العودة الى الصفحة السابقة
أنا قلقة على مستقبلي وأفكاري مشوشة بحيث تستحيل عليّ المذاكرة أحياناً، فماذا أصنع؟

أنا قلقة على مستقبلي وأفكاري مشوشة بحيث تستحيل عليّ المذاكرة أحياناً، فماذا أصنع؟

سلسلة لكل سؤال جواب

إسكندر جديد


Bibliography

أنا قلقة على مستقبلي وأفكاري مشوشة بحيث تستحيل عليّ المذاكرة أحياناً، فماذا أصنع؟. اسكندر جديد. Copyright © 2007 All rights reserved Call of Hope. الطبعة الأولى . . SPB ARA. English title: . German title: . Call of Hope. P.O.Box 10 08 27 D 70007 Stuttgart Germany http: //www.call-of-hope.com .

أنا قلقة على مستقبلي وأفكاري مشوشة بحيث تستحيل عليّ المذاكرة أحياناً، فماذا أصنع؟

سؤال من:

الآنسة س. ص. - شبرا - مصر

يبدو من رسالتك أنك تعانين من حالة قلق على مستقبلك، لكأن الحياة تضمر لك الفشل في أمورك، ابتداء من دروسك. الأمر الذي سبب لك تشتيت فكر يحد من ميلك إلى المذاكرة. ولعل المبالغة في التفكير بالمستقبل بدأت ترهق أعصابك. ولهذا أنصحك أن تقللي من اهتمامك بأمور المستقبل على هذه الصورة، التي شوشت سعادتك وجعلتك تتوهمين أن الله قد تركك رغم محبتك له.

في العظة على الجبل علّم الرب يسوع سامعيه أن يتجنبوا العوامل التي يمكنها أن تشوش سعادة الإنسان، فقال: «َلاَ تَهْتَمُّوا لِلْغَدِ، لأَنَّ ٱلْغَدَ يَهْتَمُّ بِمَا لِنَفْسِهِ. يَكْفِي ٱلْيَوْمَ شَرُّهُ» (متى 6:34). وهذا لا يعني أن المسيح ينكر علينا إعداد العدة لغدنا وإنما أراد أن لا نبالغ في هذه الناحية لئلا تصير أعياء الحياة هماً مزعجاً، لأن الهم مرادف للقلق والقلق مقدمة لليأس. وحين قال له المجد يكفي اليوم شره كان يكشف لنا عن وجود شر يومي علينا أن نواجهه. وهذا الشر يتكون أولاً من الرواسب التي خلفتها لنا معاكسات الأمس، وثانياً من هم اليوم الذي نحن فيه، والذي بعدم حكمتنا نضيف إليه هم الغد. هذا الغد الذي قد لا نراه إطلاقاً - فهذه المجموعة من الهموم، تقضي علينا الحكمة بأن لا نجسمها بالأوهام المتشائمة، والتي إن دلت على شيء فعلى عدم الثقة في الله. وما كان أحرانا أن نستقبلها ببساطة الثقة في صلاح الله، الذي قال: «لاَ أُهْمِلُكَ وَلاَ أَتْرُكُكَ» (عبرانيين 13: 5).

من المسلم به أن «ٱلرَّبَّ صَالِحٌ. إِلَى ٱلأَبَدِ رَحْمَتُهُ، وَإِلَى دَوْرٍ فَدَوْرٍ أَمَانَتُهُ» (مزمور 100: 5) هكذا قال داود بن يسى، الذي اختبر عون الله في مناسبات عديدة وكتب لنا بمداد اختباره نصيحته الخالدة: «طَلَبْتُ إِلَى ٱلرَّبِّ فَٱسْتَجَابَ لِي، وَمِنْ كُلِّ مَخَاوِفِي أَنْقَذَنِي... ٱتَّقُوا ٱلرَّبَّ يَا قِدِّيسِيهِ لأَنَّهُ لَيْسَ عَوَزٌ لِمُتَّقِيهِ. ٱلأَشْبَالُ ٱحْتَاجَتْ وَجَاعَتْ، وَأَمَّا طَالِبُو ٱلرَّبِّ فَلاَ يُعْوِزُهُمْ شَيْءٌ مِنَ ٱلْخَيْرِ» (مزمور 34: 4-10).

نعم، وهذا الإله الصالح من عظم لطفه بنا لا يريد أن نكون من المتشائمين الذين ينظرون الأشياء من جهتها المظلمة. فلا يرون إلا الشر مزمعاً أن يقع بهم. والتشاؤم ليس في الواقع إلا نقصاً في الإيمان، وعاملاً شديداً في قتل الرجاء وإضعاف المحبة. ويقيناً، ماذا يستفيد الإنسان في مبالغته في الاهتمام، إلا أن يصبح اهتمامه عبئاً ثقيلاً تنوء به نفسه، فيقوم عنده ألف سؤال وسؤال من فئة السبب. ولماذا؟ وكيف؟ قال المسيح: «َمَنْ مِنْكُمْ إِذَا ٱهْتَمَّ يَقْدِرُ أَنْ يَزِيدَ عَلَى قَامَتِهِ ذِرَاعاً وَاحِدَةً؟» (متى 6: 27).

صحيح أن لكل يوم شره، وبالتالي همه. ولكن في كل يوم توجد أشياء أخرى غير الشر. توجد المحبة التي هي رباط الكمال، يوجد الفرح في الروح القدس، يوجد الخلق الكريم، يوجد الحق والرحمة، يوجد العطاء المسرور الذي يحبه الرب.

إن الحياة يا صديقتي عند الواقف في ضوء وجه الله جميلة وسعيدة. أما عند المرتبك بأمور الحياة فهي عبء ثقيل ونير ضخم.

حين زار المسيح صديقه لعازار أرادت أخته الكبرى أن تبالغ في إكرام الضيف الإلهي، فارتبكت في أمرها ولم تدري ماذا تعد له من مآكل شهية، وحفاوة تليق بعظمته فعاتبها الرب على مبالغتها إذ قال لها: «مَرْثَا مَرْثَا، أَنْتِ تَهْتَمِّينَ وَتَضْطَرِبِينَ لأَجْلِ أُمُورٍ كَثِيرَةٍ، وَلٰكِنَّ ٱلْحَاجَةَ إِلَى وَاحِدٍ...» (لوقا 10: 41 و42).

ما أقصر نظر الذين يضطربون لأجل أمور معيشتهم. هؤلاء علاقتهم بالله تقتصر على تذكيره بواجباته نحوهم. آه!! لو تبعنا مشورة الرب يسوع حين قال: «ٱطْلُبُوا أَوَّلاً مَلَكُوتَ ٱللّٰهِ وَبِرَّهُ، وَهٰذِهِ كُلُّهَا تُزَادُ لَكُمْ» (متى 6: 33)، إذن لتخلصنا من أخطر أمراض القرن العشرين أعني به القلق، الذي يتلف حياة كثيرين من الناس. فقد دلت الإحصائيات على أن ما يباع في العالم من أدوية منومة، يتجاوز ما يباع من أصناف الأدوية الأخرى مجتمعة. وهذا يدل على أن معظم الناس في قلق مستمر مما يأتي به الغد، الأمر الذي يسبب لهم الأرق. فما أحرانا أن نضع ثقتنا في المسيح، رفيق دربنا الذي قال: «أَنْتُمْ أَفْضَلُ مِنْ عَصَافِيرَ كَثِيرَةٍ» (متى 10: 31) المسيح هو، هو، أمساً واليوم وغداً وإلى الأبد. فهو إله الأمس، وإله اليوم، وإله الغد، وما بعد الغد، وإلى انقضاء الدهر (عبرانيين 13: 8).

يا صديقتي تأكدي أن أزاءهم كل يوم، يوجد اهتمام الرب ووعده المبارك لا أهملك. وان ازاء كل يوم، يوحد صلاح الله، الذي يجعل كل الأشياء تعمل معاً للخير للذين يحبونه (رومية 8: 28) وإن أزاء كل يوم توجد تعزيات الله بالمسيح الذي «أَحْزَانَنَا حَمَلَهَا وَأَوْجَاعَنَا تَحَمَّلَهَا» (إشعياء 53: 4). وإن أزاء جهالات كل يوم توجد نعمة المسيح، الذي هو غني في الرحمة من أجل محبته الكثيرة. وإن أزاء ضعفات كل يوم توجد قوة الله. الذي قال لبولس: «تَكْفِيكَ نِعْمَتِي، لأَنَّ قُوَّتِي فِي ٱلضَّعْفِ تُكْمَلُ» (2كورنثوس 12: 9).

فلنثق في الله، في كل أمورنا ولنتكل عليه في كل ظروف حياتنا. ولنسلك في المحبة لأنه حيث توجد المحبة يوجد الله. وحيث يوجد الله يوجد السلام. وحيث يوجد السلام لا يكون هم أو قلق.


Call of Hope 
P.O.Box 10 08 27 
D-70007 
Stuttgart
Germany