العودة الى الصفحة السابقة
فقدان الرجاء في الحياة

فقدان الرجاء في الحياة

سلسلة لكل سؤال جواب

إسكندر جديد


Bibliography

فقدان الرجاء في الحياة. اسكندر جديد. Copyright © 2007 All rights reserved Call of Hope. الطبعة الأولى . . SPB ARA. English title: . German title: . Call of Hope. P.O.Box 10 08 27 D 70007 Stuttgart Germany http: //www.call-of-hope.com .

إنني متعب من حياتي. فقد فقدت الرجاء وغشاني اليأس ففكرت أن أهجر العالم، وأدخل الدير. أو أن أقضي على حياتي بالانتحار. فما السبيل للقضاء على اليأس؟ ولماذا يجربنا الله أكثر مما نستطيع؟

سؤال من:

السيد ب. ل. ك. - بهجورة - مصر

1 - إن دخول الدير لا يحل المشكلة، بل لعله يزيدها تعقيداً. لأنك إن استطعت الهرب من العالم في غياهب الدير فلن يكون في وسعك الهرب من نفسك، ولا من التجارب ما دمت حياً. يُقال أنه حين حاول القديس أنطونيوس الهرب إلى البرية، سمع صوتاً يقول له: يا أنطونيوس إن التجارب التي هربت منها في الاسكندرية سوف تلقاك في البرية. لأن التجارب ليست محيطة بك، بل هي في أعماق نفسك.

أنت إنسان خُلقت على صورة الله كشبهه في أمور كثيرة. وقد زوّدك الله بمواهب وإمكانات، وجعلك كائناً له القدرة على الكفاح في سبيل الخير والجمال. فلماذا لا تستعمل هذه الطاقات الخيرة لمحو الفشل الذي مُنيت به؟

لقد ثبت بالاختبار أن العزلة لا تستطيع إسدال رداء النسيان على الماضي وبالتالي لا تغطي آثار الفشل. على العكس ففي العزلة تستيقظ الذكريات وتشرأب الحسرات في ألف سؤال وسؤال من نوع كيف ولماذا؟

2 - إن التجارب ليست شراً يسلطه الله على الإنسان قصاصاً، « لأَنَّ ٱللّٰهَ غَيْرُ مُجَرَّبٍ بِٱلشُّرُورِ» وهو لا يجرب أحداً، هكذا قال الرسول يعقوب: «وَلٰكِنَّ كُلَّ وَاحِدٍ يُجَرَّبُ إِذَا ٱنْجَذَبَ وَٱنْخَدَعَ مِنْ شَهْوَتِهِ» (يعقوب 1: 13 و14).

وقال الرسول بولس: «لَمْ تُصِبْكُمْ تَجْرِبَةٌ إِلاَّ بَشَرِيَّةٌ. وَلٰكِنَّ ٱللّٰهَ أَمِينٌ، ٱلَّذِي لاَ يَدَعُكُمْ تُجَرَّبُونَ فَوْقَ مَا تَسْتَطِيعُونَ، بَلْ سَيَجْعَلُ مَعَ ٱلتَّجْرِبَةِ أَيْضاً ٱلْمَنْفَذَ، لِتَسْتَطِيعُوا أَنْ تَحْتَمِلُوا» (1كورنثوس 10: 13) ونفهم من قول الرسول أن الله لا يسمح أن يجرب خائفوه بتجارب لا تستطيع الطبيعة البشرية احتمالها. وأن أمانته تحمله على حفظه إياهم خلال التجارب لكيلا يسقطوا من ثباتهم. ومهما كانت التجارب قاسية، فهي لا تقدر أن تسد طريق القداسة على مختاري الله. لأن الله أما أن يزيلها، وأما أن يعطيهم نعمة كافية للانتصار عليها. وهذا على وفق قول الرب يسوع لبطرس «هُوَذَا ٱلشَّيْطَانُ طَلَبَكُمْ لِكَيْ يُغَرْبِلَكُمْ كَٱلْحِنْطَةِ! وَلٰكِنِّي طَلَبْتُ مِنْ أَجْلِكَ لِكَيْ لاَ يَفْنَى إِيمَانُكَ» (لوقا 22: 31 و32).

3 - أما الانتحار فهو شر ما يفعله إنسان عاقل. إن دليل صارخ على الخوف من مواجهة الواقع، واحتمال الصعوبات. وهذا ضرب من ضروب الجبن، بل لعله أسوأها. الإنسان المؤمن بالله لا ينهزم أمام الفشل، ولا ييأس أمام المحن. لأن الله «لأَنَّ ٱللّٰهَ لَمْ يُعْطِنَا رُوحَ ٱلْفَشَلِ، بَلْ رُوحَ ٱلْقُوَّةِ وَٱلْمَحَبَّةِ وَٱلنُّصْحِ» (2تيموثاوس 1: 7) وبهذا يستطيع أن يجعل من فشله سبباً لشحذ الفكر وتحليل علة الفشل، فيعالج حالته بإيمان وحذر. وله من روح القوة طاقة جبارة ليجاهد جهاد الإيمان، لدفع التجربة عن حصن الحق الذي لله فيه. وله من روح المحبة ما يزكي إيمانه، لأن المحبة «َتَحْتَمِلُ كُلَّ شَيْءٍ، وَتُصَدِّقُ كُلَّ شَيْءٍ، وَتَرْجُو كُلَّ شَيْءٍ، وَتَصْبِرُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ. اَلْمَحَبَّةُ لاَ تَسْقُطُ أَبَداً» (1كورنثوس 13: 7 و8). وله من روح النصح ما يزوّده بحكمة تخوله ضبط النفس، وفحص كل الأمور برزانة وتعقل. ولعله بوحي من هذه الحقيقة، كتب الرسول يعقوب وصيته الخالدة للمؤمنين: «اِحْسِبُوهُ كُلَّ فَرَحٍ يَا إِخْوَتِي حِينَمَا تَقَعُونَ فِي تَجَارِبَ مُتَنَوِّعَةٍ، عَالِمِينَ أَنَّ ٱمْتِحَانَ إِيمَانِكُمْ يُنْشِئُ صَبْراً. وَأَمَّا ٱلصَّبْرُ فَلْيَكُنْ لَهُ عَمَلٌ تَامٌّ، لِكَيْ تَكُونُوا تَامِّينَ وَكَامِلِينَ غَيْرَ نَاقِصِينَ فِي شَيْءٍ. وَإِنَّمَا إِنْ كَانَ أَحَدُكُمْ تُعْوِزُهُ حِكْمَةٌ فَلْيَطْلُبْ مِنَ ٱللّٰهِ ٱلَّذِي يُعْطِي ٱلْجَمِيعَ بِسَخَاءٍ وَلاَ يُعَيِّرُ، فَسَيُعْطَى لَهُ» (يعقوب 1: 2-5).

ملحق

بعد ثلاثة أسابيع جاءني خطاب من السيد بدر ل. ك. هذه مقدمته: لشد ما كان ابتهاجي عند وصول كتابك المؤرخ في 10 شباط 1969. وازداد سروري لما فيه من إجابات حكيمة وإرشادات... وبعد قراة الكتاب بتمعن شعرت بنار مقدسة تضطرم في أحشائي. وبعدها شعرت بارتياح عظيم وإذ أتنسم من خطابك روائح المحبة والعطف والإقناع، أسأل الرب يسوع أن يمنحك قوة... ويعضدك ويهبك الغلبة والنصرة على أعداء الكلمة.

أبي الروحي... لقد طرحت مشكلتي الدير والانتحار وعرفت أني مخطئ. ولم ألبث أمام الواقع، حتى تبدت أمامي محاربات إبليس اللعين من جديد. ويبدو لي أني أعيش فترة جفاف روحي. وهذا من نتيجة الفشل الذي مُنيت به العالم الماضي. فأهملت الصلاة والذهاب إلى الاجتماعات الروحية وقراءة الكتاب المقدس.. ويخدعني إبليس معلناً عليّ حرب الشهوة. إنه يحاربني في صورة عطف فتاة وينصب أشراكه بأن أبادلها الحب. وبعد فترة عذاب وآلام وتعلق واضطراب وشغل العقل كلية بها، أستيقظ من غفوتي، وقد أخذت سهام الضمير تنخسني... ولكن الشيطان يلون كل شيء بالمكر والدهاء، لكي يبقيني أسير العواطف الفاجرة... إنني أعيش كإنسان تعيس يتخبط في غياهب الألم والمرارة. فأرجو في محبة المسيح بعضاً من كلمات التعزية... وكيف أعود إلى حياة الطهارة والسعادة الحقيقية... كيف أتخلص من قيود إبليس؟

ألتمس منكم أن ترفعوا صلاة حارة من أجلي أنا التعس حتى أعود إلى حياة الجهاد والنصرة والقداسة...

الجواب

لقد سرني أن يعطيني الله نعمة في عينيك، فتجد في رسالتي تاريخ 10/2/1969 ما جعلك تعزف عن القيام بعمل طائش. كنت قد حزمت أمرك عليه. الأمر الذي يستوجب مني أن أحني ركبتي لدى أبي ربنا يسوع المسيح، مصلياً من أجلك، حتى الرب يكملك في كل عمل صالح، لتصنع مشيئته عاملاً فيك ما يرضيه بربنا يسوع المسيح.

أنا لست مندهشاً أن يشن عليك عدو النفوس إبليس حرباً لا هوادة فيها. لأنه وجد في قرارك بطرح فكرتي دخول الدير والانتحار هزيمة له نكراء، وفشلاً لمخططه الذي وضعه لإلقائك في جب الهلاك. بل إنني كنت لأتعجب لو أنه تركك في الابتهاج بالحصول على السلام باستسلامك للرب يسوع المسيح!

ولكن لا تخف لأن الرب يسوع معك، وهو أقوى من الذي عليك. وما عليك إلا أن تقاوم أفكاره فتنال الغلبة، وتقاد في موكب نصرة المسيح. قال الرسول يعقوب: «ٱخْضَعُوا لِلّٰهِ. قَاوِمُوا إِبْلِيسَ فَيَهْرُبَ مِنْكُمْ. 8 اِقْتَرِبُوا إِلَى ٱللّٰهِ فَيَقْتَرِبَ إِلَيْكُمْ» (يعقوب 4: 7 و8).

فحين يهاجمك - كما قلت - في صورة عطف فتاة، ارفع نظرك إلى المصلوب وقل يا مجرب: انظر إكليل الشوك، انظر الجراح الدامية. إنه يحبني إنه مات لأجلي لذلك أنا أرفض الخطية. لأن الخطية، كانت السبب المباشر لتسميره على خشبة الصليب.

بكل سرور قبلت المهمة التي شئت أن توكلها إليّ، وهي الصلاة من أجلك. فسأحملك على قلبي، سائلاً إلهي الذي أعبده بروحي أن يكتب اسمك في سفر حياة الخروف. وأن يكمل هذا العمل الصالح الذي بدأه في حياتك إلى يوم مجيئه.


Call of Hope 
P.O.Box 10 08 27 
D-70007 
Stuttgart
Germany