العودة الى الصفحة السابقة
الصلاة التي تطلب

الصلاة التي تطلب

القس. جون نور


لقد مات يسوع على الصليب حتى يمكّننا من أن نعرف الله كأب لنا، ولهذا يجب ألا نضيع مثل هذا الامتياز، فالله يريد أن يسدد احتياجات أولاده لأنه يحبهم، ويتوق إلى أن يراهم يأتون إليه مؤمنين بأنه سيعطيهم.

فعندما نطلب نجد أن إيماننا فعلاً يمتحن، لأن يسوع يخبرنا أن الآب يريد أن يعطينا أي شيء نطلبه منه.

«إن ثبتم فيّ وثبت كلامي فيكم تطلبون ما تريدون فيكون لكم» (يو 7:15)، الوعد واضح، تطلبون ما تريدون فيكون لكم، وليس ربما يكون لكم، أو يمكن أن يكون لكم، ولكن يكون لكم.

ولكن يبدو أن يسوع يضع شرطاً لهذا الوعد ألا وهو: «إن ثبتم فيّ وثبت كلامي فيكم».

في ليلة القبض على يسوع جلس يعلم تلاميذه وأخبرهم عن الأحداث التي ستحدث وأعطاهم وعد الروح القدس الذي سيأتي ليسكن فيهم، وهذه هي آخر فرصة قبل الصلب، إذ أنه سيصلب ويرقد جسده في القبر خلال الأربعة والعشرين ساعة التالية.

وتطرق يسوع إلى صورة الكرمة أي شجرة العنب وأغصانها ليصف العلاقة التي ستكون بينه وبين تلاميذه، فقال: «أنا الكرمة الحقيقية وأبي الكرام» وقال لتلاميذه: «أنتم الأغصان» فهم جزء منه ويحيون فيه، ولا يمكن أن يكون لهم وجود بدونه. «بدوني لا تقدروا أن تفعلوا شيئاً».

الهدف من وجود كل غصن في الكرمة هو أن يأتي بثمر، ففي الكرمة الحقيقية نجد أن الغصن المثمر هو الذي يثبت في يسوع:

«كما أن الغصن لا يقدر أن يأتي بثمر من ذاته إن لم يثبت في الكرمة كذلك أنتم أيضاً إن لم تثبتوا فيّ» (يو 4:15).

وكلمة يثبت معناها، يرتاح أو يبقى أو يمكث أو يعيش باستمرار، وعندما يقول يسوع: «أثبتوا فيّ وأنا فيكم» فإنه يعني: «ابقوا فيّ وأنا فيكم، عيشوا دائماً فيّ وأنا فيكم».

وعندما تفعل هذا، ستكون مثمراً: «الذي يثبت فيّ وأنا فيه هذا يأتي بثمر كثير». (يو 5:15).

إذا اعترفت بأن حياتك هي لله، وإذا أعطيت نفسك له فأنت بالفعل في يسوع، وغصن في الكرمة الحقيقية. فعندما أتيت إلى الصليب اعترفت بأنك في المسيح، فهذا هو المكان الذي وضعك فيه الله. لقد كنت في يسوع عندما صلب، لهذا فقد مت معه، وقمت معه لحياة جديدة وحياة أفضل. فلا يمكنك الاقتراب من يسوع بمجهوداتك الخاصة، فقد اقتربت منه بسبب ما فعله يسوع نفسه، لهذا بإمكانك أن تحيا حياتك كلها في المسيح يسوع.

لا يقتصر الأمر على أنك تحيا في المسيح فقط بل إنه يحيا فيك، «اثبتوا فيّ وأنا فيكم»، فهو يحيا فيك بقوة الروح القدس، وسيعلن الروح كلماته لقلبك حتى تؤمن بها وتعيشها في حياتك.

إنك في المسيح طوال الوقت مثل الغصن الذي هو في الكرمة طوال الوقت، فأنت جزء منه ومن جسده الذي يحيا هنا على الأرض، فأنت فيه مثل الصفحة الثابتة في الكتاب.

لا تنظر إلى فشلك في الماضي، ولكن أنظر أمامك بعيني الإيمان وسترى أن حياتك يمكن أن تصبح حياة مثمرة إذا كنت تحيا في المسيح وتسمح لكلمته أن تحيا فيك، وهذا سيفرح الآب

أقول لك: اسمع كلمته، آمن بها، وأعمل بها، تثمر أكثر.

يريد أبوك السماوي أن يرى ثمراً أكثر في حياتك، فيقول يسوع أن الآب ينقي تلاميذه حتى يأتوا بثمر أكثر، فسيزيل الخطية والعصيان وعدم الإيمان من حياتك لأنها تعوق إتمام وعوده في حياتك، وستكون شخصاً أسعد بدون هذه الأمور السلبية الهدامة.

عندما تصلي بإيمان وتؤمن بأن الله سيفعل لك مَا تطلبُه فهذا هو الثمر الذي يريده الله منك. وتذكر أن الغصن لا يمكن أن يأتي بثمر من نفسه، ولكن الثمر ما هو إلا تدفق للحياة التي تعطيها له الساق، وقد وضع الله روحه الذي يعطي الحياة فيك حتى تكون مثمراً.

«إن ثبتم فيّ وثبت كلامي فيكم تطلبون ما تريدون فيكون لكم».