العودة الى الصفحة السابقة
الفريسي والعشار الإنجيل بحسب البشير (لوقا 9:18-14)

الفريسي والعشار الإنجيل بحسب البشير (لوقا 9:18-14)

القس. جون نور


أود ان اتحدث اليكم عن قصة الفريسي والعشار التي وردت في انجيل لوقا الاصحاح الثامن عشر وقبل كل شيء، دعونا نفهم معنى هاتين الكلمتين بوضوح – الفريسي والعشار.

الفريسي: كان عضواً في فئة دينية كانت تدرب أعضاءها على التشدد في مفهوم ناموس الله. ولكن اهتمام هؤلاء الفريسيين ينصب بالأكثر على التفاصيل الصغيرة بينما أهملوا أعظم واجبات الحياة. ولأنهم لم يعملوا بما علموه، أصبحوا معروفين بالمرائين دينياً.

أما العشار: فهو الرجل الذي يجبي الضرائب للحكومة الرومانية. والعشار المذكور في الكتاب المقدس كان يهودياً، ولأن هؤلاء اليهود عملوا لحساب المحتلين الرومان، فكانوا محتقرين من اليهود الآخرين معتبرين كالخونة. وكان أيضاً معروفاً عنهم أنهم يجبون مالاً أكثر مما يحق لهم ليأخذوه لأنفسهم. لهذا كانوا محرومين من النشاطات الدينية كلياً.

على أي حال، صعد كل من الفريسي والعشار إلى الهيكل ليصليا. ولربما وقف الفريسي في مكان بارز جداً وصلى بصوت عال نسبياً ليسمع الجميع. وما قاله يمكن أن نفسره كالتالي: «يا الله، إنني فخور لأنني لست مثل كثير من الناس الذين اعرفهم – مثل هذا الذليل جابي الضرائب الواقف هناك. أنا لا اسلب الآخرين. أنا لا أعمل لحساب العدو. أنا لا اقترف الزنى. أنا أصوم مرتين في الأسبوع وأضع المال بانتظام في صندوق التبرعات. واعرف إنني على ما يرام مع الله».

أما العشار فوجد مكانا منزوياً لكي لا يرى من الناس. وشعر بالاستياء من نفسه لدرجه أنه لم يجرؤ على النظر فوق إلى الله. بدل ذلك قرع على صدره، لائما نفسه، وصلى،: ارحمني يا الله لأنني إنسان خاطئ.

لقد أوضح يسوع معنى القصة، وقال أن العشار كان الشخص الذي حصل على الموقف الصحيح أمام الله لأنه تواضع. أما الفريسي فذهب إلى بيته مذنبا كما كان من قبل، لأنه نفخ ذاته أمام الله.

دعونا ننظر إلى هذين الرجلين وصلاتيهما لنرى من منهما نشبه.

كانت صلاة الفريسي كلها عن نفسه. ولقد استعمل الصيغة الشخصية «أنا» خمس مرات. حقاً كان أنانياً متخصصاً في ال «أنا». لقد تبجح بخصوص ما عمله وما لم يعمله. لقد صام مرتين في الأسبوع مع أن الناموس طلب الصيام مرة في السنة (لاويين 29:16، 27:23، 29؛ سفر العدد 7:29). لقد أعطى العشر من كل مدخولاته، مع أن الناموس طلب فقط عشر المحصول الزراعي، الكرمة ، الزيت والماشية (سفر التثنية 22:14، 23).

اما صلاة العشار فكانت متواضعة. لقد وقف من بعيد كما لو كان نجساً وبالتالي ليس أهلاً للاقتراب إلى الله. وبضربه على صدره كان يرى أنه يذلل نفسه، لم يرى نفسه وكأنه على ما يرام مع الله.

كان الفريسي يفتخر بمقدار عمله الصالح. أما العشار فقد ألقى بنفسه على سعة رحمة الله.

تكلم الفريسي وكأنه القديس الوحيد: «أنا لست كباقي الناس». أما العشار فتكلم وكأنه وحده خاطئ. وما قاله حقيقة كان، «ارحمني يا الله، أنا الخاطئ». ليس أحد الخطاة، بل الخاطئ.

شعر الفريسي أنه مكتفٍ ذاتياً. لم يحتج لأي شيء أو أي شخص خارج نفسه. أما العشار فأدرك انه محتاج لشخص آخر ليعمل تقدمة تكفي مطالب الله. احتاج بديلاً. وعندما صلّى، ارحمني يا الله»، وكان لسان حاله يقول «أنا أعرف أنني لا أستطيع إرضاء الله بسبب خطاياي». نحن نعرف أن الله قد أعد تقدمة كهذه. لقد أرسل ابنه ليموت لأجل خطايانا. الموت عقاب لكل الخطايا. (رومية 23:6). لقد مات يسوع مكاننا، وعندما نقبله على أنه ربّ ومخلّص، فالله سيكون رحيماً معنا ويقدر أن يغفر لنا خطايانا، لأن الجزاء قد دفع.

نرى إذاً أن العشار طلب الرحمة وحصل عليها. أما الفريسي من الجهة الأخرى لم يطلب شيئاً، وهذا ما حصل عليه.

الذي رفض أن يتوب رجع مثقلاً بالذنوب. والذي اعترف بحاجته ذهب مبرراً. وهذا يعني ببساطة أنه حصل على موقف سليم أمام الله. الله يبرر ويحسب باراً كل من يأتي إليه كخاطئ تائب، مؤمناً أن الرب يسوع المسيح مات من أجل خطاياه، ويقبله رباً ومخلصاً بإيمان مطلق. الله لا يغفر لأحد إلى أن يقول «أنا أخطأت».

هناك اختلاف واحد وأخير بين الرجلين. الفريسي أكرم ورفع نفسه، فوضع. أما العشار فوضع نفسه فأكرم ورفع.

يوجد مغزى بالقول أن هذين الرجلين يمثلان دينين اثنين في العالم. وربما يعترض أحدهم أنه يوجد مئات الأديان في العالم – البوذية، الهندوسية، اليهودية، الإسلامية، والمسيحية وغيرها كثير. نعم ولكن في الأساس يوجد فقط اثنان. الفريسي يمثل كل الأديان التي تعلم أن الإنسان يكتسب خلاصه بنفسه، جزئياً على الأقل. يقول أنه مخلص بعمله الصالح، بكونه متدين، بعطائه المال، بكونه شخصاً صالحاً، وبعمله أفضل ما يستطيع. من الطبيعي أنه لا يمكنه أبدأ معرفة ما إذا كان قد خلص طالما هو على الأرض، لأنه لا يعرف ما إذا عمل أعمال كافية ومن النوع الصحيح.

العشار يمثل الدين الحقيقي. الملطلوب من ذلك الدين الذي يعلم أن الإنسان لا يخلص نفسه. هذا يعلم أيضاً أن الله يدبر الخلاص كهبة مجانية لكل الذين يعترفون أنهم خطاة ويقبلون الرب يسوع على أنه رجائهم الوحيد لسماء.

أي دين تختار وأي دين تصنعه لنفسك، هل تسير على دين الفريسي أم العشار؟

خلاص الله أعد لك كهبة مجانية فأختار أن تكون مع الرب في كل طرق حياتك.