العودة الى الصفحة السابقة
المرأة التي أمسكت بذات الفعل

المرأة التي أمسكت بذات الفعل

جون نور


«2 ثُمَّ حَضَرَ أَيْضاً إِلَى اٰلْهَيْكَلِ فِي اٰلصُّبْحِ، وَجَاءَ إِلَيْهِ جَمِيعُ اٰلشَّعْبِ فَجَلَسَ يُعَلِّمُهُمْ. 3 وَقَدَّمَ إِلَيْهِ اٰلْكَتَبَةُ وَاٰلْفَرِّيسِيُّونَ اٰمْرَأَةً أُمْسِكَتْ فِي زِناً. وَلَمَّا أَقَامُوهَا فِي اٰلْوَسَطِ 4 قَالُوا لَهُ: «يَا مُعَلِّمُ، هٰذِهِ اٰلْمَرْأَةُ أُمْسِكَتْ وَهِيَ تَزْنِي فِي ذَاتِ اٰلْفِعْلِ، 5 وَمُوسَى فِي اٰلنَّامُوسِ أَوْصَانَا أَنَّ مِثْلَ هٰذِهِ تُرْجَمُ. فَمَاذَا تَقُولُ أَنْتَ؟» 6 قَالُوا هٰذَا لِيُجَرِّبُوهُ، لِكَيْ يَكُونَ لَهُمْ مَا يَشْتَكُونَ بِهِ عَلَيْهِ. وَأَمَّا يَسُوعُ فَاٰنْحَنَى إِلَى أَسْفَلُ وَكَانَ يَكْتُبُ بِإِصْبِعِهِ عَلَى اٰلأَرْضِ. 7 وَلَمَّا اٰسْتَمَرُّوا يَسْأَلُونَهُ، اٰنْتَصَبَ وَقَالَ لَهُمْ: «مَنْ كَانَ مِنْكُمْ بِلاَ خَطِيَّةٍ فَلْيَرْمِهَا أَوَّلاً بِحَجَرٍ!» 8 ثُمَّ اٰنْحَنَى أَيْضاً إِلَى أَسْفَلُ وَكَانَ يَكْتُبُ عَلَى اٰلأَرْضِ. 9 وَأَمَّا هُمْ فَلَمَّا سَمِعُوا وَكَانَتْ ضَمَائِرُهُمْ تُبَكِّتُهُمْ، خَرَجُوا وَاحِداً فَوَاحِداً، مُبْتَدِئِينَ مِنَ اٰلشُّيُوخِ إِلَى اٰلآخِرِينَ. وَبَقِيَ يَسُوعُ وَحْدَهُ وَاٰلْمَرْأَةُ وَاقِفَةٌ فِي اٰلْوَسَطِ. 10 فَلَمَّا اٰنْتَصَبَ يَسُوعُ وَلَمْ يَنْظُرْ أَحَداً سِوَى اٰلْمَرْأَةِ، قَالَ لَهَا: «يَا اٰمْرَأَةُ، أَيْنَ هُمْ أُولَئِكَ اٰلْمُشْتَكُونَ عَلَيْكِ؟ أَمَا دَانَكِ أَحَدٌ؟» 11 فَقَالَتْ: «لاَ أَحَدَ يَا سَيِّدُ». فَقَالَ لَهَا يَسُوعُ: «وَلاَ أَنَا أَدِينُكِ. اٰذْهَبِي وَلاَ تُخْطِئِي أَيْضاً»» (يوحنا 8: 2-11).

في ذات صباح باكر، أتى يسوع إلى الهيكل في أورشليم، وكما كان معتاداً، ابتدأ يعلم الناس المتجمعين حوله.

لم يرغب قادة الشعب رؤية الجموع وهي تظهر اهتماماً بيسوع وبتعليمه، لذلك قرروا أن يسيئوا إلى سمعته في نظر الناس.

أتوا بامرأة أمامه وأعلنوا بخبث أنهم أمسكوها بذات فعل الزنى، وذكّروا يسوع أنه بحسب ناموس الله يجب أن تُرجم حتى الموت (لاويين 10:20، تثنية 22:22). وبعد ذلك طلبوا حكمه عليها.

وفي الواقع كانوا يحاولون أن يمسكوا يسوع بخطأ. إن قال أنه يجب أن تُرجم فلا يكون كريماً. وإن قال أنه يجب إطلاق سراحها، فسيكون مناقضاً للشريعة. فيكون مخطئاً على كلا الحالتين.

قبل أن يجيبهم، انحنى يسوع على الأرض وبدأ يكتب بإصبعه على التراب، كثيراً من التخمينات قد قيلت عما كان يسوع يكتبه، ولكنها تخمينات فقط. ولكن الواقع البسيط هو أنه لم يعرف أي شخص ما كان يكتب.

كان المدعون يلحون عليه لكي يحصلوا منه على جواب. واستمروا يمطرونه بأسئلتهم: ماذا نفعل بهذه المرأة المذنبة؟ عندها فقط انتصب الرب يسوع بقامته كلها وقال: «مَنْ كَانَ مِنْكُمْ بِلاَ خَطِيَّةٍ (أو بدون ذات الخطيئة) فَلْيَرْمِهَا أَوَّلاً بِحَجَرٍ!».

ومرة أخرى انحنى وعاد يكتب على الأرض. ومرة أخرى بقي سراً ما كتب. ولا يعرف أي شخص ما كانت الرسالة، ومحاولة التخمين عديمة النفع.

لكن كلمات يسوع قد سببت تبكيتاً للكتبة والفريسيين. وانقلب فخهم عليهم. هل كانوا يختلفون عن هذه المرأة؟ وابتدءوا ينسحبون خارجين، واحداً بعد الآخر، من كبيرهم إلى صغيرهم.

عندها قال يسوع للمرأة: «أَيْنَ هُمْ أُولَئِكَ اٰلْمُشْتَكُونَ عَلَيْكِ؟ أَمَا دَانَكِ أَحَدٌ؟» فَقَالَتْ: «لاَ أَحَدَ يَا سَيِّدُ». فَقَالَ لَهَا يَسُوعُ: «وَلاَ أَنَا أَدِينُكِ. اٰذْهَبِي وَلَا تُخْطِئِي أَيْضاً».

من السهل للذي يقرأ هذه القصة بغير مبالاة الافتراض بأن يسوع في الواقع أدان زنى المرأة. ولكن الأمر ليس كذلك، كما سنرى. دعونا نلقي نظرة ثانية على القصة لنرى ما هي الدروس التي نتعلمها منها.

أول كل شيء، نرى كيف كان الكتبة والفريسيون يمارسون التمييز العنصري فإنهم يشهرون بالمرأة التي أمسكت بالزنى. ولكن ماذا بخصوص الرجل؟ لأن الأمر يحتاج لاثنين لارتكاب خطية الزنى. لقد تستروا على الرجل ووضعوا كل اللوم والعار على المرأة. هذا ليس بغريب. لأن الرجل بنزعته وناموس البشر كان دائماً يدين المرأة ويطلق سراح الرجل. من الممكن أن ما قاله يسوع أو قصده في الواقع كان، من منكم لم يقترف هذه الخطيئة خطيئة الزنى يرمي الحجر الأول. إذا كان الرجل أيضاً مذنباً بنفس نوع الخطيئة فيجب أن يُرجم هو أيضاً. يجب أن يكون تنفيذ الحكم بواسطة شخص غير مذنب بنفس الخطيئة. وبما أن الكتبة والفريسيين قد انسحبوا، فإن هذا يرينا أنهم جميعاً كانوا مذنبين وفقاً لضميرهم.

لاحظوا أن المرأة في عدد 11 من إنجيل يوحنا 8-11 أنها دعت يسوع رب. يمكننا الافتراض أن هذا إقرار بالإيمان به. إن كان هذا صحيحاً، فهي كأنها في الواقع تقول: «أنا أعرف أنني خاطئة مذنبة. أمسكت بذات الفعل. لكنني أومن أن يسوع هو المخلّص الموعود، وأنا أقبله كمخلّصي من خطاياي. وأثق بأنه سيغفر لي خطاياي ويمنحني الحياة الأبدية».

الجواب الذي أعطاه يسوع يقنعنا أنها قد تابت وآمنت به. فقال: «وَلاَ أَنَا أَدِينُكِ. اٰذْهَبِي وَلاَ تُخْطِئِي أَيْضاً». يرينا هذا الجواب أن يسوع كان مملوءاً نعمة وحقاً. «وَلاَ أَنَا أَدِينُكِ» – هذه نعمة. «اٰذْهَبِي وَلاَ تُخْطِئِي أَيْضاً». كان كلام الرب يسوع دائماً بنعمة، وثانياً بملح. كان الجزء الأول هنا نعمة؛ والثاني ملح.

«اٰذْهَبِي وَلاَ تُخْطِئِي أَيْضاً». ولكن لماذا قال هذا؟ ألم يعرف أنه حتى المؤمنون الحقيقيون ما زالوا يخطئون كل يوم بالفكر والقول والفعل؟، نعم، لقد عرف كل هذا. لكنه أراد أن يضع أمام هذه المرأة معياره الكامل.

عندما مات يسوع، جميع خطايانا كانت مستقبل، وهو قد مات من أجلها جميعاً. ولأن يسوع قد دفع الدين، فليس علي أن أدفعه. الله لا يطلب الدفع مرتين. لا يوجد خطر مضاعف.

هذا لا يعني أن المؤمن يستطيع أن يخطئ وينجو بها. يوجد للمؤمن ضمانه، ولكن عند الله تأديبه. مع أن العقاب قد دُفع، مما يعني إنني سوف لا أذهب إلى جهنم أبداً، ولكن الحقيقة أن تأثير الخطيئة باق في هذه الحياة. وعلى المؤمن الذي يخطئ أن يتوقع تأديب الله. وهذا يكون على شكل مرض، بعض الحزن، بعض الضياع، أو حادثة ما أو حتى الموت نفسه (أنظر 1 كورنثوس 27:11-32).