العودة الى الصفحة السابقة
الوصية الأولى

الوصية الأولى

جون نور


أعزائي المستمعين الكرام بعد أن أنهينا سلسلة التطويبات والتي قدمها يسوع للذين تتبعوه على الجبل والمعروفة بالموعظة على الجبل ننتقل إلى جبل آخر يدعي جبل الوصايا العشر عندما استلم النبي موسى هذه الوصايا من يد الرب للشعب في البرية ونبدأ بأولها وهي الوصية التي قال الرب فيها.

«لاَ يَكُنْ لَكَ آلِهَةٌ أُخْرَى أَمَامِي» (خروج 3:20)

هل أنت مستعد يا صديقي في أن تتمم، كل مطالب هذه الوصية؟ ضعها في كفة، وقف أنت في الكفة الأخرى. هل قلبك منشغل بالله وحده؟ أليس لك إله آخر؟ هل تحبه أكثر من الأب والأم، أكثر من زوجتك وأبنائك، أكثر من الثروة وملذات الحياة؟

إن كان الناس أمناء لهذه الوصية فإن إطاعة الوصايا التسع الأخرى تصبح أمراً طبيعياً. وإن كانوا غير أمناء لهذه الوصية فإنهم يكسرون الوصايا الأخرى.

ولأجل هذا وضعت الوصية الأولى. قبل أن نعبد عبادة مستقيمة يجب أن نعرف ما هو، أو من هو الذي نعبده. والله لم يتركنا في جهل. عندما أعطى الله الوصايا لموسى بدا بإعلان عن صفاته، وطلب الاعتراف به وحده «أَنَا الرَّبُّ إِلهُكَ الَّذِي أَخْرَجَكَ مِنْ أَرْضِ مِصْرَ مِنْ بَيْتِ الْعُبُودِيَّةِ. لاَ يَكُنْ لَكَ آلِهَةٌ أُخْرَى أَمَامِي» (خروج 20: 2 و3).

نحن نعرف حقيقة الأشخاص مما يقولون ويفعلون. ولقد عرف اليهود الله، لا من الأبحاث اللاهوتية عن الصفات الإلهية، بل من الحقائق المستقاة من التاريخ الإلهي. لقد عرفوه من أعماله ومن أقواله.

سال أحدهم شخصاً بدوياً هذا السؤال: «كيف تعرف أنه يوجد إله؟» فأجاب البدو قائلاً: «وكيف أعرف إن كان الذي مر أمام خيمتي الليلة الماضية رجلاً أو جملاً». أعزائي إن آثار أقدام الله في الطبيعة وفي اختباراتنا الشخصية هي أفضل دليل على وجوده وعلى صفاته.

لقد عبد آباء إسرائيل الأولين الأصنام قبل ذلك الوقت بأجيال قليلة. وكانوا قد خرجوا منذ فترة وجيزة – من مصر التي تعبد آلهة كثيرة. فقد كان المصريون يعبدون الشمس والقمر والحشرات والحيوانات... ولا شك في أن الضربات العشر قصد بها الله أن تحل بما كانوا يقدسونه. وكان بنو إسرائيل ذاهبين ليمتلكوا بلاداً يسكنها الوثنيون، الذين كانوا هم أيضاً يعبدون الأصنام. لذلك كانت الحاجة ماسة جداً لوصية كهذه. لم يكن ممكناً أن تكون هناك علاقة سليمة بين الله والإنسان في تلك الأيام – كما في هذه الأيام الحاضرة أيضاً – إلا إذا عرف الإنسان أنه يجب أن يعترف بالله وحده، وأن، لا يقدم إليه قلباً منقسماً.

طالما أن الله قد خلقنا فإنه يجب علينا يقيناً أن نقدم إليه ولاءنا. أليس واجباً أن يكون له المكان الأول، بل المكان الوحيد في عواطفنا ومحبتنا؟

«لا يكن لك». هذه هي السكين المنقية التي يستخدمها الله. من البداية إلى النهاية يطلب الكتاب المقدس الولاء لله من كل القلب، دون أن يكون هنالك اتصال بآلهة أخرى.

ألا يجب أن تجاهد الكنيسة ضد نفس المشكلة اليوم؟ قليلون جداً هم الذين لا يؤمنون بالله في قلوبهم. لكنهم لا يريدون أن يعطوا كل القلب لله.

يتخذ الكثيرون من الملذات إلهاً، وتتعلق قلوبهم بها. البعض يتخذون من الملابس إلهاً. إنهم يصرفون وقتهم ويوجهون كل تفكيرهم إلى الملابس. إنهم يخشون ما يقوله الناس عنهم. ويتخذ الكثيرون من المال إلهاً. إن باع إنسان مبادئه من أجل الذهب ألا يقال عنه أنه اتخذه إلهاً؟ وإن اعتمد على ثروته لكي تحفظه من الفاقه، وتسد إعوازه، ألا يحق أن يقال بان الثروة إلهه؟ يقول الكثيرون: «أعطني المال فأعطيك السماء. ماذا يهمني من أمجاد وكنوز السماء؟ أعطني الكنوز هنا، فلا أبالي بالسماء. إنني أريد أن أكون رجل أعمال ناجحاً».

إن الكتاب المقدس صادق. يوجد إله واحد. نعم، فلا شبع للنفس إلا في إله الكتاب المقدس.

الله لا يقبل قلباً منقسماً. يجب أن يكون كل القلب له. لا يوجد مكان في قلبك لعرشين. لقد قال المسيح: «لاَ يَقْدِرُ أَحَدٌ أَنْ يَخْدِمَ سَيِّدَيْنِ، لأَنَّهُ إِمَّا أَنْ يُبْغِضَ الْوَاحِدَ وَيُحِبَّ الآخَرَ، أَوْ يُلاَزِمَ الْوَاحِدَ وَيَحْتَقِرَ الآخَرَ. لاَ تَقْدِرُونَ أَنْ تَخْدِمُوا اللهَ وَالْمَالَ» (متّى 24:6). لاحظ أنه لم يقل: «لا يوجد أحد يخدم سيدين»، بل «لا يقدر أحد أن يخدم... لا تقدرون أن تخدموا».

هذا يعني أكثر من أمر تجب إطاعته. إنه يعني أنكم لا تقدرون أن تمزجوا عبادة الله الحق بعبادة إله آخر، كما أنكم لا تقدرون أن تمزجوا الزيت بالماء. هذا غير ممكن. إن كان المسيح في القلب فليس هنالك مكان لأي عرش آخر، وإن دخلت القلب محبة العالم خرجت منه التقوى.

إن الطريق إلى السماء يتجه اتجاهاً عكس الطريق إلى جهنم. أي سيد تختار لكي تتبعه؟ «إياه وحده تعبد». بهذا فقط تستطيع أن ترضى الله. لقد عوقب اليهود بالسبي سبعين سنة لأنهم عبدوا آلهة كاذبة. وهم الآن يعانون الآلام المريرة منذ أكثر من ألفي سنة لأنهم رفضوا المسيح. فهل تريد أن تجلب على نفسك غضب الله برفض المسيح أنت أيضاً؟ لقد مات لكي يخلصك. اتكل عليه من كل قلبك «لأَنَّ الْقَلْبَ يُؤْمَنُ بِهِ لِلْبِرِّ» (رومية 10:10).

إنني أؤمن بأنه عندما يكون للمسيح المكانة الأولى في قلوبنا، عندما نطلب أولاً ملكوت الله في كل شيء، فإننا ننال قوة، ولن ننال قوة إلا إذا أعطيناه المكان اللائق به. إذا ما سمحنا لإله كاذب بأن يدخل ويسلب محبتنا لإله السماء فلن يكون لنا سلام، ولن تكون لنا قوة.