العودة الى الصفحة السابقة
يسوع المسيح مركز المسيحية

يسوع المسيح مركز المسيحية

جون نور


ليست المسيحية كما يعتقد البعض مجموعة من القواعد أو نظاماً عقائدياً ، وذلك خلافاً لمفهوم معظم الناس عن الدين. لكن المسيحية في مفهوم بسيط هي أن يعرف الإنسان يسوع المسيح ومن ثم يحبه ويطيعه. فهو بالذات مركز المسيحية.

فمن كان المسيح إذاً؟

صرخ بعضهم بحماس {إنه مجنون يدعى بأنه الله}.

وعلق آخرون بعد تفكير عميق {أنه نبي ينبغي أن نتبع تعاليمه}.

وربما كان تخمين بعض الحالمين {أنه فيلسوف يسدي النصح العملي بشأن طريقة للحياة سوف تُحدث ثورة في العالم}.

فمن هو؟ مع أن الاقتباسات التالية مأخوذة عن أشخاص غير مؤمنين او مسيحيين ، لكن كلماتهم تظهر كيف لقي المسيحُ الإعجابَ، باعتباره المثال المصغر للصلاح الإنساني، من قبل أشخاص كثيرين لم يقبلوا مطالبه السامية.

كتب الفيلسوف جون ستيوارت ميل:

{نلاحظ في حياة يسوع وأقواله طابعاً من الأصالة الشخصية يقترن بعمق البصيرة، وهذا ما يضع نبي الناصرة، حتى بحسب تقدير أولئك الذين لا يؤمنون بوحيه، في أسمى مرتبة بين الرجال الذين بلغوا أوج العبقرية والذين يفتخر بهم جنسنا. وعندما تقترن هذه العبقرية المتفوقة بصفات أعظم مصلح أخلاقي على الأرجح، عاش على هذه الأرض واستشهد في سبيل بعثته، فلا يمكن أن يقال بأن الدين أخطأ باختيار هذا الإنسان ليكون ممثل الإنسانية النموذجي ومرشدها. ولن يكون من السهل الآن حتى على شخص غير مؤمن أن يجد ترجمة أفضل لقانون الفضيلة، تنقله من المجرد إلى المحسوس، من الترجمة التي تتمثل في الجهد الذي نبذله كي نحيا حياة ترضي المسيح}.

فمن هو المسيح؟

يجيب المسيحي فوراً{هو الله – الله الذي صار إنساناً}.

أما جواب الكتاب المقدس عن من هو المسيح فهو كما يلي:

الذي إذ كان في صورة الله، لم يحسب خلسة أن يكون معادلاً لله، لكنه أخلى نفسه آخذاً صورة عبد صائراً في شبة الناس. وإذ وجد في الهيئة كإنسان وضع نفسه وأطاع حتى الموت موت الصليب. لذلك رفعه الله أيضاً وأعطاه اسماً فوق كل اسم لكي تجثو باسم يسوع كل ركبة ممن في السماء ومن على الأرض ومن تحت الأرض، ويعترف كل لسان أن يسوع المسيح هو الرب لمجد الله الآب .

فيسوع المسيح هو الله الكائن منذ الأزل. إلا أنه بتاريخ معين أتخذ جسداً بشرياً وَوُلد من مريم العذراء بقدرة الله. وعاش حياة خالية من الخطيئة، انتهت فجأة عندما صلبه أعداؤه. وبعد دفنه بثلاثة أيام عاد إلى الحياة ثانية. وبعد أربعين يوماً أُصعد إلى السماء.

هذه هي الأحداث الأساسية في حياة المسيح. فهل تنسجم مع الوقائع التاريخية؟ لا ينفرد الكتاب المقدس في الشهادة على أن يسوع عاش فعلاً، ومات بيد بيلاطس البنطي، بل تشهد على ذلك أيضاً المصادر العلمانية.

قال يوسيفوس المؤرخ غير المسيحي، ما يلي:

{وفي ذلك الحين عاش يسوع، الرجل الحكيم، هذا إن جازت تسميته إنساناً. لأنه كان صانع عجائب، ومعلماً لرجال يكفي أن يقال عنهم أنهم يتقبلون الحق بسرور. وكيف لا يكون كذلك وهو المسيح الموعود. وعندما حكم عليه بيلاطس بالصلب، بناء على اقتراح رؤسائنا، لم يتركه الذين أحبوه منذ البداية لأنه ظهر لهم حيا من جديد في اليوم الثالث. وذلك وفق ما أنبأ به أنبياء الله إلى جانب آلاف الحوادث العجيبة المتعلقة به. وما زالت قبيلة المسيحيين المسماة باسمه باقية حتى الآن}.

وكتب بليني، مراسل الإمبراطور تراجان، عن المسيحيين ما يلي:

{مهما يكن من أمر فقد اقروا بأن كل ذنبهم أو خطئهم هو أنهم كانوا يجتمعون بصورة دورية في يوم محدد قبل الفجر ويرنمون ترانيم معينة للمسيح، بصفته إلهاً، كما إنهم التزموا بموجب قَسَم جليل بأن يمتنعوا عن القيام بأي عمل شرير وأن لا يرتكبوا أي شكل من أشكال الخداع أو السرقة أو الزنى، وأن لا يحرِّفوا كلامهم وأن لا ينكروا أمانة إذا طُلب منهم تسليمها}.

وهكذا نجد أن المؤرخين العلمانيين، المعادين للمسيحية، يقيمون الدليل على أن حياة يسوع المسيح وتنفيذ حكم الموت فيه حقيقة لا مراء فيها.

هل كان كذاباً متعمدا؟ لم يقترح هذه الفكرة حتى أشد الباحثين مناهضة للمسيحية. إن نقاوة سيرة يسوع والإخلاص الواضح في تعاليمه وكرهه الشديد للرياء يكذّب مثل هذه التهمة. كما أن المستوى الرفيع للحياة الذي أخذه عنه أتباعه يحول دون وجود هذه الإمكانية.

هل كان مضطرب العقل؟ هنا أيضاً نجد بعضاً من أعظم الباحثين ثقافة ونقداً على مر العصور يقدمون الإجلال للمسيح باعتباره المثل الأسمى للحياة الفاضلة. وليس في حياته ما يبرر أقل تبرير تهمة كهذه.

هذا هو المسيح الذي نومن به نحن معشر المسيحيين. الإله الذي اتخذ جسد بشر مثلنا مجربا في كل شيء ماعدا الخطية، لكي يعرف طبيعتنا البشرية ويكون قادرا أن يشفع فينا لأنه يعرف جبلتنا ويعرف إننا من تراب، اقترب إليه الآن واعلم انه قادر أن يرثي لضعفاتك وقادر أيضا أن يغير حياتك ويعطيك حياة جديدة تحياها من اجل اسمه. خذ قرارك الآن والرب يباركك.