العودة الى الصفحة السابقة
يوسف وإخوته

يوسف وإخوته

جون نور


يخبرنا الكتاب المقدس ان يوسف إذ كان ابن سبعة عشرة سنة كان يرعى مع إخوته الغنم. وأتى يوسف بنميمتهم الرديئة إلى أبيهم. وأما يعقوب اباه فأحب يوسف أكثر من سائر بنيه فصنع له قميصاً ملوناً. فلما رأى إخوته أن أباهم أحبه أكثر من جميع إخوته أبغضوه ولم يستطيعوا أن يكلموه بسلام.

وحلم يوسف حلماً وأخبر إخوته. فقال لهم اسمعوا هذا الحلم الذي حلمت. فها نحن حازمون حزماً في الحقل وإذا حزمتي قامت وانتصبت فأحاطت حزمكم وسجدت لحزمتي. فقال له إخوته العلك تملك علينا ملكاً أم تتسلط علينا تسلطاً وازدادوا أيضاً بغضاً له من أجل أحلامه ومن أجل كلامه.

ومضى إخوته ليرعوا غنم أبيهم عند شكيم. فقال يعقوب ليوسف أليس إخوتك يرعون عند شكيم فأذهب وأنظر سلامة إخوتك وسلامة الغنم ورد لي خبراً.

فذهب يوسف وراء إخوته. فلما أبصروه من بعيد قبلما اقترب إليهم قال بعضهم لبعض هوذا صاحب الأحلام قادم. فالآن هلم نقتله ونطرحه في إحدى الآبار ونقول وحش رديء أكله فنرى ماذا تكون أحلامه. فسمع رأوبين وقال لهم لا تسفكوا دماً بل أطرحوه في هذه البئر التي في البرية ولا تمدوا إليه يداً. قال هذا لكي ينقذه من أيديهم ليرده إلى أبيه. فكان لما جاء يوسف إلى إخوته أنهم خلعوا عن يوسف قميصه الملون الذي عليه وأخذوه وطرحوه في البئر.

ثم جلسوا ليأكلوا طعاماً فرفعوا عيونهم ونظروا وإذا قافلة إسمعيليين مقبلة من جلعاد وجمالهم حاملة بضائع ذاهبين لينزلوا بها إلى مصر. فقال يهوذا لإخوته ما الفائدة أن نقتل أخانا ونخفي دمه تعالوا نبيعه للإسمعيليين فسمع له إخوته فسحبوا يوسف واصعدوه من البئر وباعوه للإسمعيليين بعشرين من الفضة. وهؤلاء أتوا بيوسف إلى مصر.

وأما يوسف فانزل إلى مصر واشتراه فوطيفار خصي فرعون رئيس الشرط رجل مصر من يد الإسمعيليين الذين أنزلوه إلى هناك. وكان الرب مع يوسف فكان رجلاً ناجحاً وكان في بيت سيده المصري.

ورأى سيده أن الرب معه وأن كل ما يصنع كان الرب ينجحه بيده فوكله على بيته ودفع إلى يده كل ما كان له وكان يوسف حسن الصورة وحسن المنظر.

وحدث بعد هذه الأمور أن امرأة سيده رفعت عينها إلى يوسف. وكانت إذ كلمت يوسف يوماً فيوماً أنه لم يسمع لها ليكون معها. وقال لامرأة سيده هوذا سيدي لا يعرف معي ما في البيت وكل ما له قد دفعه إلى يدي ولم يمسك عني شيئاً غيرك لإنك امرأته. فكيف اصنع هذا الشر العظيم وأخطئ إلى الله؟ ثم حدث نحو هذا الوقت أنه دخل البيت ليعمل عمله فأمسكته بثوبه فترك ثوبه في يدها وهرب وخرج إلى خارج. ولما جاء سيده إلى بيته كلمته قائلة، دخل إلي العبد العبراني الذي جئت به إلينا ليداعبني. وكان لما رفعت صوتي وصرخت أنه ترك ثوبه بجانبي وهرب إلى خارج.

فلما سمع سيده كلام امرأته الذي كلمته به حمي غضبه وأخذ يوسف ووضعه في المكان الذي كان أسرى الملك محبوسين فيه. وكان هناك في السجن ولكن الرب كان مع يوسف وبسط إليه لطفاً.

وحدث من بعد سنتين من الزمان أن فرعون رأى حلماً وكان في الصباح أن نفسه انزعجت فأرسل ودعا جميع سحرة مصر وجميع حكمائها وقص عليهم فرعون حلمه فلم يكن من يعبره.

فعلم فرعون عن يوسف من ساقية الذي كان مسجونا مع يوسف فأرسل ودعا يوسف.

فأخبر فرعون يوسف بحلمه. فقال يوسف لفرعون البقرات السبع الحسنة هي سبع سنين والسنابل الحسنة هي سبع سنين. هو حلم واحد. والبقرات السبع الرقيقة القبيحة التي طلعت وراءها هي سبع سنين والسنابل الفارغة الملفوحة بالريح الشرقية تكون سبع سنين جوعاً. ولقد أظهر الله لفرعون ما هو صانع. هوذا سبع سنين قادمة شبعاً عظيماً في كل أرض مصر. ثم تقوم بعدها سبع سنين جوعاً فينسى كل الشبع في أرض مصر ويتلف الجوع الأرض. ولا يعرف الشبع في الأرض من أجل ذلك الجوع بعده لأنه يكون شديداً جداً. فالآن لينظر فرعون رجلاً بصيراً وحكيماً ويجعله على أرض مصر. يفعل فرعون فيوكل نظاراً على الأرض ويأخذ خمس غلة أرض مصر في سبع سني الشبع. فيجمعون جميع طعام هذه السنين الجيدة القادمة ويخزنون قمحاً تحت يد فرعون طعاماً في المدن ويحفظونه. فيكون الطعام ذخيرة للأرض لسبع سني الجوع التي تكون في أرض مصر فلا تنقرض الأرض بالجوع.

فحسن الكلام في عيني فرعون وفي عيون جميع عبيده. ثم قال فرعون ليوسف بعدما أعلمك الله كل هذا ليس بصير وحكيم مثلك. أنت تكون على بيتي وعلى فمك يقبل جميع شعبي إلا أن الكرسي أكون فيه أعظم منك. ثم قال فرعون ليوسف أنظر قد جعلتك على كل أرض مصر. فجمع كل طعام السبع سنين وجعل طعاماً في المدن. طعام حقل المدينة الذي حواليها جعله فيها.

ثم كملت سبع سني الشبع الذي كان في أرض مصر. وابتدأت سبع سني الجوع تأتي كما قال يوسف. وصرخ الشعب إلى فرعون لأجل الخبز. فقال فرعون لكل المصريين اذهبوا إلى يوسف والذي يقول لكم أفعلوا. وفتح يوسف جميع ما فيه طعام وباع للمصريين. وأشتد الجوع في أرض مصر. وجاءت كل الأرض إلى مصر إلى يوسف لتشتري قمحاً لأن الجوع كان شديداً في كل الأرض.