العودة الى الصفحة السابقة
اللص الذي سرق الله

اللص الذي سرق الله

لوقا 36:23 – 49

جون نور


«36 وَالْجُنْدُ أَيْضًا اسْتَهْزَأُوا بِهِ وَهُمْ يَأْتُونَ وَيُقَدِّمُونَ لَهُ خَلاُ، 37 قَائِلِينَ: «إِنْ كُنْتَ أَنْتَ مَلِكَ الْيَهُودِ فَخَلِّصْ نَفْسَكَ!» 38 وَكَانَ عُنْوَانٌ مَكْتُوبٌ فَوْقَهُ بِأَحْرُفٍ يُونَانِيَّةٍ وَرُومَانِيَّةٍ وَعِبْرَانِيَّةٍ: «هذَا هُوَ مَلِكُ الْيَهُودِ». 39 وَكَانَ وَاحِدٌ مِنَ الْمُذْنِبَيْنِ الْمُعَلَّقَيْنِ يُجَدِّفُ عَلَيْهِ قَائِلاً: «إِنْ كُنْتَ أَنْتَ الْمَسِيحَ، فَخَلِّصْ نَفْسَكَ وَإِيَّانَا!» 40 فَأجَابَ الآخَرُ وَانْتَهَرَهَُ قَائِلاً: «أَوَلاَ أَنْتَ تَخَافُ اللهَ، إِذْ أَنْتَ تَحْتَ هذَا الْحُكْمِ بِعَيْنِهِ؟ 41 أَمَّا نَحْنُ فَبِعَدْل، لأَنَّنَا نَنَالُ اسْتِحْقَاقَ مَا فَعَلْنَا، وَأَمَّا هذَا فَلَمْ يَفْعَلْ شَيْئًا لَيْسَ فِي مَحَلِّهِ». 42 ثُمَّ قَالَ لِيَسُوعَ: «اذْكُرْنِي يَارَبُّ مَتَى جِئْتَ فِي مَلَكُوتِكَ». 43 فَقَالَ لَهُ يَسُوعُ: «الْحَقَّ أَقُولُ لَكَ: إِنَّكَ الْيَوْمَ تَكُونُ مَعِي فِي الْفِرْدَوْسِ». 44 وَكَانَ نَحْوُ السَّاعَةِ السَّادِسَةِ، فَكَانَتْ ظُلْمَةٌ عَلَى الأَرْضِ كُلِّهَا إِلَى السَّاعَةِ التَّاسِعَةِ. 45 وَأَظْلَمَتِ الشَّمْسُ، وَانْشَقَّ حِجَابُ الْهَيْكَلِ مِنْ وَسْطِهِ. 46 وَنَادَى يَسُوعُ بِصَوْتٍ عَظِيمٍ وَقَالَ: «يَا أَبَتَاهُ، فِي يَدَيْكَ أَسْتَوْدِعُ رُوحِي». وَلَمَّا قَالَ هذَا أَسْلَمَ الرُّوحَ.47 فَلَمَّا رَأَى قَائِدُ الْمِئَةِ مَا كَانَ، مَجَّدَ اللهَ قَائِلاً: «بِالْحَقِيقَةِ كَانَ هذَا الإِنْسَانُ بَارًّا!» 48 وَكُلُّ الْجُمُوعِ الَّذِينَ كَانُوا مُجْتَمِعِينَ لِهذَا الْمَنْظَرِ، لَمَّا أَبْصَرُوا مَا كَانَ، رَجَعُوا وَهُمْ يَقْرَعُونَ صُدُورَهُمْ. 49 وَكَانَ جَمِيعُ مَعَارِفِهِ، وَنِسَاءٌ كُنَّ قَدْ تَبِعْنَهُ مِنَ الْجَلِيلِ، وَاقِفِينَ مِنْ بَعِيدٍ يَنْظُرُونَ ذلِكَ».

سأتكلم في هذه الحلقة عن لص وسارق استطاع حتى في أخر لحظة من لحظات حياته أن يسرق، نعم لقد استطاع هذا اللص وهو في أحلك ساعات حياته وأشرها أن يسرق قلب الآب، وقلب الرب يسوع المسيح، لأن ذلك اللص عرف بأن كل ما سرقه في حياته لا يساوي شيئاً بالنسبة لهذا الشيء الذي سيسرقه في تلك الساعة.

لقد كانت ترتسم على جبل الجلجثة في تلك اللحظة ثلاثة صور مأساوية:-

الصورة الأولى: صورة المسيح المخلص الذي أتى ليخلص أشر الخطاة.

والصورة الثانية: للص شعر بان حاجته الوحيدة التي كان يبحث عنها طوال حياته قد وجدها.

وصورة ثالثة: للص ثاني يصب نقمته وجام غضبه على أولئك الذين صلبوه والذين صلبوا معه، وكل صورة من هذه الصورة تعطينا درساً لما نحن فيه كبشر.

قصة واقعية حدثت قبل ألفي سنة على جبل يُدعى الجلجثة، يسوع رب الحياة يصلب بين لصين من أشر الخطاة.

لم يكتفِ ذلك اللص بأنه محكوم عليه بالقصاص. إلا أنه استمر في عناده وتجديفه ضد الله. ويصرخ في يسوع إن كنت إبن الله فخلص نفسك وإيانا.

الإنسان خاطي ويعيش في الخطية ويعرف بأنه يسير بعكس الطريق الذي رسمه الله للإنسان، ولكن رغم ذلك يستمر في طريقه ضارباً عرض الحائط بتعاليم الله. ولا يكتفي بذلك بل يجدف على إسم الله، هذه حالة العالم الخاطي الذي نعيش فيه فان كنا لا نختار المسيح لحياتنا، فقد اخترنا تلقائياً أن نكون ضده.

لكن هذا اللص الثاني شعر بذنوبه وخطاياه الكثيرة، وتأكد بأنه لا طريق إلا شخص يسوع المسيح، لأنه طرق كل الأبواب والطرق، فإلى ماذا قادته، إلى الموت والصليب كمجرم. رغم أنه كان يعرف الله، فقد صرخ من أعماق قلبه. أذكرني يا رب متى جئت في ملكوتك السماوي، ويجيبه يسوع «الْحَقَّ أَقُولُ لَكَ: إِنَّكَ الْيَوْمَ تَكُونُ مَعِي فِي الْفِرْدَوْسِ». لماذا قبله الله رغم أنه لص وخاطي والجواب هو لأن هذا اللص عرف نفسه بأنه خاطي: وهذا حجر الأساس في خلاص الإنسان.

إن كان هناك شيء مكروه أمام الرب فهم أعضاء طائفة البر الذاتي، الذين في نظر أنفسهم أبرار لا يعملون خطية. إن كنت لا تقتنع بأنك خاطي. الكتاب يقنعك.

رومية 23:3 «الْجَمِيعُ أَخْطَأُوا وَأَعْوَزَهُمْ مَجْدُ اللهِ». «الْجَمِيعُ زَاغُوا وَفَسَدُوا مَعًا. لَيْسَ مَنْ يَعْمَلُ صَلاَحًا لَيْسَ وَلاَ وَاحِدٌ» (رومية 3: 12).

نحاول أن نقنع أنفسنا أننا لسنا خطاة، وأننا نسير على الطريق المستقيم، وتابعين للطائفة الأكبر عدداً، ولكن رغم ذلك في قراره أنفسنا من الداخل، نعرف بأننا خطاة ونسير في عكس الطريق الذي رسمه الآب السماوي (الكتاب أصدق مني ومنك) الجميع أخطأوا. الجميع زاغوا وفسدوا ليس من يعمل صلاحاً ليس ولا واحد.

كذلك يسوع يعرف أنك خاطي: لهذا قال لم آت لأدعو أبراراً بل خطاة إلى التوبة، كما كان ذلك اللص معلقا على الصليب وبحاجة للخلاص. أنت بحاجة للخلاص أيضاً. خلاص الله.

عرف هذا اللص أنه سيموت: وأنت تعرف وأنا أعرف بأننا يوماً ما سنموت أن عاجلاً أو آجلاً، «لأَنَّ أُجْرَةَ الْخَطِيَّةِ هِيَ مَوْتٌ» (رومية 6: 23).

الإنسان المؤمن يعرف أنه سيموت لكنه يعرف بأن الله قد أعطاه حياة أبدية في المسيح يسوع، ولكن ماذا سيعطي الله الخاطي الذي داس النعمة، وحسب دم العهد الذي قدس به دنساً يقول الكتاب المقدس في رسالة العبرانيين 27:10 «هؤلاء سيعطوا من الله الدينونة ونارا لا تطفئ ودودا لا يموت» .إن كنت لا ترتعب الآن من الموت لأن الحياة بجانبك والأمور المادية تسير على ما يرام حتى تجعلك لا تفكر بهذا الأمر، لكن ستأتي ساعة ستجبرك أن تفكر بهذا الموضوع، لأنك يوماً ما ستقف أمام الموت وجهاً لوجه، فماذا ستعطي جواباً.

الإنسان ليس بحاجة ليثبت له أنه خاطي وسيموت كل ما عليه أن يتصالح مع الله لكي يجتاز معه المسيح طريق الأبدية ويكون رفيقه في الموت.

عرف هذا اللص أن يسوع قدوس ورب رغم الاضطهادات والآلام التي كانت على يسوع. كانت هناك هالة من القداسة عليه فعرف بأنه قدوس ورب.

فقال ليسوع أذكرني يا رب متى جئت في ملكوتك السماوي. هل تأتي وتجعله رباً لحياتك. سيداً يسيرك في طريقه ويقدسك في حقه. إن كنت لم تجعله رباً لحياتك فهناك رباً آخر يحتل مكانه في قلبك ولا يريد يسوع أن يشاركه أحد في قلب الإنسان إما أن يكون هو أولاً أو لا يكون.

وعرف هذا اللص أن يسوع ملك فقال له: أذكرني متى جئت في ملكوتك. قال يسوع أنا ذاهب لأعد لكم مكاناً، في ذلك اليوم سيأتي ملك السماء وتصبح ممالك العالم لربنا ومسيحه.

كثيراً ما نتفاخر إذ كنا على علاقة أو صلة بملك أو رئيس أو زعيم أرضي ونتسارع لإرضاءه وتحقيق رغباته، لكن أمام ملك الملوك ورب الأرباب نقف مكتوفي الأيدي. علماً بأنه يوماً ما سنعطي حساباً أمامه.

وعرف أن يسوع يستجيب الصلاة عندما قال: «اذْكُرْنِي يَا رَبُّ مَتَى جِئْتَ فِي مَلَكُوتِكَ» (لوقا 23: 42) كلمات ولكنها فتحت باب السماء.

قال له يسوع: «الْحَقَّ أَقُولُ لَكَ: إِنَّكَ الْيَوْمَ تَكُونُ مَعِي فِي الْفِرْدَوْسِ» (لوقا 23: 43) كيف تتأكد، الكتاب المقدس يقول: «مَنْ لَهُ الابْنُ فَلَهُ الْحَيَاةُ» (1يوحنا 5: 12)، اليوم تكون معي، وفي هذا اليوم تقدر أن تكون معه، ويستطيع أن يجعلك إنساناً جديداً.

بإمكانك عزيزي المستمع أن تكون مع يسوع مباشرة عندما تقبله لأنه سيصنع منك إنساناً جديداً تليق بالملكوت وبالفردوس الذي أعده لكل اللذين قبلوه.