العودة الى الصفحة السابقة
رسائل من يسوع

رسائل من يسوع

أنتم رسالة المسيح (2كو 3:3).

جون نور


عندما يقرع الباب نهرع لاستقبال الزائرين والبهجة تغمرنا. كذلك عند مجيء ساعي البريد نأخذ منه الرسائل بشوق ونفتحها بلهفة ثم نشرع بقراءتها وكثيراً ما نعيد تلاوتها ممعنين الفكر بمضمونها أكان ذلك مُبهجاً أم مُحزناً

إن الرسالة شخصية وقريبة المنال. وكثيراً ما نبعث ببرقية ثم نضيف هذه العبارة عليها: تصلكم التفاصيل بالبريد. وتلك التفاصيل هي أمور صغيرة تنقل معها جو الرسالة ونوعها وهدفها وروحها. فالرسالة هي حديث ودّي بين اثنين فيها كثير من المودة والعواطف والإخلاص. وهي عبارة عن محادثة صديق مع صديقه – محادثة وديّة عاطفية خالية من الرسميات.

يؤسفنا بأن نرى فن كتابة الرسائل قد مضى وانقضى وذلك بعد أن وجد الايميل ورسائل SMS . وهكذا زالت المهارة الكتابية التي كنا ننعم بها .كان الكثيرون يجيدون الكتابة ويتقنون فنّها. ولا شكّ إن البعض منّا يذكرون بعض أولئك الأصدقاء الذين كانوا يتحفوننا بكنوز نفيسة من أفكارهم وأسلوبهم وعواطفهم.

كم نتعلّم عن أي شخص من رسائله!! فقراءة رسائله هي بمثابة النظر إلى روحه بمرآة

وما أشدّ ما تكون دهشتنا لو وصلت إلى أحدنا رسالة من يسوع صادرة من أقاصي الشرق. وكلنا يذكر تلك البهجة التي غمرتنا منذ بضع سنوات عندما طالعتنا الأخبار المعلنة اكتشاف بعض أقوال السيد المسيح في مخطوطات قديمة وجدت في كومة من الأقذار في مصر. لم تكن تلك الأقوال مختلفة عن تعاليمه المعلنة في الأناجيل ولكنها صيرته حقيقة واقعية في نظرنا إن لم تقربها أكثر. فمن لا يشعر بدين لهذه النفائس؟ إن العالم عبارة عن جسر علينا أن نعبر فوقه لا أن نبني مساكننا عليه ونمنع المرور عنه أو أن نمثّل التاجر الماهر كأن نحتفظ بالأشياء الثمينة في الحياة لخدمة نفوسنا فقط.

ولو كان في حوزتنا كتاب حاوٍ لكامل رسالة الرب يسوع وجميع أقواله وتعاليمه كم نكون شغوفين بقراءته فنحصل من خلال سطوره على تلك الشركة الروحية ونستطلع بين صفحاته حوادث تلك الأيام ونقف على حقيقة روحها. إن مثل هذا الكتاب لا يرينا الموعظة على الجبل فحسب ولكنه يظهر لنا الحياة العائلية في أعماق الوادي.

لحسن الحظ أن عندنا رسائل عديدة للرب يسوع. هذه الرسائل ليست مخطوطة بحبر على ورق ولكنها مرقومة بروح الله في قلوب المؤمنين. فأنتم رسالة المسيح... فما أروع أن يقال لنا بأن حياتنا هي جزء من تاريخ حياة السيد المسيح وأنها رسائل تعكس مؤثرات شخصته وتصيره حقيقة واقعية لدى الآخرين وبصورة أفضل من كل ما عداها. هذه هي الحقيقة التي ننشدها إذ أن كلاً منّا خصّ بأمر فريد وخطير. وهذا الامتياز نستخدمه في إظهار تلك الخصائص الفريدة التي تميزّت بها حياة الرب يسوع مثلما كتبت الأناجيل الأربعة بأساليب خاصة يرمي كل منها إلى دعوة معينة من القارئين.

فكل منّا يستطيع أن يظهر في حياته الشخصية رسالة تعكس للآخرين ناحية من الجمال في حياة يسوع المخلص بقدر ما تسمح به أحوالنا وبقدر ما تكون حياتنا مُعدّة لإظهار تلك المعالم من جمال الرب يسوع وكمالاته. فهنالك رجال ونساء في العالم يعتبر التعرّف بهم والاجتماع إليهم كتسلّم رسالة شخصية من يسوع – ليس كتلك الرسائل الخالية من التوقيع والتي هي مجرد إملاء ولكنها رسائل تخبرنا عن لطفه المتناهي وحنانه العذب وعن شجاعته النادرة ومجده وفرحه.

فماذا تعكس حياتك وحياتي للآخرين من روح المسيح ومن حياته ونقاوته؟ وماذا يتعلّم الناس من حياتنا عن المسيح؟ لا ممّا نقوله فقط بل ممّا نحياه بالفعل؟؟؟ فهل حياتنا كتابة مقروءة أم خطوط مبهمة وغير واضحة وهل يستطيع كل إنسان أن يقرأ سطور حياتنا فيستفيد منها؟

كثيراً ما تكون الرسالة ملطخة وغير مقروءة لأننا نقصر بأن نجعلها حيّة كما قصد بأن تكون حياتنا. وقد تكون كبعض المخطوطات القديمة غير واضحة الحروف أو ممحوّة أو غامضة أو نصف ظاهرة أو قد تكون مغطاة بكتابات أخرى أو مشطوبة بخطوط أزالت معالمها ومحت آثارها فتغيّرت القصة.

إن حاجتنا في هذا العالم المُضطرّب ليس إلى زيادة في الكتب العقائدية ولكننا نحتاج بالأكثر إلى نسخ حياة تنطبق على حياة السيد المسيح وإلى كتب شخصية منه وإلى الإكثار من روحه منسوخة ومنعكسة من حياة أتباعه الأمناء ومن وجوههم الطافحة بالبشر والغبطة والسعادة والتي هي عبارة عن كتب أناجيل تحدث عن الرواية الخالدة.

عندما مات لنكولن تطلع تولستوي من روسيا عبر القارات والمحيطات فقال: لقد كان لنكولن مسيحاً مصغراً. وهذا ما ينبغي أن يقال عنا وهذا ما ينبغي أن يكون كل واحد منّا مسيحاً مصغرّاً!!!