العودة الى الصفحة السابقة
يوسف الصديق

يوسف الصديق

«وَلكِنَّ الرَّبَّ كَانَ مَعَ يُوسُفَ، وَبَسَطَ إِلَيْهِ لُطْفًا، وَجَعَلَ نِعْمَةً لَهُ فِي عَيْنَيْ رَئِيسِ بَيْتِ السِّجْنِ» (سفر التكوين 39: 21).

جون نور


أعزائي المستمعين الكرام سأتحدث في هذه الحلقة من أسماء وأحداث في الكتاب المقدس عن موضوع التآمر، والفضيحة والإغراء وكل هذه منسوجةً معاً في قصة يوسف الصديق.

كان يوسف الابن المفضل عند أبيه يعقوب – طويل، أسمر وجميل، ذو ملامح شرقية. باعه اخوته الحاسدون إلى مصر. حيث أصبح عبداً، يعمل عند رجل ذات نفوذ اسمه فوطيفار، هذا الرجل كان رئيس الحرسّ عند فرعون ملك مصر.

كان يوسف في حياته الشخصية طاهراً، فوق المعتاد. وهو واحد من القلائل في الكتاب المقدس الذين ليس في سجلهم أي بقع سوداء. ولكن هذا لا يعني أنه كان بلا خطيئة. لأنه ليس أحد بلا خطيئة، لكنه كان شاباً تقياً عظيم الثقة بالرب، وحاول بكل إخلاص أن يطيع تعاليم الله وكلمته.

كان أيضاً متفوقاً في أعماله، كان جديراً بالاعتماد عليه ويعمل بجهد، مظهراً كثير من الحكمة والإدراك. ونال تقديراً عظيماً من سيده.

أما امرأة فوطيفار فكانت جريئة، فاسدة، وقاسية. في أحد الأيام اقترحت على يوسف أن يصنع الخطية معها، لكنه رفض قائلاً: «لا أستطيع عمل ذلك، فأخطئ إلى الله وإلى زوجك سيدي أيضاً، الذي وثق بي فوكلني إدارة هذا البيت».

حاولت يوماً بعد يوم إغراءه لكي ما يفعل الخطية معها، أما هو فكرر رفضه الانصياع لرغبتها. لقد عاملها بلياقة كاملة واحترام عميق. وهذا آخر ما كانت تريده. لم ترد لياقة واحترام يوسف، بل أرادت يوسف. لقد حاولت كل حيلة تعرفها، لكن يوسف كان ممتناً لفوطيفار وأميناً ورجلاً ذا مبدأ. وهنا تحولت هذه المرأة لتصبح غادرة.

في أحد الأيام أمسكت بثوب يوسف وأرادت أن تصنع الخطية معه. استدار فانخلع ثوبه عنه وهرب، تاركاً إياها ممسكة بالثوب. ربما تقول إن ذلك ضعف منه أن يهرب. لم يكن ضعفاً بل قوة. يقول لنا الكتاب إننا يجب أن نهرب من الشهوات الشبابية التي تحارب النفس (2تيموثاوس 22:2). علينا الهرب من الزنى، وهي العلاقة الزوجية خارج الزواج (1كورنثوس 18:6). يجب أن نهرب من كل شكل من أشكال تجربة الخطيئة.

على كل حال كانت النتيجة أن المرأة المحبطة أخذت الثوب ووضعته في غرفة نومها وبدأت تلفق الأكاذيب ضد يوسف. قالت إنه حاول مهاجمتها، ولكن عندما صرخت ترك ثوبه وهرب. كان ثوبه هناك – دليلاً مادياً ضده. فعندما عاد فوطيفار إلى البيت، صدّق اتهامها الملفق ضد يوسف وأمر بوضعه في السجن.

عاش يوسف حياة صادقة وطاهرة تماماً، والآن انظر ماذا حصل له. سُجن باتهام كاذب. صحيح أن هذا يحصل أحياناً. حتى المؤمنون تُحاك ضدهم مؤامرات كهذه. لم يعدنا الله أن الحياة المسيحية ستكون سهلة أو أنها خالية من المشاكل. لكنه يعدنا أنه سيمنحنا الغلبة الروحية بالرغم مما يحدث في حياتنا.

لم يجلس يوسف منتظراً تغيير أحواله. لقد قرر أن يعيش لله حتى داخل السجن، وكما كان يجب أن تطفوا الحقيقة إلى السطح، هكذا يوسف بدأ يتقدم بين أترابه في السجن وسريعاً ما أصبح في مركز الإدارة.

عزيزي المستمع، لقد ظهرت أيضاً استنارة يوسف الروحية بتفسيره لسجينين آخرين معنى حلميهما. وحصل تماماً كما قال لهما. واحد من الاثنين، ساقي الملك أعيد إلى وظيفته بعد إطلاق سراحه. آما الآخر، خباز الملك فقد شٌنق.

وعد ساقي الملك قبل خروجه أنه سيتذكر يوسف ويتكلم لصالحه. لكنه نسي. إلى أن انزعج فرعون بسبب عدم تمكن سحرته أو حكمائه من تفسير حلمين كان قد رآهما. عندها تذكر الساقي يوسف وتكلم لصالحه أمام الملك.

استطاع يوسف تفسير الحلمين اللذين كان معناهما سبع سنين من المحصول الكثير، وبعدها سبع سنين من الجفاف. نصحه يوسف قائلاً: من المفضل أن تجمع المحاصيل خلال السبع سنين الأولى، لئلا يكون نقصاً في السنوات التي تليها.

رجل صالح أنت، هذا ما قال فرعون ليوسف، إلهك هو الإله الحقيقي. سأعينك أنت لتكون سيداً على كل أرض مصر. ستكون ثانياً بعدي.

وهكذا كان. أصبح يوسف نائب الرئيس أو رئيس الوزراء أو أي شيء بمركز الشخص الثاني في البلاد. وأعطاه فرعون فتاة جميلة لتصبح زوجة له.

إن اختبار يوسف موضح في سفر رومية 28:8، بقول الرب على لسان الرسول بولس:

«كُلَّ الأَشْيَاءِ تَعْمَلُ مَعًا لِلْخَيْرِ لِلَّذِينَ يُحِبُّونَ اللهَ، الَّذِينَ هُمْ مَدْعُوُّونَ حَسَبَ قَصْدِهِ».

كثيرة الأمور التي حدثت معه وكانت تظهر ككوارث. لكن الله كان يعمل من خلف الستار، يأتي بالخير مما يظهر انه كارثة. ولأن يوسف أكرم الله، أكرمه الله أيضاً (انظر 1صموئيل 30:2). وأصبح حالة أفضل بكثير في نهاية القصة منه في بدايتها. وهذا ما سيكون عليه في الأبدية مع هؤلاء الذين يكرمون الله.

عزيزي المستمع أكرم الله في حياتك لكي ما تعمل كل الأشياء للخير من أجلك ومن أجل مستقبلك ومن أجل حياتك الأبدية مع الله.