العودة الى الصفحة السابقة
قلب الأمر

قلب الأمر

القس. جون نور


تتكون التربة الجيدة التي يزرع فيها الله بذوره من هؤلاء الذين: «يسمعون الكلمة فيحفظونها في قلب جيد صالح ويثمرون بالصبر»، هناك الكثير من التعاليم التي قالها يسوع عن القلب، والتي تحمل أهمية خاصة فيما يتعلق بالأثمار في صلاتنا. يقول يسوع:«لأنه ما من شجرة جيدة تثمر ثمراً ردياً. ولا شجرة ردية تثمر ثمراً جيداً. لأن كل شجرة تعرف من ثمرها. فإنهم لا يجتنون من الشوك تيناً ولا يقطفون من العليق عنباً» (لو 43:6 – 44).

إذا أردت أن ترى ثماراً جيدة يجب أن تهتم بصحة الشجرة، فما من جدوى من التطلع إلى أفضل أنواع الثمار إذا كانت الشجرة ردية، يقول يسوع إن الشجرة هي القلب. «الإنسان الصالح من كنز قلبه الصالح يخرج الصلاح. والإنسان الشرير من كنز قلبه الشرير يخرج الشر. فإنه من فضلة القلب يتكلم فمه» (آية 45).

يريدنا الآب السماوي أن نمتلك قلباً محباً ومطيعاً، فيكمل يسوع حديثه قائلاً: «ولماذا تدعونني يا رب يا رب وأنتم لا تفعلون ما أقوله» (آية 46).

تقول كلمة الله على لسان رسوله بولس في رسالته إلى أهل كورنثوس : «إن كان لي كل الإيمان حتى أنقل الجبال ولكن ليس لي محبة فلست شيئاً. وإن أطعمت كل أموالي ... وإن سلمت جسدي حتى احترق ولكن ليس لي محبة فلست شيئاً» (1 كو 2:13 – 3).

لن ننتفع أي شيء من إيماننا وعطائنا إن لم تكن لنا محبة، فبولس لا يضع أمامنا بدائل: فإما أن تحب وإما أن تؤمن وتعطي، فيجب علينا أن نحب ونؤمن ونعطي، فالإيمان والعطاء بدون محبة «ليس شيئاً»، ولن ينتج عنه الحصول على أي شيء.

يقول يسوع: «إن كنتم تحبونني فاحفظوا وصاياي» (يو 15:14)، حينئذ تطيعونني؟ «إن حفظتم وصاياي تثبتون في محبتي كما أني أنا قد حفظت وصايا أبي وأثبت في محبته» (يو 10:15).

لقد وضع الله منابع حبه في داخلنا، بقوة روحه القدوس، ولن ننتفع شيئاً إذا امتلكنا حبه دون أن نطلقه في حياتنا ودون أن نقدمه للآخرين.

وقف يسوع ونادى قائلاً إن عطش أحد فليقبل إليّ ويشرب. من آمن بي كما يقول الكتاب تجري من بطنه أنهار ماء حي. قال هذا عن الروح الذي كان المؤمنون به مزمعين أن يقبلوه (يو 37:7 – 39).

الله يريد لنهر حبه أن يتدفق من قلوبنا ومن أعماقنا معبراً عن عطائنا لبعضنا البعض.

الله يريد لنهر التسبيح والعبادة أن يتدفق من أعماقنا، وهذا يمكن أن يكون نهراً يجري بهدوء ويمكن أن يكون نهراً صاخباً أو سريعاً، ولكن الله يريده أن يكون نهراً كاملاً معبراً عن حبنا له.

الله يريد لنهر الفرح أن يتدفق في داخلنا حتى في أوقات التجارب لأننا نعلم حب أبينا واهتمامه وأمانته.

الله يريد لنهر السلام أن يتدفق في أعماقنا حتى لا نخاف ولا نقلق بل نثق فيه ونستريح.

الله يريد لنهر القوة أن يتدفق في داخلنا في كل موقف حتى لا ننهزم ولكن نتعلم أن نستخدم موارده.

الله يريد لنهر الإيمان أن يتدفق في قلوبنا مؤمنا به لأنه يستطيع أن يتحكم في كل شيء بسبب حبه.

الله يريد لنهر الشفاء أن يتدفق في حياتنا حتى يكون لنا جسد وذهن وروح صحيحة.

الله يريد لأنهار الحياة أن تتدفق في داخلنا ومنا وحولنا حتى يتأثر الآخرون بنا:

قال يسوع: «ومتى وقفتم تصلون فاغفروا إن كان لكم على أحد شيء لكي يغفر لكم أيضاً أبوكم الذي في السماوات زلاتكم» (مر 24:11).

«فإن قدمت قربانك إلى المذبح وهناك تذكرت أن لأخيك شيئاً عليك. فاترك هناك قربانك قدام المذبح واذهب أولاً اصطلح مع أخيك. وحينئذ تعال وقدم قربانك» (مت 23:5 – 24).

وربما تكون مثلي ترغب دائماً في أن تكون استجابة الله لصلاتك صاروخية، ولكن الاستجابات التي تأتي بسرعة (السلحفاة) ثمينة للغاية ليس لأن الله يبني بها إيمانك عندما تستمر في ثقتك به ولكن لأن الله يستخدمها كفرصة ليخرج بها الكثير من الأمور المختفية في حياتنا إلى النور.

يعد عدم الإيمان السبب وراء كل الصلوات التي تبدو وأنها غير قوية وغير مثمرة، فنقص حبنا لله أو للآخرين له نفس تأثير عدم الإيمان.

إن الذي يخرج من الإنسان ذلك ينجس الإنسان. لأنه من الداخل من قلوب الناس تخرج الأفكار الشريرة زنى فسق قتل سرقة طمع خبث مكر عهارة عين شريرة تجديف كبرياء جهل. جميع هذه الشرور تخرج من الداخل (مر 20:7 – 23).

أحفظ قلب العهد الجديد الذي أنت فيه نقياً أمام الله حتى تنساب الأنهارُ الحية في حياتك ولا تعاق، وحينئذ يثمر الله فيك الثمار التي يريد أن يراها والمحبة فوق الكل والإيمان الذي هو عمل الروح القدس في داخلك، تعال مرة أخرى إلى الصليب واختبر محبة أبيك وَرَحَمتهُ وغفرانه، وأعلم أنه هو الذي يمدك بالنعمة التي تجعلك تصل إلى الآخرين بالمحبة والخدمة والحنان وإعطائهم نفسك طواعية وبفرح من أجل رغبتك في أن تسره وتنشر ملكوته في كل الأرض.

(إن كنا نحب بعضنا بعضاً فالله يسكن فينا ومحبته كاملة نحونا).