العودة الى الصفحة السابقة
تيموثاوس

تيموثاوس

جون نور


تيموثاوس، اسم يوناني معناه «عابد الله». وُلد في مدينة لسترة في آسيا الصغرى (تركيا حاليا)، وعاش هناك بين أم يهودية وأب يوناني، وتربى على الإيمان بالله الواحد على يدي أمه أفنيكي وجدته لوئيس. ويُرجح أنه آمن على يد بولس، من تسميته إياه ابني، والابن الصريح، والابن الحبيب والأمين. وكان ذلك أثناء رحلة بولس الرسول الكرازية الأولى. وفي المرة الثانية حين عاد بولس إلى لسترة، وجد أن تيموثاوس قد اشتهر بين المؤمنين في لسترة وأيكونية وأصبح غيوراً على خدمة الرب يسوع ونشر رسالته إلى العالم، فجعله رفيقاً له في سفراته وصحبه إلى مقاطعة غلاطية، ثم إلى المدن اليونانية مثل مدينة تِرواس وفيلبي وإلى تسالونيكي وكورنثوس.

يخبرنا بولس في رسالته إلى أهل كورنثوس، أنه قبل كتابة هذه الرسالة، أرسل تيموثاوس إلى كورنثوس ليُصلح العيوب ويُذلل المشاكل التي كانت تعترض خدمة الله في تلك المدينة. ووصفه بولس بقوله: «لأَنَّهُ يَعْمَلُ عَمَلَ الرَّبِّ كَمَا أَنَا أَيْضًا» (1كورنثوس 10:16). وهذا يدل على مقدار الثقة التي كان بولس يضعها في تيموثاوس. ويُشير بولس الرسول أيضاً إلى الجهد الذي قام به تيموثاوس في كنيسة أفسس وهو ما زال حديث السن.

لقد ذكر بولس تيموثاوس بصفات خادم الله التي يجب أن تكون واضحة فيه، ويقول بأن اشتهاء خدمة المؤمنين عمل جليل ومهم جداً. يجب أن يكون الخادم رجلاً مقدساً، له امرأة واحدة وليس أكثر، ذا تفكير ناضج ومتفهماً للأمور، ويتقبل الناس بمختلف أشكالهم وأنواعهم. وكذلك يجب أن يكون مُهيأ للتعليم، أي أن عليه تجهيز نفسه وإنماء فكره بالمعلومات الكافية لكي يُعلّم ويخدم الله رب السماء والأرض. ومن الصفات المهمة، أنه يجب ألا يكون مُدمناً للخمر، ولا يحب المشاكل، بل أن يحاول حلها إذا وقعت له أو لغيره من الناس. وأخيراً عليه أن يُربي أولاده بمخافة الله.

لقد صلى تيموثاوس لله القدوس لأجل الرؤساء والملوك لأنهم يحفظون النظام ويحافظون على حق الضعيف، ويحلون السلام بين الناس في أغلب الأحيان. وهذا ما يجعل الإنسان يسكن آمناً مُطمئناً على حياته وأولاده ويقدر أن يُصلي ويعبد ربه بحرية. ولأجل كل ذلك، كان الأساقفة وعلى رأسهم تيموثاوس يُصلون لأجل المسؤولين حتى ليلهمهم الله للعمل بالعدل والاستقامة. ويقول بولس، بأن الصلاة للمسؤولين مقبولة لدى الله، لأن للجميع الحق في المجيء إلى الله وقبول خلاصه المجيد.

كان تيموثاوس يكرز بكلمة الله في كل الأوقات، وذلك تنفيذاً لتعليم بولس له، القائل: «اكْرِزْ بِالْكَلِمَةِ. اعْكُفْ عَلَى ذلِكَ فِي وَقْتٍ مُنَاسِبٍ وَغَيْرِ مُنَاسِبٍ. وَبِّخِ، انْتَهِرْ، عِظْ بِكُلِّ أَنَاةٍ وَتَعْلِيمٍ» (2 تيموثاوس 2:4). بالحقيقة لقد عمل تيموثاوس بكل قوته لتنفيذ هذه الوصية، وبشر في أماكن مختلفة، وحتى في وسط الضيقات لم يسكت، بل جاهر بإيمانه بالمسيح.

وأما الموضوع الذي يهم الشباب بشكل عام، هو كون تيموثاوس شاباً يعمل بخدمة الرب يسوع المسيح، وقد يتساءلون عن مدى تأثير التجارب والشهوات الشبابية عليه. الحقيقة تُقال، إن بولس الرسول ساعد تيموثاوس بنصائحه كثيراً، وقد قال له بهذا الصدد: «أَمَّا الشَّهَوَاتُ الشَّبَابِيَّةُ فَاهْرُبْ مِنْهَا، وَاتْبَعِ الْبِرَّ وَالإِيمَانَ وَالْمَحَبَّةَ وَالسَّلاَمَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ الرَّبَّ مِنْ قَلْبٍ نَقِيٍّ. وَالْمُبَاحَثَاتُ الْغَبِيَّةُ وَالسَّخِيفَةُ اجْتَنِبْهَا، عَالِمًا أَنَّهَا تُوَلِّدُ خُصُومَاتٍ» (2 تيموثاوس 22:2 – 23).

إن الشهوات الشبابية تُتعب الشاب وتُشغل باله، وذلك بسبب التغيير الذي يطرأ على جسم الإنسان في عمر مُعين، وحاجة الإنسان بشكل عام إلى من يُعطيه العطف والاهتمام. وبذلك تُشكل الشهوات ضغطاً قوياً على أعصاب الشباب. لهذا كان تيموثاوس يهرب من هذه الشهوات لكي لا يتأثر بها، ويعيش بعيداً عن تجارب الانجذاب الجسدي الذي يُسقط الشباب في أوحال الخطية. ولحماية نفسه من هذه الشهوات، كان تيموثاوس يتبع الإيمان ويتمسك بالبر والتقوى والمحبة لخدمة الناس بشكل عام. وتنفيذاً لوصية ثانية من الرسول بولس، كان تيموثاوس الشاب يتجنب المباحثات التي لا تفيد بل تنشئ خلافاً وخصومات دون فائدة.

لقد كان تيموثاوس مثالاً للشباب الواعي المتفهم لمحبة الله وخلاصه المجيد الذي أعده المسيح يسوع وبواسطة موته على الصليب. وأعطانا دروساً بالثبات في الإيمان والتقوى علينا إتباعها، لنحيا كما عاش تيموثاوس أميناً لربه وسيده يسوع المسيح له المجد.