العودة الى الصفحة السابقة
نقل الجبال

نقل الجبال

جون نور


قال يسوع: «من قال لهذا الجبل انتقل وانطرح في البحر ولا يشك في قلبه بل يؤمن أن ما يقوله يكون فمهما قال يكون له» (مر 23:11).

«من» معناها «أي شخص» وهذا ينطبق عليك أنت، فيسوع يريد هذا النوع من الإيمان في حياتك، حتى تستطيع أن تنظر إلى الجبل الذي يقف أمامك وتقول له انتقل وسينتقل، والجبل هو المشكلة أو الاحتياج الذي تواجهه في حياتك.

وبلا شك نرغب جميعاً في أن يكون لنا مثل هذا الإيمان، ومثل هذا السلطان، فهل نحن نضارب الهواء؟ بالطبع لا وفقاً لما يقوله يسوع.

ومن الواضح أن هذا الأمر لا يتعلق بالكلمات التي نستخدمها، فلا توجد وصفة سرية خاصة بكلمات الصلاة يمكننا أن نتعلمها حتى تلبي كل احتياجاتنا، ولكن يسوع يحذرنا من أن نكرر كلماتنا باطلاً.

عندما أخبرنا يسوع كيف يمكن للجبال التي في حياتنا أن تنتقل استخدم هذه العبارة: «ولا يشك في قلبه» فلا يهم الكلمات التي تتحدث بها إلى الجبل ولكن الذي يهم هو ما تؤمن به في قلبك عندما تقول هذه الكلمات.

يخبرنا يسوع أنه عندما نتحدث إلى الجبل يجب ألا نشك في قلوبنا أنه سينتقل، ومرة أخرى إن الأمر لا يتعلق بالكلمات التي تخرج من أفواهنا ولكن بما نؤمن به في قلوبنا.

لا يمكنك أن تمنع نفسك من مهاجمة الشكوك، في بعض الأحيان يبدو لك أن هذه الشكوك تأتي لك من كل جانب

ولكن يخبرنا يسوع أنه بدلاً من هذه الشكوك يجب أن يتحدث الإنسان إلى الجبل مؤمناً أن ما يقوله يكون. فلا يجب على الإنسان أن يتحدث إلى المشكلة ويرجو أن تحل، ولكنه يتحدث وهو يعلم أنها ستحل، فهو يعلم أن الله لا يريد أن يظل هذا الجبل في مكانه.

ينمو كثير من المؤمنين وهم يعتقدون أن الله يريد وجود هذه الجبال والمشكلات الصعبة التي لا يمكن حلها والتي تعترض حياتهم، ولكن يسوع يعلمنا أن نختبر إيماننا لننقل هذه الجبال التي أن نصطدم بها طوال الوقت!

من السهل أن تستسلم أمام المواقف، إذا كنت تعلم في قلبك أنك لا تملك الإيمان لترى الجبال تتحرك وتنتقل، فيحاربك إبليس بأن تبحث عن عذر للجبل حتى يظل في مكانه ولا ينتقل،

فعلاً يعلمنا الله من خلال كل المواقف التي نمر بها في حياتنا، وأن هذه الجبال لم يكن لها أن تواجهنا دون أن يسمح لها الله بهذا، ولكن يهدف الله إلى أن يعطينا حياة ولا يهدف أن يدمرنا، أو أن يجعل حياتنا غير محتملة، ولكنه يريد أن يرى الإيمان في أولاده وأنهم يؤمنون بأن الجبال ستتحرك ولن تبقى في مكانها.

وإذا كنت تعتقد أن مشكلتك هي صليبك الذي يجب أن تحمله، فأنت تحمل الصليب الخطأ، مات يسوع على صليبه لكي ينقذنا من كل ما هو سلبي مثل الخطية والمرض والخوف والموت، ويخبرنا يسوع بأن الصليب الذي يجب أن نحمله هو ذلك الذي نحمله بإرادتنا وليس المشكلة التي لا نريدها، إنه صليب إنكار الذات من أجل أن نحيا لمجد الآب ومن أجل امتداد ملكوته، «إن أراد أحد أن يأتي ورائي فلينكر نفسه ويحمل صليبه ويتبعني»(مت 24:16).

قد يكون هناك كثيرون حالهم أسوأ منك ولكن هذا لا يغير حقيقة أن الله يريد أن يسدد كل احتياج في حياتك، لم يخف الرسول بولس عندما قال لأهل فيلبي: «فيملأ إلهي كل احتياجكم بحسب غناه في المجد في المسيح يسوع» (في 19:4).

الله إلهك أنت أيضاً وهذه الكلمات هي لك، وأنه يريد أن يسدد كل احتاج في حياتك إنه يريد أن يعطي الآخرين أيضاً فالله مستعد أن يسدد كل احتياج، ليس بالمصادر البشرية المحدودة ولكن «بحسب غناه في المجد في المسيح يسوع» وغناه هذا أمر غير محدود، فلن تدرك نهاية الأمور التي يريد ا لله أن يعطيك إياها من خلال ابنه.

ربما تكون أكثر الأعذار شيوعاً هي تلك: «أنا غير مستحق» أو «لتكن إرادتك لا إرادتي يا رب».

لا يستحق أي شخص فينا أن يحصل على شيء من الله، ولكن من خلال صليب يسوع أصبحنا مستحقين، ولهذا يمكنك أن تقول: «أنا في نفسي غير مستحق ولكن الله جعلني مستحقاً أن أحصل على غناه من خلال دم ابنه يسوع، فالله يحبني، وقد قبلني ويريد أن يعطيني، ويريد أن يسدد كل احتياجاتي [بحسب غناه في المجد في المسيح يسوع] فأنا أحد أولاد العهد الجديد».

وعادة ما نسيء استخدام الصلاة التي صلى فيها يسوع قائلاً: «لتكن لا إرادتي بل إرادتك» فهذه هي صلاة الخضوع التي صلى بها يسوع في بستان جثسيماني قبل القبض عليه مباشرة، وقبل الصلب.

هناك مواقف عديدة صلينا فيها، ولكننا لم نر الاستجابات المطلوبة وهذا ليس بسبب أن الله لا يريد أن يستجيب لصلواتنا ولكنه يريد أن تنتقل الجبال، ولهذا لا نحتاج أن نصلي في مثل هذه المواقف قائلين: «لتكن إرادتك» ولكننا نحتاج إلى الإيمان الذي يجعل إرادة الله فعالة.

لم يقل الله إنه يجب عليك أن تنقل الجبل الذي في حياتك، ولكن يجب أن تتحدث إليه، وتؤمن بأنه سينتقل وسيحدث هذا ويكون لك، فالله هو الذي سينقله وليس أنت.

أنت تتكلم

أنت تؤمن

ولكن الله سينقل الجبل لك.

ولتكن كلمات إيمانك: «ولا يكون شيء غير مستطاع له»