن، لأنك بالصلاة تصبح ذا إمكانية عظيمة لتحول الهم والقلق إلى صلاة.