العودة الى الصفحة السابقة
وَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ الرَّبَّ قَدْ فَارَقَهُ

وَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ الرَّبَّ قَدْ فَارَقَهُ

«شمشون»

جون نور


«وَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ الرَّبَّ قَدْ فَارَقَهُ» (قضاة 20:16)

سأتكلم في هذه الحلقة من أسماء وأحداث في الكتاب المقدس عن شخصية معروفة لدى الكثيرين سمعنا عنها القصص الكثيرة وربما شاهدناها في أفلام حاولت ان تجعل من هذه الشخصية أي شخصية شمشون شخصية أسطورية أو حتى خرافية ولكني في هذه الحلقة أريد ان نرجع الى القصة الحقيقية المدونة في الكتاب المقدس.

كم من أشخاص عاشوا حياة مكرسة للرب ووضعوا هدفا أن يعيشوا كل يوم عيشة تمجد الله في حياتهم لكن بسبب إهمال بسيط فقدوا العلاقة مع الله، والشركة معه، وفقدوا الحس الروحي الذي يمكنهم بواسطته أن يميزوا بين الخير والخطية وسماع صوت الله وبدلاً من أن يكونوا سبب بركة، صاروا سبباً لضياع الكثيرين. ربما كان هؤلاء راغبين في إرضاء الله في حياتهم لكنهم ابتعدوا عن الله.... والسبب نقرأه في رسالة (يعقوب 8:1) «رَجُلٌ ذُو رَأْيَيْنِ هُوَ مُتَقَلْقِلٌ فِي جَمِيعِ طُرُقِهِ» يريد الله من جهة بيده اليمنى ويريد العالم وما فيه باليد اليسرى، لذلك يقول الكتاب عنهم إنهم موج من البحر تخبطه الريح وتدفعه، فلا يظن ذلك الإنسان أنه ينال شيئاً من عند الرب.

ما هو السرّ في انتهائهم. الكتاب المقدس يقول بكل صراحة: فارقهم روح الرب وهذا ما حدث بالفعل مع شمشون.

هل السرّ في الله نفسه «هل الله هو السبب» ما السرّ في مفارقة روح الرب لشمشون بعد أن كان يمسك الأسد ويمزقه نصفين، وكان يحمل أبواب المدينة ويصعد بها إلى الجبل. ما هو السبب الذي أوصل شمشون إلى هذا المستوى. وما هو السبب الذي يوصل أولاد الله إلى أن يصبحوا في نفس الحالة والمستوى ويبعدهم عن حياة الايمان. إنها نفس الأسباب التي أصابت شمشون تصيب الصغير والكبير ونُصاب بنفس الحالة ولا ندري أن روح الرب قد فارقنا.

من الممكن أن يحيا الإنسان يوماً ما حياة مكرّسة لله، ثم بعد ذلك عن طريق الخطية الإرادية، أو عن طريق الإهمال، تنقطع صلته بالله. إن فقدان الشركة مع الله أمر يمكن استعادته، ولو أن طريق الرجوع ليس سهلاً، لكنه ممكن. إن فقدان عضو من الجسد أو حتى العين، يُعتبر أمراً تافهاً متى قورن بفقدان الشركة مع الله، ذلك لأن صلتنا بالله لها تأثيرها، لا في حياتنا الحاضرة فحسب، بل في حياتنا الابدية، وهذا التأثير ليس علينا فقط، لكن على أولئك الذين نتصل بهم أيضاً.

هل أنت في شركة مع الله؟ هل تسير في نور وجهه، وهل تحظى بإشراقة ابتسامته؟ إن الصلة بالله ليست أمراً نضمنه بلا حدود.

شمشون لم يعلم أن الرب قد فارقه. لقد انقطعت صلته بالله دون أن يدري، وهذه كانت المأساة بالنسبة لحياته. فنحن الآن نحب الله ما دامت هذه الخدمة لا تتعارض مع راحتنا الذاتية وأغراضنا.

شمشون فقدَ صلته بالله دون أن يدري، لقد كانت حياته لامعة بالمواعيد، فحين بلغ النضوج وقع ميثاق تكريسه لله، الذي كان أبواه قد قطعاه أثناء طفولته. وقد أستقر عليه أيضاً روح الله، وبقوة الروح استطاع شمشون أن يقوم بأعمال عظيمة لكن قوته لم تكن في جسده الضخم أو عضلاته القوية، لكنها كانت قوة الروح، فيوم أن سُحبت منه هذه القوة وانقطعت صلته بالله، أضحى «كواحد من الناس». لقد تمتع شمشون بمعونة الروح، والاستخدام المبارك المستمر، إلى أن ابتدأ يستهين بسرّ القوة التي له، فحطم عهد تكريسه.

كلنا نعرف قصة شمشون مع المرأة دليلة والتي بعد محاولات كثيرة استطاعت دليلة الماكرة أن تنتزع من شمشون سرّه، وهو ان سرّ قوته في شعره فأنامته على ركبتيها، وقصت خصل تكريس! وهكذا دو أن يدري فقد صلته بالله، وبعد ذلك قلعت عيناه وتحول البطل إلى مهرج!

إن أخطر شيء في انقطاع صلتنا بالله هو أننا نحن لا نعيش لأنفسنا، فحياتنا باستمرار تؤثر على حياة الآخرين، وبدلاً من أن نكون رائحة حياة نصبح رائحة موت، ولعل أحد المعلنات الخطيرة ليوم الدينونة هو أننا سندرك تأثيرنا على الآخرين، الذي وصل إليهم دون أن ندري، وهناك سنرى أيضاً ما كان يمكن أن نعمله لو أننا كنا سبب بركة لهؤلاء عندما تنسى وتفقد صلتك بالله إلى حين، شمشون نسي أنه مكرّس من بطن أمه ومعيّن من قبل الله كقاضي ونسي مركزه ولم يعرف أن روح الرب قد فارقه. عندما ينسى المؤمن إرادة الله في حياته وينسى أن عليه مسؤوليات كمؤمن وينغمس في ملذات هذا العالم رويداً رويداً ولا يعرف أن روح الرب في حياته قد فقد تأثيرة في حياته نهتم بمشاكل هذه الأرض ونهتم بأشياء وأمور لا تخصنا وعندئذ ننسى أنفسنا، هذا ليس بخطأ ولكن عندما تكون هذه الأمور هي الأولى في حياتنا عندئذ يحصل هذا التأثير.

ظن شمشون كما يظن كل واحد منا أن العالم وكل ما في العالم لا يستطيع أن يؤثر عليه فهو شمشون الجبار. هكذا الإنسان المؤمن يظن أنه لا يوجد شيء في العالم يؤثر عليه لأنه مؤمن وبالتدريج وبطريقة لا نحس بها نفقد تأثير روح الله في حياتنا.

كيف يمكنا أن نقول بأننا نشعر بوجود الله في حياتنا إن كنا لا نصلي. بدون الاتصال مع الله لا أصدق أننا يمكن أن نعيش في شركة مع الله بدون الاتصال به. شمشون لأنه لم يصلِ لم يشعر أن روح الرب قد فارقه.

نشكر الله انه في كفارة المسيح وفداء الصليب أن روح الرب يلازمنا حتى وإن ضعفنا وابتعدنا وتستمر محبة الله لنا رغم سقوطنا لأن الذين في قبضة يده لا يعود إبليس قادر على اختطافهم إن قبلت المسيح لك الامتياز أن يلازمك روح الرب ويستمر معك وفيك هذا هو امتياز المؤمنين في العهد الجديد.