العودة الى الصفحة السابقة
نعمان السرياني

نعمان السرياني

«وَكَانَ الرَّجُلُ جَبَّارَ بَأْسٍ، أَبْرَصَ» (ملوك الثاني 1:5)

جون نور


قامت حرب بين بلدين. انهزم جيش وانتصر جيش آخر وكان الجيش المنهزم هو ما تنتمي إليه هذه الفتاة البسيطة. أما الجيش المنتصر فهو جيش نعمان. ولقد أخذ نعمان أسرى كثيرين كان من بينهم هذه الفتاة.

وقد أعطى الرب هذه الفتاة نعمة في عيني هذا الرجل فلم يرسلها إلى معسكر الأسرى بل أرسلها إلى أحب مكان عنده وهو بيته وهناك أظهرت هذه الفتاة أنها كانت عند حسن ظن سيدها. بل قولوا أنها أظهرت نعمة الله. لهذا الرجل نعمان. العدو، الذي حرمها من أعز الناس إليها. والديها، واخوتها، ووطنها ومع كل هذا فلقد أحبته وتمنت له الشفاء على يدي أليشع رجل الله وهذا ما تم فعلاً. وهذا هو موضوع تأملنا في هذه الحلقة.

كان نعمان شخصية كبيرة. لكن هل كبير أمام الله؟ هل عظيم أمام خالقه؟ كلا. لأن الخاطئ صغير أمام الله. نعم قال الرب أكرم الذين يكرمونني والذين يحتقرونني يصغرون.كان نعمان رجلاً مريضاً بالبرص وهو مرض خطير ومعدي. أليس هذا إشارة إلى الخطية فهي مرض خطير ومعدٍ أيضاً وسريع الانتشار إن خاطئ واحد يفسد خيراً جزيلاً. والذباب الميت ينتن طيب العطار بل قولوا إن الخاطئ ميت في نظر الله ليس مريضاً فقط لكنه ميتاً نعم لأنه مكتوب: «وَأَنْتُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَمْوَاتًا بِالذُّنُوبِ وَالْخَطَايَا» (أفسس 1:2). إن النفس المريضة محتاجة إلى علاج إلى دواء. ولا يوجد هذا الدواء إلا عند الرب، هل تأتي إليه فيشفيك.

حينما كان نعمان يخلع سترته العسكرية كان يظهر برصه. وهنا كان نعمان يشعر بمرضه. يشعر بحقارته. أمام الجيش أمام الضباط له مكانة سامية. لكن أمام نفسه. أمام الله فهو رجل مريض وحقير. هكذا الإنسان الخاطئ مهما كان عظيماً فهو حقير.

كانت هذه الفتاة بسيطة، لكن كانت تحمل قلباً كبيراً. قلب محب حتى للأعداء - حتى للخطاة - حتى لنعمان الذي حرمها من أعز الناس لديها ومع ذلك قدمت إليه النصح للذهاب إلى رجل الله. إن هذه هي المحبة العملية التي قال عنها الرسول يوحنا يا إخوتي لا نحب بالكلام ولا باللسان بل بالعمل والحق.. هذا ما أظهرته هذه الفتاة. أحبت عدوها ألم يقل المسيح: «أَحِبُّوا أَعْدَاءَكُمْ. بَارِكُوا لاَعِنِيكُمْ. أَحْسِنُوا إِلَى مُبْغِضِيكُمْ، وَصَلُّوا لأَجْلِ الَّذِينَ يُسِيئُونَ إِلَيْكُمْ وَيَطْرُدُونَكُمْ» (متّى 5: 44).

لقد سامح المسيح على الصليب قاتليه ومن ضمنهم يهوذا الذي أسلمه.

هل نسامح نحن. أم أن العدو إبليس يزرع بيننا خصومات ليت الرب يساعدنا لكي نسامح. لأنه مكتوب: «لاَ تَغْرُبِ الشَّمْسُ عَلَى غَيْظِكُمْ، وَلاَ تُعْطُوا إِبْلِيسَ مَكَانًا» (أفسس 4: 26 و27).

حينما سمع نعمان عن رجل الله أليشع أطاع وذهب إلى الملك وأخذ منه توصية لكن للأسف أخذها للملك. لم يأخذها للنبي مباشرة وهذا ما اخطأ فيه نعمان مع ملكه.

ولما قرأ الملك الرسالة مزق ثيابه وهذه كانت عادة شرقية ذميمة وقال: «هَلْ أَنَا اللهُ لِكَيْ أُمِيتَ وَأُحْيِيَ، حَتَّى إِنَّ هذَا يُرْسِلُ إِلَيَّ أَنْ أَشْفِيَ رَجُلاً مِنْ بَرَصِهِ؟ فَاعْلَمُوا وَانْظُرُوا أَنَّهُ إِنَّمَا يَتَعَرَّضُ لِي» (2ملوك 5: 7).

ليتك تأتي لا إلى النبي الذي في السامرة بل تأتي إلى يسوع المكتوب عنه: «تَدْعُو اسْمَهُ يَسُوعَ. لأَنَّهُ يُخَلِّصُ شَعْبَهُ مِنْ خَطَايَاهُمْ» (متّى 1: 21). لقد مضى أليشع كذلك إلى نهر الأردن. لكن يوجد دم يسوع «وَدَمُ يَسُوعَ الْمَسِيحِ ابْنِهِ يُطَهِّرُنَا مِنْ كُلِّ خَطِيَّةٍ» (1يوحنا 1: 7).

حمانا الله من الكبرياء إنها أول خطية ظهرت في السماء لقد تكبر الشيطان فسقط وأراد آدم أن يصير مثل الله فسقط «لأَنَّ: اللهَ يُقَاوِمُ الْمُسْتَكْبِرِينَ، وَأَمَّا الْمُتَوَاضِعُونَ فَيُعْطِيهِمْ نِعْمَةً» (1بطرس 5: 5) إن نعمان هذا موضوع تأملنا. كاد أن يرجع إلى وطنه دون شفاء لسبب الكبرياء، لما أرسل إليه رجل الله يقول له: «اذْهَبْ وَاغْتَسِلْ سَبْعَ مَرَّاتٍ فِي الأُرْدُنِّ، فَيَرْجعَ لَحْمُكَ إِلَيْكَ وَتَطْهُرَ» (2ملوك 5: 10). اعتبر هذا إهانة كبيرة له. كيف لا يخرج. كيف لا يقابلني. لماذا يحتقرني هكذا؟ قلت إنه يخرج ويضع يده فوق المرضى فيشفي الأبرص. «أَلَيْسَ أَبَانَةُ وَفَرْفَرُ نَهْرَا دِمَشْقَ أَحْسَنَ مِنْ جَمِيعِ مِيَاهِ إِسْرَائِيلَ؟ أَمَا كُنْتُ أَغْتَسِلُ بِهِمَا فَأَطْهُرَ؟» (2ملوك 5: 12).

إن الأمر يا عزيزي ليس في المياه. بل في إطاعة قول الله على فم النبي أليشع. يقول الكتاب: «وَرَجَعَ وَمَضَى بِغَيْظٍ» (2ملوك 5: 12).

ليتنا نقبل طريق الله للخلاص البسيط السهل لا ترسم صورة في عقلك وفي ذهنك. اقبل طريق الله. لا تختار لنفسك طريق. بل أقول لا تخترع لنفسك طريق. الطريق هو المسيح الذي قال مرة: «أَنَا هُوَ الطَّرِيقُ وَالْحَقُّ وَالْحَيَاةُ» (يوحنا 14: 6).

كم من الناس يضعوا مصاعب، مع أن الطريق سهل ميسور.

كاد نعمان يرجع بلا شفاء لأجل الطريقة التي رسمها في ذهنه. أخشى أن تكون أنت راسم صورة في عقلك. لكن أرجوك أقبل طريقة الله للخلاص.

عندما أطاع نعمان حصل على الشفاء. كانت النتيجة سعيدة أتخيل أنه غطس للمرة الأولى والثانية وابتدأ الشيطان يدخل الشك إلى قلبه. لكن كان يقف بجواره أناس أتقياء اسمعوا قولهم «يَا أَبَانَا، لَوْ قَالَ لَكَ النَّبِيُّ أَمْرًا عَظِيمًا، أَمَا كُنْتَ تَعْمَلُهُ؟ فَكَمْ بِالْحَرِيِّ إِذْ قَالَ لَكَ: اغْتَسِلْ وَاطْهُرْ؟» (2ملوك 5: 13). إن السر ليس في الغطس بل في الطاعة. إن الله يريدنا أن نطيع صوته. هذا ما حدث لنعمان. المرة الأولى غطس وخرج كما هو وكذلك الثانية.

وأنا أتخيل أن الفشل بدأ يدخل قلبه في المرات الخامسة والسادسة.

وأتخيل أيضاً أن الضباط الكبار التفوا حوله وقالوا له ألم يقل النبي سبع مرات دعنا نكمل العدد وتكاثروا من حوله لكي يتم السبع مرات وفعلاً غطس في المرة السابعة وشكراً للرب لقد خرج لحمه كلحم صبي صغير وطهر.

أناشدك أخي العزيز أن تأتي وتغطس لا في نهر الأردن.. لقد انتهى ولا تأتي لرجل الله أليشع لأنه مات. لكن يوجد أعظم من أليشع هنا. يوجد يسوع له المجد الذي كل من يؤمن به ينال باسمه غفران الخطايا هل تأتي إليه إنه ينتظرك كن واثقاً فيه مطيعاً لقوله آمين.