العودة الى الصفحة السابقة
الخلاص بيسوع المسيح

الخلاص بيسوع المسيح

جون نور


منذ سقوط الإنسان الأول في المعصية أتى نسله إلى العالم مثقلاً بحمل الأوزار التي ورثها، مضافاً إليها أحمال خطاياه الفعلية. والكتاب المقدس يؤدي شهادته على كل أبناء آدم بأن «الجميع زاغوا وفسدوا معاً. ليس من يعمل صلاحاً، ليس ولا واحد» (رومية 12:3).

ولم يستثن من حكم الكتاب هذا أحد سوى الشخص الوحيد «نسل المرأة» يسوع، الذي حبلت به أمه العذراء المباركة بقوة الروح القدس، وبغض النظر عن كونه الإله المتجسد فهو كإنسان كان على الإطلاق بلا عيب ومنزهاً عن كل شائبة. أما نحن أبناء آدم فبدورنا نؤيد شهادة الكتاب عن إختبار لواقعنا كأثمة في الطبيعة والعمل .عالمين أن الخطية هي التي سببت الطرد من الفردوس وجعلت الإنسان بمخالفته وصايا الله عدواً له. وهي التي لم ينتج عنها الشقاء والبلايا في هذه الدنيا فقط، وليس الموت الجسدي كأجرة لها فحسب، إنما بمقتضى عدل الله وقداسته حكم على الإنسان بالدينونة في الهلاك الأبدي.

والله من فرط محبته لجنسنا البشري رحمنا بإعداده الواسطة الضامنة للحصول على الخلاص الأكيد والغفران الكامل وذلك بالفداء العظيم «بإبنه الوحيد الذي بذله لكي لا يهلك كل من يؤمن به بل تكون له الحياة الأبدية(يوحنا 16:3) وبذبيحة الكفارة التي قدمها على الصليب، «حمل الله الرافع خطايا العالم»نيابة عنا، إستوفى الله حقوق عدله وصالحنا مع ذاته كما نصت الآية في (كولوسي 20:1) «صالح الكل عاملاً الصلح بدم صليبه»«قاتلاً العداوة به»(أفسس 16:2).

فكل إنسان إذاً مدعو، إن أراد، لقبول هبة الغفران الكامل بيسوع لأن الروح القدس في الرسالة إلى العبرانيين (13:9) يقدم البشرى المفرحة للقلوب بأن المسيح، بدم نفسه دخل إلى الأقداس فوجد فداء أبدياً»». وبناء على كمال هذا الفداء صرح أيضاً أننا لسنا بعد بحاجة لتقديم ذبائح عن الخطية أو قرابين من أجل تحصيل المغفرة. «لأنه بقربان واحد قد أكمل إلى الأبد المقدسين.. وإنما حيث تكون مغفرة لهذه لا يكون بعد قربان عن الخطية» (عبرانيين 14:10 و 18). وبما أنه «بدون سفك دم لا تحصل مغفرة (عبرانيين 22:9) فالدم قد سفك، والفداء قد أكمل من أجلنا بموت المخلص وقيامته، وبما أن عدل الله قد أخذ حقه بكفارة المسيح، وبما أن الرحمة الإلهية باسطة يديها لقبولنا، والنعمة حاضرة لمنحنا الغفران، فما علينا إلا إتخاذ الخطوات الضرورية لإتمام قصد الله المعلن بكلمته من أجل خلاصنا. وهذه هي الخطوات:

والخطوة الأولى هي إقرارنا أمام الله بأننا خطاة، واعترافنا له بكل ما أقترفناه من ذنوب لأنه ينبهنا بقول الكتاب «من يكتم خطاياه لا ينجح ومن يقر بها ويتركها يرحم» (أمثال 13:28) وداود النبي يقدم مثالاً بقوله لله «أعترف لك بخطيتي ولا أكتم إثمي»(مزمور 5:32) والرب يسوع يلقننا درساً مفيداً في الإعتراف إلى الآب السماوي نظير إعتراف الإبن الضال لأبيه حيث قال له «يا أبي أخطأت إلى السماوات وقدامك ولست مستحقاً بعد أن أدعى لك إبناً» (لوقا 21:1).

والخطوة الثانية هي التوبة الصحيحة التي نتقدم بها إلى الله بالندامة وحزن القلب وانسحاق الروح، متبكتين على معاصينا وما ارتكبناه من آثام.

فالإعتراف إلى الله يجب أن يقترن بالتوبة التي تعنى الرجوع إليه تعالى إطاعة للأمر القائل «ليترك الشرير طريقه ورجل الإثم أفكاره وليتب إلى الرب فيرحمه وإلى إلهنا لأنه يكثر الغفران»(إشعياء 7:55) وهذا يرينا أن الإعتراف والتوبة بالشفاه فقط لا يكفيان. فكما أنه لا فائدة من الدواء الذي لا يزيل الألم ولا يشفي المرض هكذا لا فائدة من الإعتراف والتوبة اللتين لا تحققان الحصول على الغفران الكامل من الله.

والخطوة الثالثة هي التي يجب أن تتبع الإعتراف والتوبة بل أن تتمشى معهما متحدة بهما هي الإيمان بيسوع وقبوله مخلصاً وشفيعاً بيقين ورجاء حي. لأنه عندما تتخذ هذه الخطوة حقاً يحدث الرب التغيير الكلي في النفس بحيث ينقلها من كونها خاطئة إلى مخلصة بالنعمة، ومن مدنسة بالذنوب إلى مطهرة بالدم، ومن ميتة بالخطايا إلى حية روحياً، ومن الهلاك إلى النجاة، ويجعلها تتمتع بالحق الممتاز - حق البنوة لله المصرح عنها بالإنجيل. «إن كل اللذين قبلوه أعطاهم سلطاناً أن يصيروا أولاد الله أي المؤمنون باسمه» (يوحنا 12:1) لأنه «بدون الولادة الروحية لا يقدر أحد أن يرى ملكوت الله»(يوحنا 3:3).

ولكن إذا أهملت الخلاص الآن فلا نجاة لك من دينونة الله لأن الرسول يقول كيف ننجو نحن إن أهملنا خلاصاً هذا مقداره(عبرانيين 3:1) وإذا بقيت تسير في طريق الإثم بحجة أن الله رحيم وبحسب رحمته لا يهلك أحداً أخيراً، وتناسيت أنه عادل أيضاً فسوف تجده إلهاً دياناً شديد العقاب لمن لا يستفيد من رحمته في مهلة الحياة هذه.

وللإيضاح أذكر قصة واقعية سمعتها عن رجل كان راكباً حصاناً شرساً وجموحاً وكان الحصان على وشك أن يطرحه أرضاً ويمزقه ولكن لحسن حظه شاهده شاب قوي وبدافع الشفقة عليه أعترض سبيل الحصان وكبح جماحه بقوة جبارة وأنقذ الرجل من الموت. وبعد مرور خمسة وعشرون سنة على هذا الحادث وجد هذا الرجل نفسه أمام قاض ليحاكم بجريمة قتل، ولما تفرس في وجه القاضي تذكر أنه هو الذي خاطر بنفسه من أجل نجاته في السابق، فالتمس منه أن يحسن إليه ويرحمه بإنقاذه من حكم الإعدام هذه المرة كما رحمه قبلاً.

فأجابه القاضي أن وقت الرحمة قد إنقضى، والآن أنا بموقف يختلف عن الماضي لأني أجلس على منصة الحكم لأنفذ القانون العادل بلا هوادة، ولا يمكنني إلا أن أحكم عليك بحسب إستحقاقك. لذلك عليك أيها الإنسان أن تنتهز الفرصة وتلتجيء لرحمة الرب الضامنة لخلاصك الآن قبل أن تجده دياناً لك في الأبدية.