العودة الى الصفحة السابقة
الخروف الضال

الخروف الضال

القس. جون نور


(الإنجيل بحسب البشير متى 12:18-14 ولوقا 1:15-7)

تعتبر قصة الخروف الضائع واحدة من قصص الإيمان المسيحي المحببة جداً الى القلب فهي تتحدث عن راعٍ كان عنده مائة خروف. في أحد الأيام تاه أحد هذه الخراف وضل الطريق. فماذا على الراعي أن يفعل؟ هل يكون راضيا أنه بقي لدية تسعة وتسعون؟ بالطبع لا، فلقد ترك التسعة والتسعين وبحث بلا كلل حتى وجد الخروف الضائع. فحمله ووضعه على كتفيه ورجع به إلى البيت سعيداً ومنتصراً. وحال وصوله دعا أصدقاءه وجيرانه وقال «افرحوا معي لأنني وجدت خروفي الضائع».

عندما روى يسوع هذه القصة كان يفكر بطبقتين من الناس. كان هناك جباة الضرائب والخطاة – وهم أناس يعرفون بضياعهم. وكان هنالك أيضاً الفريسيون وهولاء (أكثر الفئات تعصبا بين اليهود) وايضا الكتبة ( وهم كاتبوا ومفسرو الشريعة اليهودية) الذين لا يقرون أبدا بكونهم خطاة. الخراف التسعة والتسعون في القصة يشيرون الى الفريسيين والكتبة. ولقد استعمل الرب يسوع هذه القصة ليعلمنا أنه يكون فرح في السماء بخاطئ واحد يتوب أكثر من تسعة وتسعين باراً لا يحتاجون إلى التوبة.

ما هو الدرس الذي نتعلمه من هذه القصة

يمكننا تطبيق القصة على أنفسنا. نحن كالخروف التائه بعيداً.. لقد كان هذا الخروف ضائعاً وفي خطر ، لا يستطيع مساعدة نفسه، ولم يكن باستطاعته إيجاد طريق العوده. كان النبي أشعياء مصيبا عندما قال:«كلنا كغنم ضللنا ملنا كل واحد إلى طريقه» (أشعياء 6:53). ويذكرنا الرسول بطرس أيضاً إننا كغنم سائرين في ضلال طريقنا (بطرس الأولى 25:2). وطبعاً فإن يسوع هو الراعي. أنه الراعي الصالح (يوحنا 11:10)، الراعي العظيم (عبرانيين 20:13) ورئيس الرعاة (بطرس الأولى 4:5). فلنلاحظ عن كثب المقارنةَ بين يسوع والراعي الذي ذهب ليبحث عن الخروف.

أول كل شيء، يسوع يحبنا، قبل أن نعرفه بكثير، لقد أحبنا قبل تأسيس العالم، لقد أحبنا كما لم يحبنا أحد قط.

محبته جعلته يترك مجده في السماء. ولم يكن ملزما بالمجيء إلى العالم. كان يقيم في سعادة كاملة مع الله الآب. لم يدخل السماء أي شيء ليعكر صفوه. لم يكن هناك ما يحتاجه ليزيد سلامه وراحته كمالاً. ولكن لمعرفته بوجود خراف ضالة مثلنا، ترك السماء.

محبته دفعته لأن ينزل إلى أدغال الخطيئة هذه. ولا يمكننا بالتاكيد إدراك هذا التنازل العظيم الذي تنازله ابن الله بأن يأتي إلى أرضنا ليولد كطفل في مذود حقير للبقر في بيت لحم. لا يمكننا استيعاب ما يعنيه العمل للذي هو كلي القداسة أن يسكن في عالم الخطيئة والشقاء والبؤس. لا يمكننا أن ندرك ما كلفه وهو كلي الغنى أن يصبح فقيراً تماماً من اجلنا!!

إذاً كما خرج الراعي في القصة ليبحث عن الخروف الضائع قال هو مكرراً، «إن ابن الإنسان قد جاء ليطلب ويخلص ما قد هلك». لقد رفضه الناس، ولكنه بقي يطلب. لقد اضطهده القادة الدينيون، ولكنه بقي يبحث. حتى أصدقاؤه تركوه، ولكنه بقي يطلب. لم يقبل الإحباط. لم يتراجع. لم ييأس. لقد صمم على إيجاد ذلك الخروف الضال .

حب الراعي قاده لأن يبذل حياته لأجل رعيته، وكما قال، «أنا هو الراعي الصالح، والراعي الصالح يبذل نفسه عن الخراف» (يوحنا 11:10). كان هذا أمراً غير عادي أبداً. عادة يجب أن تموت الرعية لأجل الراعي، وذلك ببيعها للذبح من أجل اللحم لكي يحصل هو على المال. ولكن الراعي الصالح مات من أجل الرعية. على صليب الجلجثة، مات الرب يسوع ليخلصنا من خطايانا. مات ليدفع العقاب الذي تستحقه خطايانا. مات لكي يقربنا إلى الله. لا يمكن لأي منا أن يعرف كم كلفه البحث عن الخراف الضالة.

والآن يرسل الراعي أخباره السارة لكل العالم. إذا كان هناك أي مذنب، ضالٍ خاطئ يريد التوبة عن خطاياه وقبول يسوع المسيح رب له ومخلص، هذا الشخص سيخلص. تغفر خطاياه. وسيحصل على الحياة الأبدية كعطية مجانية (رومية 23:6).

نرى الراعي يضع خروفه الذي نجاه على كتفيه. الكتفان في الكتاب المقدس يعبران عن القوة. وما أروعها من صورة! وهذه تذكرنا أن راعينا ليس فقط قادراً أن ينجينا بل أيضاً يقدر أن يحفظنا. قال المسيح، «خرافي تسمع صوتي، وأنا أعرفها فتتبعني؛ وأعطيها حياة أبدية ولن تهلك إلى الأبد ولا يخَطَفُها أحد من يدي. أبي الذي أعطاني إياها هو أعظم من الكل ولا يقدر أحد أن يَخَطفَ من يد أبي».(يوحنا 27:10-29).

سوف لا يتوقف الراعي إلى أن يأتي بالخروف الضال إلى بيته بسلام. وراعينا سوف لا يتوقف حتى يكون قد أتى بكل رعيته بسلام إلى السماء. في كل مرة يأتي أحد أحبائه بسلام إلى الطرف الآخر، يكون ذلك سبب فرح عظيم لقلبه!

لقد كتب داود قبل عشرات السنين بكلمات رائعة مديحه للراعي الصالح. وهو معروف لدينا بالمزمور الثالث والعشرين حيث يقول فيه:

Table 1. 

الرب راعي؛فلا يعوزني شيء.
في مراع خضر يربضني؛ إلى مياه الراحة يوردني.
يرد نفسي؛يهديني إلى سبيل البر من أجل أسمه.
أيضاً إذا سرت في وادي ظل الموت،لا أخاف شراً: لأنك أنت معي؛
عصاك وعكازك هما يعزيانني.ترتب قدامي مائدة تجاه مضايقي؛
مسحت بالدهن رأسي؛ كاسي ريا.إنما خير ورحمة يتبعانني كل أيام حياتي؛
وأسكن في بيت الرب إلى مدى الأيام.