العودة الى الصفحة السابقة
أمور لا يقدر الله عليها

أمور لا يقدر الله عليها

القس. جون نور


هل هنالك أمور يمكن أن يقال فيها أن الله لا يقدر عليها أو هل يمكن أن تأتي كلمة «لا يقدر» في قاموس الله وهو الذي يقول عنه الكتاب أن كل شيء به كان وبغيره لم يكن شيء مما كان. الحامل كل الأشياء بكلمة قدرته، فكيف يمكن أن يقال عن هذا الإله إنه لا يقدر. تقف هنالك استحالات أربع في حسابات الله وهي:

  1. الله لا يقدر أن ينكر نفسه.

  2. الله لا يقدر أن يتحرك في عدم إيماننا.

  3. الله لا يقدر أن يختفي في مصائبنا.

  4. الله لا يقدر أن يكذب في مواعيده معنا.

إن كنا أمناء فهو يبقى أميناً لا يقدر أن ينكر نفسه وما أكثر الأوقات ، وما أكثر الأوقات التي نحني فيها الرأس للضعف وفيها كلها نكون غير أمناء. فما موقفه هو في هذه كلها، إن كنا غير أمناء فهو يبقى أميناً لا يقدر أن ينكر نفسه. ولا أظن أننا نقدر أن ننكر أننا نعيش في عالم أجمل ما يمكن أن نسميه به هو عالم نكران الجميل - إن احبك الناس فربما لأجل مالك أو جاهك أو حسبك ونسبك أو لأجل مركزك الاجتماعي… لكن دوام الحال من المحال، الابن الضال… أحبه أصدقائه لأجل ماله… وعندما بذر ماله في عيش مسرف وتخلى عنه الجميع وتنكر له الأحباء والأصدقاء رجع إلى نفسه، والله لم يتركه بل يقول الكتاب لما رآه أبوه تحنن، ركض إليه وأخذه بين ذراعيه لأنه لا يقدر أن ينكر نفسه ولا محبته فهو أسلم نفسه لأجلنا لذلك لا يقدر أن ينكر نفسه لأنه قال هاآنذا معكم كل الأيام وإلى انقضاء الدهر. فهو أمين ولا يقدر أن ينكر نفسه.

إنه ليس إله صاحب مزاج متغير بل هو إله حسابات دقيقة ثابت في مبادئه. يبقى أميناً ولا يقدر أن ينكر نفسه. شيء يقابل كل شيء، كل شيء عنده محسوب بالطريقة الإلهية وليس بالطريقة البشرية. الذي يزرعه الإنسان إياه يحصد، إن كنا قد متنا معه فسنحيا أيضاً معه إن كنا نصبر فسنملك أيضاً معه. إن كنا ننكره فهو أيضاً سينكرنا، إن كنا غير أمناء فهو يبقى أميناً لن يقدر أن ينكر نفسه.

هذا معناه أن موقف الله لا يتغير بمواقفنا لأن الله ثابت في مبادئه وثابت في تعاليمه وثابت في كتابه في حقه وفي شريعته ولا مبدل لكلماته لأنه لا يقدر أن ينكر نفسه.

  1. الله إله قدوس يطالبنا بالقداسة كونوا قديسين لأن أباكم الذي في السماوات قدوس، نظير القدوس الذي دعاكم كونوا أنتم أيضاً قديسين إن كنتم تدعون أباً الذي يحكم بغير محاباة حسب عمل كل واحد فسيروا زمان غربتكم بخوف، فهو يبقى أميناً لطبيعة ولا يرتضي بغير القداسة بديلاً في حياته.

  2. يبقى أميناً لعدالته فهو إله قدوس، وهو إله عادل، أحببت البر وأبغضت الإثم. كثيراً ما نتسائل عندما يتمادى الشرير في خطاياه، ونرى بأن الله لا يحاسبه ولكن نرى الإنسان المؤمن الصادق عندما يخطئ يعاقب لأن الذي يحبه الرب يؤدبه أما الشرير فهو كالمزدرى وغير الموجود بالنسبة لله. لا تغمض عينيك عن محبة إلهك وتقول لما يحصل لك بأنها الظروف أو الحظ. إن مشاكلنا وظروفنا هي مع إله كبير، إن أرضت الله طرق إنسان جعل أعدائه يسالمونه. الله لا يتماشى مع خطايانا لطبيعته وعدالته ومحبته، إنه إله لا يقدر أن يتماشى مع خطايانا.

والأمر الثاني أنّ الله لا يقدر أن يتحرك في عدم إيماننا، في إنجيل مرقس والإصحاح السادس يقول: خرج يسوع من هناك وجاء إلى وطنه، ولم يقدر أن يصنع ولا قوة واحدة ولا معجزة واحدة، الذي سار على الماء والذي أخرج الميت من القبر بكلمة واحدة والذي أسكت الرياح والأمواج، الذي أشبع الخمسة آلاف بخمسة أرغفة وسمكتين لم يقدر أن يصنع ولا معجزة واحدة وذلك لعدم إيمانهم ويقول الكتاب «وتعجب يسوع من عدم إيمانهم».

مرات كثيرة نصلي وعندنا الثقة أن الله لن يسمع فكيف تصلي وليس عندك إيمان أن الله يستجيب، اجعل في صلاتك إيماناً حقيقياً، إننا نستخدم الإيمان لأمور كثيرة في هذه الحياة، نشرب الدواء الذي كتبه الطبيب على إيمان أن يشفينا دون أن نعرف ما هو، نركب السيارة ونؤمن بأنها ستوصلنا إلى مبتغانا دون سؤال عن صلاحيتها، نستخدم الإيمان لكل الأمور الجسدية ولكن ليس للأمور الروحية، لماذا لا نؤمن أن الله قادر أن يحفظنا، أو يسدد كل احتياجاتنا، وطلباتنا، المعجزات في هذه الأيام لم تنته بل انتهى عصر الإيمان، الإيمان الواثق بقدرة الله ومحبته يقول الكتاب: «تطلبون ولستم تأخذون لأنكم تصلون بارتياب والمرتاب يشبه موجاً تخبطه الريح ولا أظن أن ذلك الإنسان يأخذ شيئاً من عند الله» ليكن لنا إيمان يحرك العالم.

لا يقدر يسوع أن يختفي في بلايانا، في قلب ضيقاتنا وتجاربنا، يقول الكتاب في كل ضيقهم تضايق وملاك حضرته ينجيهم الفتية الثلاث يصرخون في الملك نبوخذنصر قائلين: «يوجد إلهنا الذي نعبده دائماً يقدر أن ينجينا من يدك ومن أتون النار المتقدة وإلا فإننا نسجد لتمثال الذهب الذي صنعته». يوجد إلهنا - يوجد في السماء ومعنا - إذا اجتزت في المياه أنا معك وفي الأنهار فلا تغمرك.