العودة الى الصفحة السابقة
يهوذا الخائن

يهوذا الخائن

جون نور


سأتحدث في حلقة اليوم من أسماء وأحداث عن شخصية غريبة وعجيبة عندما نسمع اسم هذه الشخصية تأتي إلى أذهاننا علامات الاستهجان والاستغراب من هذه الشخصية التي لا نحبها بكل تأكيد، ألا وهي شخصية يهوذا الإسخريوطي. كان يهوذا الإسخريوطي من مجموعة التلاميذ الجليلين الصغيرة التي تبعت يسوع خلال أيام خدمته على الأرض. لسنا نعلم كيف أو متى أصبح تلميذاً ليسوع. لكننا نعلم أنه اختير من قبل المسيح وأعطي أعظم فرصة يمكن أن تُقدم لأي إنسان. كان من الممكن أن يُخلد اسمه ويُكتب على أساسات حجارة المدينة السماوية. وبدلاً من ذلك فقد ذهب إلى أسفل التاريخ كمرادف للغش والعار. لقد لعب يهوذا دور التلميذ ببراعة من الطراز الأول. لقد قبل دون أي شك من قبل الآخرين كأنه في شركة تامة معهم في محبتهم وولائهم للرب يسوع. لقد كان مبشراً، مرسلاً مع باقي التلاميذ ليعملوا في التبشير بمجموعات ويخبروا الآخرين عن يسوع. على أغلب الأحوال، اشترك في إخراج الأرواح الشريرة باسم الرب. ومن المحتمل أيضاً أنه شفى المرضى باسم المسيح المنتصر، لقد مُنح مركزاً مشرفاً وجديراً بالثقة من قبل المؤمنين الباقين فكان أميناً للصندوق الذي كان للتلاميذ. لقد جلس على مائدة الاثني عشر، ويسوع نفسه في الوسط في مناسبات عديدة لا تُحصى. وأكد بصوت مرتفع ولاءه للمسيح حتى عندما كان مال الدم الذي ربما كان يختلسه من الصندوق يثقل جيبه.

لم يشك التلاميذ فيه أبداً. حتى وقت العشاء الأخير لم يشكوا فيه. عندما ناوله يسوع أفضل لقمة على المائدة، بقصد أن يُعرف الخائن، حتى عند ذاك لم يقدر التلاميذ أن يصدقوا أن يهوذا كان خائناً. أخيراً، عندما اندفع يهوذا خارجاً إلى الليل ليجمع الشعب الذي كان سيعتقل الرب، حتى حينذاك لم يشك به التلاميذ. قال له يسوع: «مَا أَنْتَ تَعْمَلُهُ فَاعْمَلْهُ بِأَكْثَرِ سُرْعَةٍ» (يوحنا 13: 27)، ظن الآخرون أن يهوذا كان ذاهباً ليخدم الفقراء. فقد كانت سمته المميزة، التوزيع بين الآخرين.

لقد سمع الرسالة عدة مرات، من فم ابن الله المتجسد، لدرجة أنها أصبحت عديمة التأثير في نفسه. كان مثل الرجل الجاهل الذي بنى بيته على الرمل، وبالرغم من أنه سمع كلام يسوع إلا أنه لم يعره اهتمامه مطلقاً.

لقد احتقر أعمال الرب. لقد شاهد جميع عجائب يسوع. كان حاضراً عندما طهر البرص، وشفى العرج، عندما جعل العمى يبصرون، والبكم يتكلمون والصم يسمعون. شاهد الأرواح الشريرة تهرب خائفة من ابن الله، وهي تصرخ معترفة بألوهيته. رأى كيف تكاثرت الأرغفة والسمك بين يدي يسوع. رآه يمشي فوق الأمواج ويهدئ العاصفة. كان حاضراً عندما أقام الموتى. يبدو الأمر صعب التصديق، ولكن الحقيقة تبقى كما هي، وهي أن يهوذا أغلق عينيه عن كل هذا. احتقر أيضاً كل تحذيرات الرب. عندما قال مرة «أَلَيْسَ أَنِّي أَنَا اخْتَرْتُكُمْ، الاثْنَيْ عَشَرَ؟ وَوَاحِدٌ مِنْكُمْ شَيْطَانٌ!» (يوحنا 6: 70).. سمع يهوذا قول يسوع، وتجاهله. لقد حذّر يسوع يهوذا مرة بعد المرة ومنحه الفرصة لكي يتوب. عندما أعلن يسوع مرة بان واحداً من الاثني عشر سوف يسلمه، بكل وقاحة أخذ يهوذا مكانه مع بطرس، يعقوب ويوحنا، مع توما، متّى وفيلبس وقال، «هَلْ أَنَا؟»، «هَلْ أَنَا؟» (مرقس 14: 19). قالها دون أي ارتباك أو أن يغمض له جفن وثلاثون قطعة من الفضة في جيبه. حتى في جثسيماني لم يفت الوقت. «يَا صَاحِبُ» قال يسوع، «لِمَاذَا جِئْتَ؟» (متّى 26: 50). حتى عندئذ كان بإمكانه أن يرمي بنفسه عند قدمي يسوع ويعترف بريائه وخطيته. لكنه أخفق عن أن يفعل هذا وأصبح الآن هالكاً إلى الأبد.

من الممكن أن يعرف المرء كل عجائب الرب، ومع ذلك يكون ضائعاً مثل يهوذا. من الممكن أن يتأسف المرء عن خطاياه وأن يهمل الخلاص كما عمل يهوذا وأن يكون هالكاً إنها لإمكانية مخيفة حقاً.

يخبرنا الكتاب المقدس أنه بعد أن أهمل يهوذا بكل وقاحة تحذيرات الرب في العلية، «دَخَلَهُ الشَّيْطَانُ» (يوحنا 13: 27). لقد دعا يسوع يهوذا بـ « ابْنُ الْهَلاَكِ» (يوحنا 17: 12)، حرفياً «ابن الضياع». لقد كان ضياع لدم المسيح الغالي أن يُسفك لشخص كيهوذا. لقد أضاع يهوذا كل فرصة أتيحت له ليتوب ومات انتحاراً في النهاية وذهب إلى الهلاك.

خان يهوذا ابن الله مقابل بضع قطع من الفضة، أجراً زهيداً للغاية. علاوة على ذلك، لم يصرف قرشاً واحداً منها. عندما شاهد يسوع محكوماً عليه بالصلب امتلأ ندماً وأرجع النقود إلى الكهنة. رمى تلك القطع الملعونة على أرض الهيكل المصنوعة من الفسيفساء الرخامي وبينما تدحرجت ورنت على الحجارة صرخ، «قَدْ أَخْطَأْتُ إِذْ سَلَّمْتُ دَمًا بَرِيئًا» فكان جوابهم القاسي: «مَاذَا عَلَيْنَا؟ أَنْتَ أَبْصِرْ!» (متّى 27: 4).

إن أولئك الذين يرفضون المسيح يعملون عادة ذات الشيء لأجل أمر تافه. ليس الجميع يعملون هكذا، بكل برودة، مقابل تسوية مالية كيهوذا. كثيرون يحصلون على أقل من ثلاثين قطعة فضة كثمن لنفوسهم. إنهم يبيعون المخلص من أجل عادة شريرة يرغبون في الانغماس فيها أو من أجل شيء مبهرج يقدمه العالم. هنالك كثيرون، أيضاً مثل يهوذا الذين يشعرون بوخزات من الندم بسبب الشر الذي ارتكبوه ولكنهم لا يصلون إلى التوبة الحقيقية. وفي النهاية يذهبون هم أيضاً إلى الهلاك. لا يمكنهم الذهاب حيث المسيح ماكث لأنهم قد رفضوه. ولهؤلاء الناس تنفتح أبدية بلا نهاية بدون الله وبدون المسيح وبدون رجاء. هذه هي الدروس التي يجب أن نتخذ منها عبرة من مأساة يهوذا.

أعزائي المستمعين أتمنى أن تكون قصة يهوذا عبرة ودرساً لنا في حياتنا لكي ما نضمن بدم المسيح حياتنا الأبدية.