العودة الى الصفحة السابقة
مصيدة الإغراء

مصيدة الإغراء

القس. جون نور


(سفر التكوين 41:39)

التآمر، الاغواء ، الفضيحة والإغراء كل هذه منسوجةً معاً في قصة يوسف.

لقد كان يوسف الابن المفضل عند أبيه يعقوب – طويل، اسمر وجميل – باعة اخوته الحاسدون إلى مصر. حيث اصبح عبداً، يعمل عند رجل ذات نفوذ اسمه فوطيفار، هذا الرجل كان رئيس الحرّاس عند الملك الحاكم، فرعون.

كان يوسف في حياته الشخصية طاهراً، فوق المعتاد. وهو واحد من القلائل في الكتاب المقدس الذين ليس في سجلّ حياتهم أي بقعة سوداء. هذا لا يعني أنه كان بلا خطيئة. ليس واحد بلا خطيئة، لكنه كان شاباً تقياً عظيم الثقة بالرب، وحاول بكل إخلاص أن يطيع تعاليم الله وكلمته.

كان أيضاً متفوقاً في أعماله، كان جديراً بالاعتماد عليه ويعمل بجهد، مظهراً كثير من الحكمة والإدراك، نال تقديراً عظيماً من سيده.

أما امرأة فوطيفار فكانت جريئة، شهوانية، وفاسدة. في أحد الأيام دعت يوسف الى ارتكاب الخطية على فراشها الزوجي، لكنه رفض قائلاً: «لا أستطيع عمل ذلك، فأخطئ إلى الله وإلى زوجك سيدي أيضاً، الذي وثق بي فوكلني إدارة هذا البيت».

الخداع والمؤامرة الكبرى

حاولت يوما بعد يوم إغراءه بارتكاب الزنى معها، أما هو فكرر رفضه الانصياع لرغبتها. لقد عاملها بلياقة كاملة واحترام عميق. وهذا آخر ما كانت تريده. لم ترد لياقة واحترام يوسف، بل أرادت يوسف لقد حاولت كل حيلة تعرفها، لكن يوسف كان ممتناً لفوطيفار وأميناً ورجلاً ذا مبدأ، وهنا تحولت السيد لتصبح غادرة.

في أحد الأيام أمسكت بثوب يوسف وقالت، تعال الان معي إلى الفراش، استدار فانخلع ثوبه عنه وهرب، تاركاً إياها ممسكة بالثوب. ربما يقول البعض أن ذلك ضعف منه أن يهرب. لا لم يكن ضعفاً بل قوة. يقول لنا الكتاب إننا يجب أن نهرب من الشهوات الشبابية التي تحارب النفس (2 تيموثاوس 22:2). علينا الهرب من الزنى (العلاقة الزوجية خارج الزواج) (1 كورنثوس 18:6). يجب أن نهرب من كل شكل من أشكال تجربة الخطيئة.

على كل حال كانت النتيجة أن المرأة المحبطة أخذت الثوب ووضعته في غرفة نومها وبدأت تلفق الأكاذيب ضد يوسف. قالت إنه حاول مهاجمتها، ولكن عندما صرخت ترك ثوبه وهرب. كان ثوبه هناك – دليلاً مادياً ضده. فعندما عاد فوطيفار إلى البيت، صدّق اتهامها الملفق ضد يوسف وأمر بوضعه في السجن.

عاش يوسف حياة صادقة وطاهرة تماماً، والآن انظر ماذا حصل له. سجن باتهام كاذب. صحيح أن هذا يحصل أحياناً. حتى المؤمنون تحاك ضدهم مؤامرات كهذه. لم يعدنا الله أن الحياة المسيحية ستكون سهلة أو أنها خالية من المشاكل. لكنه يعدنا انه سيمنحنا الغلبة الروحية بالرغم مما يحدث في حياتنا.

القشطة تطفو دائما إلى فوق

لم يجلس يوسف منتظراً تغيير أحواله. لقد قرر أن يعيش لله حتى داخل السجن، وكما تطفو قشطة الحليب إلى السطح عند غليانه، هكذا يوسف بدأ يتقدم بين أترابه في السجن وسريعاً ما اصبح في مركز الإدارة.

لقد أظهر أيضاً استنارته الروحية بتفسيره لسجينين آخرين معنى حلميهما. وحصل تماماً كما قال لهما. واحد من الاثنين، ساقي الملك أعيد إلى وظيفته بعد إطلاق سراحه. آما الآخر، خباز الملك فقد شنق.

وعد ساقي الملك قبل خروجه أنه سيتذكر يوسف ويتكلم لصالحه. لكنه نسي. إلى أن انزعج فرعون بسبب عدم تمكن سحرته أو حكمائه من تفسير حلمين كان قد رآهما. عندها تذكر الساقي يوسف وتكلم لصالحه أمام الملك.

استطاع يوسف تفسير الحلمين اللذان كان معناهما سبع سنين من المحصول الكثير، وبعدها سبع سنين من الجفاف. نصحه يوسف قائلاً: من المفضل أن تجمع المحاصيل خلال السبع سنين الأولى، لئلا يكون نقصاً في السنوات التي تليها.

«رجل صالح أنت» هذا ما قاله فرعون ليوسف، إلهك الإله الحقيقي. سأعينك أنت لتكون سيداً على كل أرض مصر. ستكون ثانياً بعدي.

وهكذا كان. اصبح يوسف نائب الرئيس أو رئيس الوزراء أو أي شيء بمركز الشخص الثاني في البلاد. وأعطاه فرعون فتاة جميلة لتصبح زوجة له.

إن اختبار يوسف كما هو موضح موضح في رومية 28:8، يقول الرب على لسان الرسول بولس.

«كل الأشياء تعمل معاً للخير للذين يحبون الله المدعوين حسب قصده».

كثيرة الأمور التي حدثت معه وكانت تظهر ككوارث. لكن الله كان يعمل من خلف الستار، يأتي بالخير مما يظهر انه كارثة. ولأن يوسف أكرم الله، أكرمه الله أيضاً (انظر 1 صموئيل 30:2. واصبح حاله أفضل بكثير في نهاية القصة منه في بدايتها. وهذا ما سيكون عليه في الأبدية مع هؤلاء الذين يكرمون الله.