العودة الى الصفحة السابقة
السماء وجهنم

السماء وجهنم

القس. جون نور


لقد كان للناس دائماً اهتمام شديد في معرفة المستقبل. وقد أثار هذا الاهتمام أسئلة كالأسئلة التالية: هل ينهي الموت كل شيء؟ أين مقام الأموات؟ ماذا يمكننا أن نعرف عن السماء وجهنم؟ فدعونا نبحث أولاً في السؤال التالي:

ماذا يحدث للإنسان عند موته؟

ينبغي أن، نتذكر أولاً أن الإنسان يتكون من جسد ونفس وروح (1تسالونيكي 23:5) فالجزء الأول كائن مادي، أما الجزءان الآخران فغير ماديين. فبالروح يستطيع الإنسان معرفة الله، وبالنفس يستطيع معرفة الذات، كما يستطيع بالجسد معرفة العالم. وكلمة الله فقط تستطيع أن تفرق بين النفس والروح (عبرانيين 12:4).

تترك النفس والروح الجسد عند الموت. ويوضع الجسد في القبر حيث يوصف بأنه يرقد (أعمال 59:7؛ 2:8، 60). أما النفس والروح فلا ترقدان. فإذا كان الميت مخلصاً تذهب نفسه وروحه إلى مكان السعادة الأبدية أي إلى السماء (2كورنثوس 8:5؛ فيلبي 21:1، 23). وإذا كان غير مخلص فتذهب نفسه وروحه إلى مكان عذاب يدعى الهاوية. ويعلمنا الرب بوضوح في (لوقا 19:16 – 31) إن أولئك الذين ماتوا هم واعون. فاقرأ هذا الفصل الهام بالتمعن والاهتمام.

ماذا نعرف عن جهنم؟

تسرع روح غير المؤمن ونفسه إلى الهاوية عند موته كما ذكرنا سابقاً. والهاوية هي محل عذاب يعي ساكنوه شدة وطأته (لوقا 23:16 – 25). وتذكر النفس في الهاوية كشخص ذي عينين ولسان وأذنين وأصابع وذاكرة كما توجد معرفة تامة للأحوال هناك.

ويخبرنا الكتاب المقدس عن مكان آخر للعذاب بالإضافة إلى الهاوية وهو جهنم أي «بحيرة النار». فعند دينونة العرش الأبيض العظيم، ستتحد النفوس التي في الهاوية بأجسادها التي ستقام من القبور وسيلفظ المسيح حينئذ حكم الدينونة الأخير على الأموات الأشرار فيطرحون في «بحيرة النار» مكان الهالكين الأبدي (رؤيا 11:20 – 15). ويمكننا تشبيه الهاوية بسجن المدينة المحلي حيث ينتظر السجين نتيجة محاكمته، وتشبه جهنم: «ببحيرة النار» أي السجن الذي لا يمكن الخروج منه.

ويتكلم الرب في وصف جهنم عن دود لا يموت ونار لا تطفأ (مرقس 43:9 – 48) وجهنم هي مكان عذاب أبدي يعي ساكنوه وطأته.

هل عقاب الخطيئة أبدي؟ تستعمل عبارة «إلى أبد الآبدين» في سفر الرؤيا لوصف شقاء الهالك (رؤيا 11:14).

فهل يمكن لإله المحبة أن يسمح بهلاك الناس في جهنم؟

  • إن الله لا يريد هلاك الناس وقد أعد العدة لخلاص الإنسان بموت ابنه على صليب الجلجثة (رومية 6:5 و 8). فإذا رفض الناس المخلص يذهبون إلى جهنم بمحض اختيارهم.

  • إن الله إله محبة (1يوحنا 8:4) ولكنه أيضاً قدوس (1بطرس 16:1) وينبغي أن يعاقب على الخطيئة.

  • لا يتردد الناس في وضع المرضى في مستشفيات والمجرمين في السجون وجثث الموتى في المقابر وهذا لا يدل على نقص في محبتهم.

    وماذا يقال عن الوثني الذي لم يسمع قط بالإنجيل؟ إن الوثنيين خطاة هالكون كباقي البشر، ولا يستطيع أحد أن يخلصهم سوى المسيح، ويمكنهم معرفة وجود الله من أعمال الخليقة (رومية 20:1؛ مزمور 1:19)، وبواسطة ضمائرهم (رومية 15:2) فإذا عاشوا حسب المعرفة التي لديهم فإن الله يزيدهم معرفة، أنظر إلى كرنيليوس (أعمال 10، 11).

ماذا نعرف عن السماء؟

يعلم الكتاب المقدس بكل وضوح أنه يوجد مكان سعادة لجميع الذين يعرفون ربنا يسوع المسيح ويحبونه. فالسماء مكان حقيقي. وتستعمل كلمة «السماء» في الكتاب المقدس في ثلاث جهات مختلفة:

  • منطقة الغيوم (تكوين 8:1)

  • منطقة النجوم (تكوين 17:1)

  • مسكن الله. ويدعوه بولس "السماء الثالثة" و "الفردوس" (2كورنثوس 2:12 – 4).

وتذكر السماء دائماً بأنها "فوق" قال الشيطان (أشعياء 13:14 و 14) «أصعد إلى السماء» ونعرف أن ربنا يسوع في السماء الآن. فبعد أن أقيم من الأموات صعد إلى السماء في جسد من لحم وعظم رافعاً في ذاته البشرية الممجدة إلى السماء (لوقا 38:24 و 39 و 51؛ 1بطرس 22:3؛ عبرانيين 3:1). وفي السماء جمهور عظيم من المؤمنين. وعندما يموت المسيحي الحقيقي يكون «متغرباً عن الجسد ومستوطناً عند الرب» (2كورنثوس 8:5). ويتمتع هؤلاء المؤمنون بحضرة المسيح "وذاك أفضل جداً" (فيلبي 23:1).

ماذا تشبه السماء؟ لم تستطع لغة البشر وصف السماء وصفاً كاملاً. ففي (رؤيا 27:10) يصف يوحنا أساسات المدينة السماوية وسورها وأبوابها وسوقها وصفاً يجذب قلوبنا ببهائها. ونعرف أنه لا يكون مرض أو حزن أو دموع أو وجع أو موت في ذلك المكان الجميل (رؤيا 21:2). والأفضل من كل ذلك أن الرب يسوع المسيح. يكون هنالك وسيكون أسمى بهجة لقلب كل مؤمن.

السماء وجهنم موجودتان وعدم اهتمامك بهذا الأمر لا يلغي وجودهما فأي مكان تختار بينهما؟!!