العودة الى الصفحة السابقة
أين موضع الخطأ؟

أين موضع الخطأ؟

جون نور


أين موضع الخطأ؟ لعل هذا هو سؤالك الحائر أيها المستمع الكريم، وهذه هي شكواك المرة. أنت ترى على وجوه غيرك ممن تعرفهم، وفي حياتهم، نوراً وفرحاً وقوة تعجب بها، وتحس معها برغبة تضغط عليك لان تشكر الله من أجلها، إنه لأمر جميل عندما لا نرتضي بالمستوى المتدني الذي اعتدنا أن نعيش فيه، ونبدأ بأن نتساءل عن سر الحياة الأجمل والأكثر نبلاً وانتصاراً. عندما يبدأ النائم يتحرك ويتقلب على فراشه يكون قد بدأ بأن يستيقظ ليجد نور الصباح مشرقاً حول سريره الذي استغرق في النوم عليه طويلاً.

وعلى أي حال يجب أن نذكر بأن الأمزجة تختلف. فالبعض كأنهم ولدوا في الظلام. ويحملون معهم طول الحياة ميلاً وراثياً إلى الحزن والكآبة. لان طبيعتهم تميل بسرعة وبسهولة إلى السواد، وهم ينظرون دائماً إلى الناحية المظلمة في كل شيء، في السماء الصافية جداً تراهم يبحثون عن غيمة سوداء صغيرة جداً قدر كف انسان. يحاولون ان يظللوا بها نور الشمس لكي لاتنفد اليهم أشعتها إلا بصعوبة محاولين ان يجعلوا كل شيىْ قاتما في حياتهم وحياة الاخرين .

إن عدم توفر الفرح ليس دليلاً في كل الأحوال على أن هنالك خطأ في القلب. ربما يكون الجهاز العصبي مرهقاً، كما كان الحال مع النبي إيليا في البرية، عندما استلقى على الرمل وطلب الموت لنفسه بعد جهاد عنيف مع عبدة البعل فوق جبل الكرمل. لكن الله لم يوبخه من أجل طلبته هذه بل هيأ له طعاماً في البرية وهدأ من روعه فنام نوماً ثقيلاً. لعل الرب يسمح في مرات عديده بأن يحجب النور ليرى إن كنت تحبه من أجل شخصه أم من أجل عطاياه.

كثيرا ما تكون علاقتنا مع الله متقلبة كطقس شهر شباط، ففي بعض الأحيان يكون الجو صافياً، وفي أحيان أخرى يكون ملبداً بالغيوم. والنور والظلام يطارد أحدهما الآخر. لكن موقفنا في يسوع لا يتغير. إنه لا ينشأ من داخلنا بل من محبته الأبدية، التي إذ رأت مقدماً كل ما سوف نكونه أحبتنا رغماً عن كل شيء. نحن لم نشتر موقفنا فيه، لكنه هو الذي اشتراه بدمه الكريم الذي يتشفع من أجلنا بقوة وبنجاح سواء كان إيماننا ضعيفاً أم قوياً.

نحن لا نحتفظ بموقفنا في يسوع، لكن الروح القدس هو الذي يحتفظ به. إن كنا قد التجأنا إلى يسوع مختبئين تحت ظل جناحيه، متكلين عليه، وواثقين فيه، فإننا عندئذ نصبح واحداً إلى الأبد. لقد كنا واحداً معه في القبربعد صلبه ، واحداً معه في فجر قيامته من الأموات، واحداً معه عندما جلس عن يمين الله. ونحن واحد معه الآن إذ يجلس على عرشه، ولا يمكن لأي شك أو حزن أو كآبة أن يغير أو يؤثر على حقيقة قبولنا أمام الله بدم المسيح، فهذه حقيقة أبدية. لا تفكر فيما تحس به، وليكن بناؤك على صخرة يسوع غير المتزعزعة، وعلى ما فعله ويفعله لك وسيفعله إلى الأبد.

لاتعش متاثرا بعواطفك بل عش متاثراً بارادتك لانه ليس لنا حكم مباشر على عواطفنا، لكن لنا حكم على إرادتنا. والله لا يحاسبنا على ما نشعر به بل على ما نريده. وحياتنا في نظره لا تتوقف على ما نشعر به بل على ما نريده. فلنعش إذاً لا على عواطفنا بل على إرادتنا التي يجب أن تخضع خضوعاً تاماً لإرادة الله.

ان السبب في حالة الكآبة وانقباض النفس التي يحس بها آلاف من المومنين ؟ إنهم أولاد الله لكنهم أولاد غير مطيعين. والكتاب المقدس من أوله لآخره يشدد على ضرورة الطاعة. كانت أهم وصية في خطاب المسيح الوداعي لتلاميذه هي: {إن كنتم تحبونني فاحفظوا وصاياي}. يجب أن لا نسأل، أو نجيب، أو نلتمس لأنفسنا المعاذير. يجب أن لا نختار لأنفسنا الطريق. يجب أن لا نقبل بعض الوصايا ونرفض الأخرى. يجب أن لا نتوهم بأن إطاعة بعض الوصايا تعفينا من عدم إطاعة غيرها. الله يعطى وصاياه واحدة فواحدة، وبها يمتحننا. إن اطعنا الواحدة أفاض بركاته على نفوسنا، وتقدم بنا إلى طرق جديدة ومراع جديدة. أما إن رفضناها بقينا راكدين كالمياه الآسنة، وحرمنا من نعمة النمو في الاختبارات المسيحية، وحرمنا من القوة والفرح.

عندما تهدأ المياه ترسب ذرات الطين إلى قاع الإناء الذي يحتوي المياه. وعندما تقضي فترة هدوء قد ترى وجود خطية معينة في حياتك. فتأمل في حياتك في هدوء. لا تحوِّل النظر كما يفعل التاجر المفلس الذي يحول نظره عن دفاتره، أو كما يفعل المريض بمرض خطيرإذ يحول نظره عن سماعة الطبيب.

يجب أن لا نصرف كل حياتنا في تنظيف نوافذنا، أو في التساؤل عما إذا كانت نظيفة، بل في تعريض أنفسنا لنور شمس الله المباركة. هذا النور يكشف لنا سريعاً ما لا يزال في حاجة إلى تنظيف، ويمكننا من تنظيفه بدقة لا تخطئ. إن الرب يسوع مكتنز فيه كل ما تتطلبه النفس لتحيا حياة نقية مباركة. والشرط الوحيد لتحصل النفس على صحتها هو أن تتعمق في معرفته، إن تثبت فيه، أن تستمد من ملئه دقيقة بدقيقة.

من الضروري أن نقضي وقتاً طويلاً منفردين مع الله، منتظرين على بابه، مصغين إلى صوته، انت في أشد الحاجة إلى أن تدخل مخدعك وتغلق بابك وتصلي .

كثيرون من المومنين وهم أكثر مما نستطيع أن نحصيهم - مقصرون في الصلاة ودرس الكتاب المقدس . وأول ما نحتاجه هو الانتظام في الصلاة ودرس الكتاب. ولا يوجد هناك طريق للتقوى أقصر وأسهل من هذا.

طالما كانت الشمس في مركزها الرئيسي استمرت حركة الكواكب السيارة منتظمة. وطالما كان يسوع في مركزه الرئيسي على عرش الحياة أصبحت كل الأشياء في توافق تام وسلام كامل. اطلبوا أولاً ملكوت الله وبره وهذه كلها تزاد لكم. والتكريس اي تخصيص نفسك للرب هو الشرط الأساسي للبركة.

بهذا يسطع النور على طريقك بكيفية لم تعهدها من قبل. لان نور الرب هو الدي سوف ينير طريقك وروحه هي التي ستكون تعزيتك في مسيرك في ظلمة هده الحياة.