العودة الى الصفحة السابقة
هل هو طبيعي أن يعترض المؤمن بعض الشكوك والتجارب؟

هل هو طبيعي أن يعترض المؤمن بعض الشكوك والتجارب؟

سلسلة لكل سؤال جواب

إسكندر جديد


Bibliography

هل هو طبيعي أن يعترض المؤمن بعض الشكوك والتجارب؟. اسكندر جديد. Copyright © 2007 All rights reserved Call of Hope. الطبعة الأولى . . SPB ARA. English title: . German title: . Call of Hope. P.O.Box 10 08 27 D 70007 Stuttgart Germany http: //www.call-of-hope.com .

هل هو طبيعي أن يعترض المؤمن بعض الشكوك والتجارب؟

هل يمكن للمؤمن أن يحيا إيمانه بصورة دائمة في هذا العصر؟ ما هي الوسائل التي يستطيع بها المؤمن أن يزيد إيمانه. ما هي الخطية وما هو تأثيرها على الإنسان؟

أسئلة من:

السيد ف. ح. - حلب - سوريا

هل هو شيء طبيعي أن تعترض المؤمن بعض الشكوك والتجارب؟

الشك والإيمان، أمران متناقضان. والمؤمن الحقيقي لا يمكن أن يُؤخذ بالشكوك لأن المسيح قلّده تُرس الإيمان الذي به يقدر أن يطفئ جميع سهام الشرير الملتهبة، وفي مقدمتها الشكوك الحارقة.

أما التجارب فلا مندوحة للمؤمن من مواجهتها، ولكن التجارب لا تعني ضعف إيمان، ولا بلوى يوقعها الله بالمؤمن. وإنما الله يسمح بأن تعترض سبيل المؤمن لامتحانه وبلورة إيمانه بالاختبار. وقد قال الرسول يعقوب: «اِحْسِبُوهُ كُلَّ فَرَحٍ يَا إِخْوَتِي حِينَمَا تَقَعُونَ فِي تَجَارِبَ مُتَنَوِّعَةٍ، عَالِمِينَ أَنَّ ٱمْتِحَانَ إِيمَانِكُمْ يُنْشِئُ صَبْراً. وَأَمَّا ٱلصَّبْرُ فَلْيَكُنْ لَهُ عَمَلٌ تَامٌّ، لِكَيْ تَكُونُوا تَامِّينَ وَكَامِلِينَ غَيْرَ نَاقِصِينَ فِي شَيْءٍ» (يعقوب 1: 2-4).

ونفهم من قرائن الحال أن الذين كتب إليهم الرسول يعقوب، كانوا عرضة لمضايقات شديدة، بالنظر إلى بغض اليهود والأمم لهم، واضطهاد الفريقين إياهم. فكتب الرسول مشجعاً وحاثاً إياهم على اعتماد الصبر لمواجهة المشقات. وقوله هنا موافق لكلام بطرس حين قال: «أَيُّهَا ٱلأَحِبَّاءُ، لاَ تَسْتَغْرِبُوا ٱلْبَلْوَى ٱلْمُحْرِقَةَ ٱلَّتِي بَيْنَكُمْ حَادِثَةٌ، لأَجْلِ ٱمْتِحَانِكُمْ، كَأَنَّهُ أَصَابَكُمْ أَمْرٌ غَرِيبٌ» (1بطرس 4: 12).

فالرسولان متفقان في القول أن التجارب ليست مخالفة لما وعد الله المؤمنين به من الحماية. وليست فوق المعتاد. لأن المسيح قال: «لَيْسَ عَبْدٌ أَعْظَمَ مِنْ سَيِّدِهِ. إِنْ كَانُوا قَدِ ٱضْطَهَدُونِي فَسَيَضْطَهِدُونَكُمْ» (يوحنا 15: 20).

أما بولس فحسب الضيقات مدعاة للفخر، إذ يقول: «وَلَيْسَ ذٰلِكَ فَقَطْ، بَلْ نَفْتَخِرُ أَيْضاً فِي ٱلضِّيقَاتِ، عَالِمِينَ أَنَّ ٱلضِّيقَ يُنْشِئُ صَبْراً، وَٱلصَّبْرُ تَزْكِيَةً، وَٱلتَّزْكِيَةُ رَجَاءً، وَٱلرَّجَاءُ لاَ يُخْزِي، لأَنَّ مَحَبَّةَ ٱللّٰهِ قَدِ ٱنْسَكَبَتْ فِي قُلُوبِنَا بِٱلرُّوحِ ٱلْقُدُسِ ٱلْمُعْطَى لَنَا» (رومية 5: 3-5).

هل يمكن للمؤمن أن يحيا إيمانه بصورة دائمة في هذا العصر؟

المؤمن المولود من الله يستطيع أن يحيا إيمانه في كل الظروف والأحوال لأن قلبه ثابت في الله ولا يمكن للتجارب والمحن أن تثبط عزيمته لأن الله دخل حياته وأعطاه الشجاعة الأدبية لكي يرفض كل ما هو باطل، ويأبى كل ما هو دني. وبالرجاء الحي الذي وضعه الله في قلبه يستطيع أن يتحمل مضايقات الغير، ويعيش أيامه على الأرض في سلام.

ما هي الوسائل التي يستطيع بها المؤمن أن يزيد إيمانه؟

المهم في الإيمان ليس كميته بل نوعه. وخير وسيلة لزيادة الإيمان هو ممارسته في حياة مكرسة للرب، حيث تكون اكتشافاته أكثر وضوحاً ورغباته أكثر قوة وأسسه أكثر رسوخاً. ولا ريب في أن التمثل بيسوع في التواضع يزيد الإيمان. وفقاً للقول الرسولي ناظرين إلى رئيس الإيمان ومكمله الرب يسوع المسيح.

أرجو أن توضحوا لي مفهوم الخطية وتأثيرها على الإنسان؟

الخطية في مفهومها اللغوي، هي إخطاء الهدف والالتواء والانحراف. وتعني التمرد والعصيان. وتعني الضلال عن طريق الحق، والسير في طريق الباطل. وتعني أيضاً الخيانة والذنب والخراب والتعدي. وهذه الألفاظ تساعدنا على إدراك الحالة التي وصل إليها الخاطئ. إنه لم يعد ذلك الإنسان الذي خلقه الله على صورته كشبهه في البر وقداسة الحق. بل الإنسان الساقط المنحرف، الخائن، المتمرد، القاصر، المتعدي، المذنب، غير المستقر.

في ما يلي بعض التعاريف الكتابية للخطية:

  1. التعدي على شريعة الله المكتوبة في الكتاب أو في الضمير (1يوحنا 3: 4، إرميا 31: 33، رومية 2: 12-16).

  2. الارتياب والشكوك (رومية 14: 14).

  3. عدم الإيمان بالابن (يوحنا 3: 18).

  4. كل أعمال الشيطان خطية (يوحنا 8: 44).

  5. اهتمام الجسد خطية (رومية 8: 6).

  6. وإهمال صنع الخير خطية (يعقوب 4: 17).

  7. كل إثم هو خطية (1يوحنا 5: 17).

  8. فكر الحماقة خطية (أمثال 24: 9).

والخطية حين تتغلغل في حياة إنسان تشوه كل شيء، سلوكه، تصرفه، حتى معالم وجهه. يقال أنه حين شرع الرسام النابغة ليوناردوا دافنشي برسم لوحته الشهيرة «العشاء الرباني» احتاج إلى رجل ذي جمال وجلال فائقين، لينقل عن ملامحه صورة المسيح. وبعد بحث دام عدة أشهر وجد ضالته في إحدى كنائس روما، في مرنم يُدعى بطرس بنديللي. وبعد فترة من الزمن احتاج إلى نموذج البشاعة ليرسم صورة يهوذا الإسخريوطي، فراح ثانية يفتش في شوارع روما، إلى أن عثر بعد بحث طويل على متسول رث الثياب له سحنة شيطانية. وبعد الاتفاق معه، ذهب به إلى مرسمه لينقل عن ملامحه صورة يهوذا الإسخريوطي، لشد ما اندهش حينما اكتشف أن الرجل ذا السحنة الشيطانية لم يكن إلا بطرس بنديللي نفسه. وإنما الخطية شوهت جماله من صورة يسوع إلى صورة يهوذا الخائن.

وشر ما في الخطية هو تعطليها الحواس الأدبية عند ممارستها، فيكره الخير ويحب الشر، فقد قال ربنا المبارك: «مَنْ يَعْمَلُ ٱلسَّيِّآتِ يُبْغِضُ ٱلنُّورَ، وَلاَ يَأْتِي إِلَى ٱلنُّورِ لِئَلاَّ تُوَبَّخَ أَعْمَالُهُ»(يوحنا 3: 20).

قال الرسول بولس «ٱلْخَطِيَّةُ خَاطِئَةً جِدّاً» (رومية 7: 13). وهي بالنسبة لأثرها السيء في مركز الإنسان الاجتماعي تسمى شراً لأنها تلحق الأذي بالغير. وسُميت إعوجاجاً لأنها ضد الاستقامة. وسُميت إفساداً لأنها ضد النزاهة.

أما بالنسبة لأثرها السيء في اتجاه الله، فتُسمى نجاسة، لأن الخاطئ يتمرغ في الرذيلة الدنسة. فتفصله عن الله. كما هو مكتوب: «آثَامُكُمْ صَارَتْ فَاصِلَةً بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ إِلٰهِكُمْ، وَخَطَايَاكُمْ سَتَرَتْ وَجْهَهُ عَنْكُمْ حَتَّى لاَ يَسْمَعَ» (إشعياء 59: 2).

ومن ناحية أثرها في التزامات الإنسان الأدبية، تُسمى زيفاً وخداعاً. لأن مرتكبها يخدع ويكذب وبغش في معاملاته. وقد وصف إشعياء النبي هذه الحالة بقوله: «لأَنَّكُمْ قُلْتُمْ: «قَدْ عَقَدْنَا عَهْداً مَعَ ٱلْمَوْتِ، وَصَنَعْنَا مِيثَاقاً مَعَ ٱلْهَاوِيَةِ. ٱلسَّوْطُ ٱلْجَارِفُ إِذَا عَبَرَ لاَ يَأْتِينَا، لأَنَّنَا جَعَلْنَا ٱلْكَذِبَ مَلْجَأَنَا، وَبِٱلْغِشِّ ٱسْتَتَرْنَا» (إشعياء 28: 15).

ومن ناحية أثرها السيء في مركز الإنسان العقلي فهي الجهل وبطل الذهن. قال الرسول: الخطاة يسلكون «بِبُطْلِ ذِهْنِهِمْ، إِذْ هُمْ مُظْلِمُو ٱلْفِكْرِ، وَمُتَجَنِّبُونَ عَنْ حَيَاةِ ٱللّٰهِ لِسَبَبِ ٱلْجَهْلِ ٱلَّذِي فِيهِمْ بِسَبَبِ غَلاَظَةِ قُلُوبِهِمْ» (أفسس 4:17).

هذه هي الخطية، وهذه أضرارها بانتظار أجرتها، التي هي الموت، لأنه مكتوب: «اَلنَّفْسُ ٱلَّتِي تُخْطِئُ هِيَ تَمُوتُ» (حزقيال 18: 20). ومع أن الإنسان يعرف هذه الأضرار التي تنجم عن الخطية فهو يقع فريسة بين براثنها، لأنها تتملقه وتجذبه وتسبيه. وتاريخها حافل بالمآسي، فهي منذ البدء تسلب لب الإنسان بالشهوة التي توفر له المتع الجسدية وتشبع غروره. ولكنها في الأخير تتقاضاه ثمناً باهظاً.

فقد تعهدت لآدم بأمجاد المعرفة، التي تجعله مثل الله. ولكنها عند الحساب كلفته الطرد من الفردوس، ثم الشقاء على الأرض التي لعنت بسبب خطيته. وتراءت لقايين في لذة سفك الدم على مذبح الحسد الحاقد حتى الموت. ولكنها عند الحساب أوقعته تحت طائلة غضب الله. فهام على وجهه ملعوناً ومطارداً من دم أخيه هابيل الذي صرخ إلى الله يطلب النقمة. وجذبت عيسو في لذة الطعام، فباع بكوريته بأكلة عدس. ولكنه عند الحساب حسب مستبيحاً. ولما أراد أن يرث البركة رُفض. إذ لم يجد مكاناً للتوبة مع أنه طلبها بدموع.

وتعلق الملك شاول بن قيس بشهوة التكبر، فانخدع وانجذب من شهوته، وحاد عن وصايا الله. ولكن عند الحساب تقاضته الخطية ثمناً باهظاً من فقدان عقله، ثم هزيمة جيشه، فموته ميتة العار. ومثله آخاب الملك العظيم الذي سبته الخطية بإغراءات زوجته الفاجرة إيزابيل، التي عرفت كيف تصرفه عن عبادة الله الحي، إلى عبادة البعل، فسقط في موت فاجع ولحست الكلاب دمه.

في الأصحاح السابع من رسالته إلى الرومانيين، شرح الرسول بولس كيف تسبي الخطية الإنسان. قال: تتخذ فرصة بالوصية لتنشئ الشهوة «فَإِنَّنِي لَمْ أَعْرِفِ ٱلشَّهْوَةَ لَوْ لَمْ يَقُلِ ٱلنَّامُوسُ «لاَ تَشْتَهِ» (رومية 7: 7) أي كما جاء في الأمثال: «أحب شيء على الإنسان ما مُنع».

ونفهم من قول الرسول أن الخطية تشل الإرادة: «لَسْتُ أَعْرِفُ مَا أَنَا أَفْعَلُهُ، إِذْ لَسْتُ أَفْعَلُ مَا أُرِيدُهُ، بَلْ مَا أُبْغِضُهُ فَإِيَّاهُ أَفْعَلُ» (رومية 7: 15). أي أن الخطية الخاطئة جداً توقع الإنسان في الذهن المرفوض فيخطئ محكوماً عليه من نفسه. إنه لا يجهل الصلاح ويقر أعمال البر. ولكنه مغلوب على أمره لدرجة أنه حين يريد أن يفعل الحسنى يرى أن الشر حاضراً عنده. وفي تعبير آخر، أنه يرى شناعة الخطيئة، ويعترف بجمال القداسة. وإنما حين يبغي عمل الصلاح يصدم بناموس الشر الذي يحارب ذهنه ويسبيه إلى ناموس الخطية والموت.

وشر ما يفعله الناس حيال الخطية هو محاولتهم التقليل من فظاعتها بتسميتها بأسماء ملطفة، كأن الأسماء الملطفة تقلل من شناعتها. قالوا أنها نشاط في غير محله. وقالوا أنها التواء جزئي في السيرة. وقالوا أنها ضعف بشري عابر. وقالوا أنها هفوة، وقالوا أنها زلة قدم وقالوا أنها غلطة عفوية،... الخ... ولكن الله رغم أقوالهم يشهر سيفه عليها ويعاقب الخاطئ أيا كان نوع خطيته إن لم يتب.

وقبل أن تكون الخطية موتاً فهي عار وجهالة وحماقة وأسر وعبودية. إنها خاطئة جداً لأن الخاطئ يخطئ ضد شخصه وضد قريبه وضد إلهه.

إلا أنها ليست عاراً لا يُمحى، أو موتاً لا يمكن تجنبه. فمقابل الخطية عند الإنسان، يوجد الخلاص عند الله. هناك مخلص قال الله في البدء أنه يخلص الإنسان. وهذا المخلص جاء فعلاً عند ملء الزمان، ووُلد من امرأة تحت الناموس، ليفتدي جميع الذين هم تحت حكم الناموس (غلاطية 4: 5). هذا المخلص هو يسوع المسيح الذي تجسد وصار حمل الله ليرفع خطية العالم (يوحنا 1: 29).


Call of Hope 
P.O.Box 10 08 27 
D-70007 
Stuttgart
Germany