العودة الى الصفحة السابقة
يسوع والرعاة

يسوع والرعاة

جون نور


أعزائي المستمعين يطيب لي أن انتهز فرصة حلول عيد الميلاد المجيد لأقترب منكم جميعاً بالقول كل عام وأنتم بخير أما موضوع حلقتنا اليوم فهو يسوع والرعاة الذين هم أول من رأى يسوع.

يقول الكتاب المقدس عن الرعاة: «فَجَاءُوا مُسْرِعِينَ، وَوَجَدُوا مَرْيَمَ وَيُوسُفَ وَالطِّفْلَ مُضْجَعًا فِي الْمِذْوَدِ. فَلَمَّا رَأَوْهُ أَخْبَرُوا بِالْكَلاَمِ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ عَنْ هذَا الصَّبِيِّ» (لوقا 2: 16 و17)

لما ولد «عمانوئيل» لم يعلم بمولده أحد فإن ملك الملوك ولد كما يولد أفقر فقير بل أقسى من ذلك ولدته أمه في مذود البقر ومع ذلك فإنه كان ملكاً وهو في المذود، وجاءت ملائكة السماء تحييه على الأرض. لا شك أن مظاهرات ملائكية قامت في السماء وهتفت هناك نشيد التمجيد لله «الْمَجْدُ للهِ فِي الأَعَالِي، وَعَلَى الأَرْضِ السَّلاَمُ، وَبِالنَّاسِ الْمَسَرَّةُ» (لوقا 2: 14) وجاءت بعض الملائكة إلى الأرض وأسمعتها ذلك النشيد الخالد. كانت الأرض كلها نائمة «وكَانَ فِي تِلْكَ الْكُورَةِ رُعَاةٌ مُتَبَدِّينَ يَحْرُسُونَ حِرَاسَاتِ اللَّيْلِ عَلَى رَعِيَّتِهِمْ» (لوقا 2: 8). كان أولئك الرعاة ساهرين. لسنا نبالغ في القول إذا قلنا أنهم كانوا ساهرين يصلّون. أو ربما كانوا يتذكرون أحاديث المسيا المنتظر. إن السماء تقترب ممن يعيشون بالقرب منها، وأبصر الرعاة نوراً وهاجاً يقترب منهم. فلما ازداد قربه ارتعبوا. ولا عجب فإنه منذ دخلت الخطية إلى الأرض والناس يخافون من المثول أمام القداسة. إن القداسة تذكرهم بإثمهم وبوجوب عقابهم. ولكن الملاك ناداهم «لاَ تَخَافُوا! فَهَا أَنَا أُبَشِّرُكُمْ بِفَرَحٍ عَظِيمٍ يَكُونُ لِجَمِيعِ الشَّعْبِ: أَنَّهُ وُلِدَ لَكُمُ الْيَوْمَ فِي مَدِينَةِ دَاوُدَ مُخَلِّصٌ هُوَ الْمَسِيحُ الرَّبُّ. وَهذِهِ لَكُمُ الْعَلاَمَةُ: تَجِدُونَ طِفْلاً مُقَمَّطًا مُضْجَعًا فِي مِذْوَدٍ!» (لوقا 2: 10 – 12).

كان الرعاة يسمعون الكلام وهُم في ذهول. لقد حان مجيء المسيح الذي طالما انتظروه فها هو ملاك الله يحدثهم عن المسيا المرتقب. يحدثهم هم دون غيرهم من الشعب المختار. كان انذهالهم عظيماً. لقد كانوا يظنون أنهم آخر من يحق له أن يسمع الخبر السار. سكان القصر أولى بالطبع ورؤساء الهيكل والمعلمون الكبار. والفريسيون والكتبة والناموسيون والعلماء والأغنياء. لكن هوذا السماء تجري معهم عجباً. إنها تتحدث إلى أفقر الفقراء معلنة أن الملك ابن داود قد وُلد!

وبينما هم في ذهول! ازداد النور المحيط بهم لمعاناً وإذا فرق من الملائكة تتجمع معاً وإذا بهذه الفرق تنشد أشجى نشيد سمعته الأرض:

«الْمَجْدُ للهِ فِي الأَعَالِي، وَعَلَى الأَرْضِ السَّلاَمُ، وَبِالنَّاسِ الْمَسَرَّةُ» (لوقا 2: 14)

وتجاوبت الجبال والوديان بهذا الصوت الذي خرج من أفواه الملائكة. صوت امتزجت فيه الحلاوة بالجلال!!

وخشع الرعاة وهم يسمعون النشيد السماوي وسجدوا إلى الأرض ولمست وجوههم التراب في كثير من الخوف ولكن أيضاً في كثير من الفرح!

ولما عاد السكون إلى المكان استيقظ الرعاة من ذهولهم وقال أحدهم لشدّ ما أخشى أني لا أزال أحلم! وقال الثاني إنه لم يكن حلماً ولكنه حقيقة أكيدة. وقال الثالث هل حقاً ما سمعته عن المخلص المولود؟ وقال الرابع وهل سمعتم ذلك النشيد «الْمَجْدُ للهِ فِي الأَعَالِي، وَعَلَى الأَرْضِ السَّلاَمُ، وَبِالنَّاسِ الْمَسَرَّةُ» (لوقا 2: 14) أم أنه خُيّل لي أني سمعت وأنا أحلم؟

وتأكد كل واحد منهم أنه سمع ما سمعه الآخرون عن ميلاد المخلص الذي هو المسيح الرب. «قَالَ الرجال الرُّعَاةُ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: «لِنَذْهَبِ الآنَ إِلَى بَيْتِ لَحْمٍ وَنَنْظُرْ هذَا الأَمْرَ الْوَاقِعَ الَّذِي أَعْلَمَنَا بِهِ الرَّبُّ!» (لوقا 2: 15) فانطلقوا في عجلة إلى القرية الصغيرة. ولم يطل عليهم البحث فعثروا في حوش الخان على يوسف ومريم والطفل يسوع! شكراً لله شكراً لله أن السيد وُلد في مذود.

هذا ما قاله الرعاة بعضهم لبعض وهم يدوسون بأقدامهم الخشنة الأرض الخشنة ليصلوا إلى مهد الطفل المسيا ولا بد أن سجودهم طال.

لو أنه جاء في بيت كبير ما أمكن أولئك الرعاة المساكين أن يقتربوا منه أو يقدموا السجود له. ولكنه ُوُلد في مذود البقر فصار من الميسور للجميع أن يقتربوا منه وتحدث الرعاة عن ظهور الملائكة وعن الرسالة العجيبة وعن النشيد السماوي. «وَكُلُّ الَّذِينَ سَمِعُوا تَعَجَّبُوا مِمَّا قِيلَ لَهُمْ مِنَ الرُّعَاةِ وَأَمَّا مَرْيَمُ فَكَانَتْ تَحْفَظُ جَمِيعَ هذَا الْكَلاَمِ مُتَفَكِّرَةً بِهِ فِي قَلْبِهَا!» (لوقا 2: 18 و19).

ولعل البعض يسأل عن الصبي الذي رآه الرعاة. هل كان يختلف عن بقية الأطفال. لا شك أنه كان يختلف في برارته. لقد وُلد بدون خطية. ولكنه على ذلك، كان طفلاً له كل ما في الأطفال الآخرين من خاصيات. لقد أخذ السيد الإنسانية الكاملة وبدأ من أول السلم فيها! كان السيد طفلاً كباقي الأطفال، ينام ويستيقظ ويتألم ويأكل ويشرب وينمو رأى الرُعاة طفلاً عادياً ولكنهم رأوا فيه المسيا المرتقب فسجدوا له ورجعوا «وَهُمْ يُمَجِّدُونَ اللهَ وَيُسَبِّحُونَهُ عَلَى كُلِّ مَا سَمِعُوهُ وَرَأَوْهُ كَمَا قِيلَ لَهُمْ!» (لوقا 2: 20).