العودة الى الصفحة السابقة
الأنبياء الكذبة

الأنبياء الكذبة

جون نور


«15اِحْتَرِزُوا مِنَ الأَنْبِيَاءِ الْكَذَبَةِ الَّذِينَ يَأْتُونَكُمْ بِثِيَاب الْحُمْلاَنِ، وَلكِنَّهُمْ مِنْ دَاخِل ذِئَابٌ خَاطِفَةٌ! 16 مِنْ ثِمَارِهِمْ تَعْرِفُونَهُمْ. هَلْ يَجْتَنُونَ مِنَ الشَّوْكِ عِنَبًا، أَوْ مِنَ الْحَسَكِ تِينًا؟ 17 هكَذَا كُلُّ شَجَرَةٍ جَيِّدَةٍ تَصْنَعُ أَثْمَارًا جَيِّدَةً، وَأَمَّا الشَّجَرَةُ الرَّدِيَّةُ فَتَصْنَعُ أَثْمَارًا رَدِيَّةً، 18 لاَ تَقْدِرُ شَجَرَةٌ جَيِّدَةٌ أَنْ تَصْنَعَ أَثْمَارًا رَدِيَّةً، وَلاَ شَجَرَةٌ رَدِيَّةٌ أَنْ تَصْنَعَ أَثْمَارًا جَيِّدَةً. 19 كُلُّ شَجَرَةٍ لاَ تَصْنَعُ ثَمَرًا جَيِّدًا تُقْطَعُ وَتُلْقَى فِي النَّارِ. 20 فَإِذًا مِنْ ثِمَارِهِمْ تَعْرِفُونَهُمْ. 21 «لَيْسَ كُلُّ مَنْ يَقُولُ لِي: يَا رَبُّ، يَا رَبُّ! يَدْخُلُ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ. بَلِ الَّذِي يَفْعَلُ إِرَادَةَ أَبِي الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ. 22 كَثِيرُونَ سَيَقُولُونَ لِي فِي ذلِكَ الْيَوْمِ: يَا رَبُّ، يَا رَبُّ! أَلَيْسَ بِاسْمِكَ تَنَبَّأْنَا، وَبِاسْمِكَ أَخْرَجْنَا شَيَاطِينَ، وَبِاسْمِكَ صَنَعْنَا قُوَّاتٍ كَثِيرَةً؟ 23 فَحِينَئِذٍ أُصَرِّحُ لَهُمْ: إِنِّي لَمْ أَعْرِفْكُمْ قَطُّ! اذْهَبُوا عَنِّي يَا فَاعِلِي الإِثْمِ!» (متّى 15:7 - 23).

لكل إنسان يفكر فلسفة في الحياة، هي بناء من الأفكار، لا يبنيه هو وحده، بل يستعين بغيره. فكل إنسان يتعلم من محيطه وبيئته. فيصبح ابن جيله. فجميع الناس الذين نسمعهم، وجميع الكتب التي نقرؤها، وجميع الأشياء التي نراها، وكل الانطباعات التي تنطبع فينا، كل هذه تكون فلسفتنا أو بناء حياتنا. ولكن هناك بنائين فاسدين يفسدون الصور أو الأفكار الكائنة منذ القدم، ويهدمون المواد الأصلية ويستعيضون عنها بمواد فاسدة تبدو للوهلة الأولى كأنها من ذهب، ولكنها في الواقع غير ذلك. من يدس في يدنا قطعة مزيفة من النقود يغشنا بهذه القطعة فقط لا غير.

كانت مقدمتي هذه لكي أقود أفكاركم إلى ما أراد يسوع أن ينبهنا إليه.

الرب يسوع يحذر الأنبياء الكذبة فيرينا:

1 - من هم 2 - كيف يأتون

3 - بم يعرفون 4 - إلى أين يذهبون.

تكلم يسوع عن الأنبياء بالمعنى على الصعيد الديني، ويقول: الأنبياء الكذبة هم جميع الأشخاص الذين يحاولون أن يملأوا أفكارنا بشعارات غير مسيحية. وقد يكون هؤلاء شخصيات بارزة: علماء، وفلاسفة، وزعماء، وكتاباً. وقد يكونون أناساً عاديين: أصدقاء لنا، وجيراناً، وزملاء يهمسون في آذاننا آراء تكفيرية الحادية، أو يعلموننا عادات قبيحة ضارة.

وتغمرنا في هذه الأيام موجة عارمة من الأنبياء الكذبة لم يعرف مثلها الناس في عصر يسوع. منها الكتب التي يكتبها هؤلاء الأشخاص، والروايات، والمجلات والصور الخليعة. ومن الكتب المضللة التي ظهرت في أيامنا كتاب «يسوع نجم متفوق» يرينا أن يهوذا هو الشخص الحقيقي الذي يريده العالم. ويرينا يسوع شخصاً فاشلاَ ومعتوهاً نادى بأفكار وتعاليم لا تلائم الناس، لأنها خيالية. ويزداد خطر هذه الكتب الفاسدة إذا تحولت إلى تمثيليات وظهرت في صور متحركة على شاشة السينما أو التلفزيون. فتتغلغل إلى أفكار المشاهدين. وتتحول الأفكار في أذهانهم إلى خطط. وتتحول الخطط في النهاية إلى أعمال إجرامية.

اما كيف يأتون؟ يقول يسوع: «إنهم يَأْتُونَكُمْ بِثِيَاب الْحُمْلاَنِ» وهم في الحقيقة ذئاب خاطفة. يأتون إلينا بالألفاظ المنمقة الناعمة. والحيات ناعمة الملمس. ولكنها تحمل في أنيابها السم الزعاف. إنهم يثيرون فينا الغرائز السفلى، ويحركون الشهوات الدنيئة.

وتفيد لفظة «ذئاب خاطفة» معنى التمزيق والهدم. ويعني هذا بالنسبة لنا في هذه الأيام أننا أين التفتنا رأينا حولنا معاول الهدم. فقد تصدعت أسس إيماننا المتينة وعاداتنا وتقاليدنا الجميلة. وتفككت الأخلاق في السنوات الأخيرة، وقل الحياء، فانجرف كثيرون وراء الفجور.

اما بما يعرفون؟ الأنبياء الكذبة يقول يسوع: «مِنْ ثِمَارِهِمْ تَعْرِفُونَهُمْ». فكما تكون الشجرة، تكون ثمارها. فالشجرة التي تعطي ثمراً جيداً لا يمكن أن تكون شجرة رديئة. ومن كانت أعماله طيبة لا يمكن أن يكون فاسداً. أما الشجرة التي تؤتي ثماراً سامة، فلا يمكن أن يكون أصلها جيداً.

فمن لا يسبب بأقواله وأعماله إلا الخراب والدمار، لا يمكن أن يكون نبياً صالحاً.

ما هو السبيل لنثمر ثمراً طيباً؟ اولاً علينا أن نكون صريحين وصادقين مع أنفسنا فنكون نحن، أنفسنا وبطبيعتنا في كل مكان. فهناك من هو «لطيف لبق» في سلوكه الخارجي وتصرفه مع الناس، في حين أنه يكون شرساً سيء الطباع في بيته وبين ذويه. أمام الناس قديس وفي البيت يكون إبليس. يجب أن تنسجم حياتنا الظاهرة مع حياتنا الباطنة، فلا نبطن غير ما نظهر والعكس بالعكس.

الآن نعرف من هم الأنبياء الكاذبون والأنبياء الصادقون. إننا نأتي إلى بيت الله. وحسناً نفعل. وليس أحسن من ذلك. فهل نصلي معاً من قلوبنا؟ وهل أدت بنا العبادة والصلاة إلى التفاهم، والتعاون، والمشاركة؟! هل نحن صادقون مع أنفسنا؟

إن جميع الذين عاشوا حسب تعاليم المسيح ومبادئه تباركوا في هذه الحياة، فأثمروا خير الثمار. وأصبحوا بركة للآخرين.

اما إلى أين يذهبون؟ الأنبياء الكذبة كان يجب أن نتوقف عند هذه النهاية الجميلة. بعد. فيسوع يعرض لنا وصفاً للدينونة الأخيرة، ونهاية الأنبياء الكذبة، فيقول: «لَيْسَ كُلُّ مَنْ يَقُولُ لِي: يَارَبُّ، يَارَبُّ! يَدْخُلُ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ» (متّى 7: 21) ويضيف إلى ذلك قوله: لهؤلاء الأنبياء الكذبة «...إني لا أعرفكم».

ولا ينطبق هذا القول أو الحكم الصارم على الأنبياء الكاذبين وحسب، بل على جميع الذين يعرفون أقوال الرب، ويكررونها، ولكنهم لا يعملون بها. كثيرون يكثرون الكلام عن المسيح والمسيحية. ولكنهم لا يعلمون بما يقولون. إنهم لا ينظرون إلى المسيح ويستمدون منه القوة ليؤتوا الثمار الطيبة التي يريدها هو. أو أنهم لا يقولون الحقيقة كاملة، بل يقولون نصفها، فيلعبون دور الممثل.

إذا نظرنا نحن دائماً إلى صورة ملكنا الأعظم وتأملنا فيها تنطبع في حياتنا فنصبح قادرين على تمييز الأنبياء الكاذبين، وعلى عمل ما يطلبه هو منا. فلا نعتمد على برنا وصلاحنا وإستحقاقنا. ونخاف الله، ونحبه، فوق كل شيء ونلقي كل إتكالنا عليه.