العودة الى الصفحة السابقة
الغني وأليعازر

الغني وأليعازر

جون نور


سأتكلم في هذه الحلقة من أسماء وأحداث في الكتاب المقدس عن إسمين أو عن شخصين وليس شخص واحد وهم الغني وأليعازر يقول الكتاب المقدس أن الاثنين ماتا وأن الغني فتح عينيه ووجد نفسه في الجحيم، ووجد الحقيقة الواقعة أنه انفصل عن كل شيء يحيط به، أهله أقرباءه زوجته وأولاده، وكأني به يقرأ وهو داخل على باب الجحيم «اتركوا الرجاء أيها الداخلون لأنكم في انفصال أبدي عن الله». أما أليعازر المسكين انتقل إلى حضن أبينا إبراهيم. لا بد أن الغني قبل أن يصل هذه الحال قد حاول جهده بأمواله التي لم يستخدمها لمجد الله وخدمة من حوله أن لا يقع رهن المرض والضيق الجسدي.

لقد اشتد المرض عليه فاستدعى الاخصائيون من أنحاء البلاد ولا بد وهو الغني. قد احضر الفارسي والمصري واليوناني والروماني، وقاوموا المرض بكل علمهم وبكل طرقهم. لكن الموت انتصر ومات الغني وسقط آخر الرجال وخيرتهم كما يقول الناس عندما يموت أحدهم. صرخت وولولت النساء واكفهرت وجوه القوم وصرت لا تسمع إلا صوت ونعي هذا الغني البار في نظرهم، دُقت أجراس الهياكل والمجامع على إختلاف مذاهبها كما يحدث في أيامنا هذه، لأن كل المذاهب والأديان صديقة الغني، ولا بد أنه قد اكتظت الصالات في القصر برهبة وخشوع، لقد مات متمماً واجباته الدينية، جهزت الأكفان من أغلى القماش، ووُضع الجثمان الطاهر في صندوق طاهر جميل وتسابق الجميع لحمل الكفن.

أٌبّن هذا الغني بأبلغ العبارات. رجل الشجاعة، رجل الجد والعمل، أبو اليتامى، زوجاً للأرامل سنداً للضعفاء، رثاه الأدباء والشعراء، وأعطوه ما لم يكن له، وذكروا حوادث وتواريخ لم يعرفها هو قبلاً. أما الصحف فقد كتبت: «لقد انهار ركن من أركان الإنسانية. لقد إنهار صرح من صروح الاقتصاد. لقد فجعت عائلة من العائلات الأصيلة الشرف العريقة المجد».

وفي النهاية ترك الجميع القبر، فبقيت الجثة وحيدة، وما أن مرّ أسبوع من الزمن حتى نسي الجميع كل شيء، وبقي لوحده وما أن فتح عينيه في الهاوية حتى وجد أنه وحيداً منفصلاً. وما زاد روعه ورعبه أنه كان انفصالاً أبدياً. إن جهنم مرعبة لأن هناك انفصال أبدي. وارتفع الستار على منظر آخر، الغني يتقلب على جمر النار مشتعلة من حوله، وفرك عينيه ليتأكد أنه ليس في حلم مزعج أو كابوس مخيف، ولكنه اكتشف أن ما يراه حقيقي، حاول أن ينتقل من مكان إلى آخر ولكن النيران تملأ المكان، جف حلقه من العطش، وأسود وجهه، وذابت أمعائه، صرخ. ولكن من يسمع، يا للهول أيكون الله قاسياً لهذه الدرجة، هل جهنم مرعبة إلى هذه الدرجة. وصرخ من أعماق أعماق قلبه. يا أبي أرسل لعازر ليبل طرف إصبعه ماء ويبرد لساني، لأني معذب في هذا اللهيب، ما أشد هول العذاب، لعازر الذي كانت القروح تملأ أصابعه وكنت تتقيأ منها. الآن تريد أن يبل طرف إصبعه ويبرد لسانك. لم يطلب كوب ماء بل طرف إصبع لعازر.

حاول الغني أن لا يتخلص من النيران بل أن يخفف قليلاً من حدتها، فطلب من إبراهيم أن يرسل لعازر بنقطة ماء. ورفض هذا الطلب الصغير. فيجيبه أبينا ابراهيم:

«اذْكُرْ أَنَّكَ اسْتَوْفَيْتَ خَيْرَاتِكَ فِي حَيَاتِكَ، وَكَذلِكَ لِعَازَرُ الْبَلاَيَا» (لوقا 16: 25). لقد حصلت على كل ما تريد في حياتك لكن الآن انتهى الأمر، «إِنَّ الَّذِي يَزْرَعُهُ الإِنْسَانُ إِيَّاهُ يَحْصُدُ» (غلاطية 6: 7)، زرعت الإيمان تحصد الإيمان وثماره. زرعت الفساد تحصد الفساد وثماره. زرعت الخطية تحصد الخطية.

هناك استيقظ ضمير هذا الغني وتمنى في نفسه لو أنه عمل كذا وكذا، لكن ضاعت الفرصة إلى الأبد، ولم يعد يفكر في نفسه وهذا مصير كل من يؤمن في النهاية. لماذا نحن نفكر في غيرنا ونحاول أن نخبرهم عن محبة الله. لماذا لأن ضميرنا قد استيقظ ونريد أن ننبه الآخرين.

ويصرخ الغني لإبراهيم أن يرسل أليعازر إلى إخوته، ليحدثهم عن مصير أخيهم المسكين. والنار الأبدية والدود الذي لا يموت. علهم يرتدعون عما هم فيه هم مساكين ولا يعرفون.

- كلا ليسوا مساكين لأن عندهم الكتاب ليقرأوه.

- لا يا أبي إبراهيم إنهم يسمعون لمن قام من الأموات.

- حقاً يسمعون لمن قام ولماذا لا تسمعون من يسوع. يسوع خبّركم عن هذه الأمور كلها وقد قام من بين الأموات. أيها المسكين إن كانوا لا يسمعون للكتاب أولاً فكيف يصدقون رسالة. ومن رفض هذه الرسالة رفض الحياة إلى الأبد.

لقد استيقظ ضميره لكن متأخراً لا تتأخر يا أخي وأختي لكي لا تضيع الفرصة إلى الأبد جهنم هي جهنم لأن:

يسوع ليس موجوداً هناك.

في السماء هناك يسوع سيكون مع إخوته مع المفديين الذين فداهم وخلّصهم سيكون مع الذين قبلوه وعرفوه رباً ومخلصاً لحياتهم هناك سيمسح الله كل دمعة من عيوننا سيكون هناك فرح دائم مستمر أبدي.

أما هناك في جهنم فسيكون البكاء وصرير الأسنان، ظلمة أبدية نار أبدية، عذاب أبدي، نار لا تطفأ. ودود لا يموت، ولكن الشيء الذي يرعب أنك ستكون لوحدك. يسوع لن يكون هناك، لأن يسوع نور وآية شركة للظلمة مع النور.

ويسوع محبة وأي توافق وشركة بين المحبة والبغضة.

سيكون الخاطي هناك لوحده بدون يسوع، يسوع هو إشارة المرور للسماء وبدون أن تسير حسب تعليماته ستقع في مشاكل واصطدامات. سر حسب إرشادته وعنايته وكلماته وستجد أنك الرابح الوحيد.