العودة الى الصفحة السابقة
لماذا لم يأت المسيح في الأزمنة السابقة لمجيئه؟

لماذا لم يأت المسيح في الأزمنة السابقة لمجيئه؟

سلسلة لكل سؤال جواب

إسكندر جديد


Bibliography

لماذا لم يأت المسيح في الأزمنة السابقة لمجيئه؟. اسكندر جديد. Copyright © 2007 All rights reserved Call of Hope. الطبعة الأولى . . SPB ARA. English title: . German title: . Call of Hope. P.O.Box 10 08 27 D 70007 Stuttgart Germany http: //www.call-of-hope.com .

لماذا لم يأت المسيح في الأزمنة السابقة لمجيئه؟

سؤال من:

السيد م. ب. ص. - القاهرة - مصر

لقد قضى الله بحكمته، أن تأخذ اللعنة التي وقعت على الأرض بسبب خطية آدم مفعولها، قبل إصلاح كل شيء بالمسيح. لكي تظهر نتائج السقوط الردية قبل حصول الإصلاح. لأنه لو أتى المسيح مباشرة بعد السقوط لما شعر الناس بفظاعة الخطية ومرارة أثمارها وعجزهم عن أن يخلصوا أنفسهم بأنفسهم. ولما شعروا بالحاجة إلى مخلص.

وأيضاً مجيء المسيح لم يكن مناسباً قبل الطوفان، أو بعده مباشرة، لأن الله أراد أن تمتلئ الأرض بالبشر، لكي تكون له مملكة أوسع، وغلبته على الشيطان أمجد.

ولم يكن مجيئه مناسباً قبل موسى، لأن الناس بوجه عام، لم يكونوا قد زاغوا كلياً عن الله. أي أنهم لم يكونوا بأجمعهم واقعين في دياجير الوثنية الحالكة.

ولم يكن مجئيه مناسباً قبل سبي بابل، لأن مملكة الشيطان لم تكن قد بلغت أوج عظمتها، ويبدو أن الله استحسن أن يأتي المسيح في زمن أكبر أمبراطورية وثنية، وهي الأمبراطورية الرومانية، التي كانت تمثل مملكة الشيطان المنظورة في هذا العالم. فيكون المسيح في إتمام عمل الفداء قد أسس ملكوت الله على الأرض، ولهذا يكون قد غلب مملكة الشيطان.

صحيح أنه كان على العالم المسكين أن ينتظر أحقاباً طويلة من الزمن قبل أن يبزغ نور إعلان الله الكامل في المسيح يسوع، إلى أن جاء ملء الزمان وصار العالم مستعداً لمجيء المسيح.

والواقع أنه في مدة أربعة آلاف سنة اخترع البشر أدياناً مختلفة، وقد وجدوها غير كافية لإصلاح أحوالهم. وتحققوا بطلانها، وعرفوا عجزهم عن إيجاد أفضل منها. وخلال هذه الأحقاب الطويلة كان الله يعد الجسد ليسوع المسيح، متكلماً بالأنبياء ومعطياً إشارات حتى يعرف الآتي باسم الرب عند مجيئه..

ويخبرنا التاريخ أنه عند مجيء المسيح كان في العالم ثلاثة شعوب هي صاحبة النفوذ في ذلك الزمن، اليونان والرومان واليهود. كان اليوناني المثقف المتمدن، والروماني العسكري الفاتح، واليهودي المهان المحتقر. وهذه الشعوب الثلاثة تعاونت معاً ودون أن تدري، لإعداد الطريق لمجيء المسيح. مما يحملنا على الاعتقاد بأن هذا التعاون العفوي صار بتدبير العناية الإلهية.

وفي مقدمة الأمور نرى أن الله استخدم الدولة الرومانية لإعداد طريق المسيح بتوحيد أجزاء العالم المتمدن، وإشاعة الأمن في كل أجزائه، بعد أن كانت عصابات النهب والسلب تعيث فيه فساداً. لدرجة أنه لم يكن ممكناً لأي دعوة تنبعث من الديار المقدسة أن تتجاوز حدود تلك البقعة الصغيرة.

في الواقع أن النظام الروماني جعل الأمن مستتباً في ذلك الزمن مما أتاح لرسل المسيح أن يجوبوا الأقطار، ويكرزوا بالإنجيل للخليقة كلها. وهكذا صار مجيء المسيح نهاية النظام الاستعدادي وبداءة النظام الجديد الباقي بدليل قوله: «قَدْ كَمَلَ ٱلزَّمَانُ وَٱقْتَرَبَ مَلَكُوتُ ٱللّٰهِ، فَتُوبُوا وَآمِنُوا بِٱلإِنْجِيلِ» (مرقس 1: 15).

وكذلك اليونان قاموا بنصيبهم وهم لا يدرون. فقد ساهموا في إعداد طريق المسيح، بتقديم اللغة اليونانية الجميلة اللينة، التي كانت قد أصبحت اللغة الرئيسية والرسمية في الأمبراطورية الرومانية الواسعة الأرجاء.

أما اليهود الذين تشتتوا في كل أجزاء الدنيا، فقد حملوا معهم أسفارهم المقدسة. لأن موسى أوصاهم أن يقرأوها في المجامع كل سبت. وكان من أهم عوامل الاتصال أن الكتاب المقدس تُرجم قبل المسيح بنحو مئتي سنة إلى اللغة اليونانية. مما أتاح للعالم الوثني أن يقرأ النبوات عن المسيح المنتظر، وبالتالي أن يستعد لمجيئه وقبوله. وأنه لغريب حقاً أن تتحد هذه الشعوب لإعداد طريق الرب وهي لا تدري. وفي هذا دليل لا يقبل الجدل على وجود يد الله في الأمر.

ولعل أغرب ما في الأمر كله الانتظار الحار الذي كانت عليه الأمة اليهودية، قبل مجيء المسيح. ويعزو الباحثون حرارة هذا الانتظار إلى انقطاع الوحي عنهم خلال خمسة قرون كاملة، ما بين ملاخي النبي ويوحنا المعمدان.

وكان طبيعياً أن ينسى الناس وتضعف الآمال المرتقبة. ولكن شيئاً من ذلك لم يحدث، بل كان شوق الناس إلى مجيء المسيا مشتهى الأمم يزداد يوماً بعد يوم.

ومما لا ريب فيه أن الأمم، الذين اطلعوا على محتويات الأسفار المقدسة شاركوا اليهود الانتظار. ولنا دليل على ذلك مجيء المجوس من المشرق إلى الديار المقدسة لكي يسجدوا لطفل المذود.

ومما يجدر ذكره هو أنه عند تجسد الكلمة في بيت لحم حدثت أمور بالغة الأهمية أعادت الرجاء إلى قلوب منتظري الرب، وأهمها:

  1. رجوع روح النبوة، الذي كان قد احتجب بعد ملاخي النبي، حيث توقفت الرؤى المجيدة، وانقطع الوحي. أما الآن فقد أُعطي من جديد. فظهر هذه الروح أولاً في الوحي إلى زكريا الكاهن، ثم أليصابات، ثم مريم العذراء، فسمعان الشيخ، وحنة النبية، ويوحنا المعمدان... الخ.

  2. الفرح العظيم الذي كمل في السماء وعلى الأرض، وعبرت عنه أجواق الملائكة وهم ينشدون: «ٱلْمَجْدُ لِلّٰهِ فِي ٱلأَعَالِي، وَعَلَى ٱلأَرْضِ ٱلسَّلاَمُ، وَبِالنَّاسِ ٱلْمَسَرَّةُ» (لوقا 2: 14).

    دخول يسوع الطفل إلى هيكل الله، ليتم ما قيل بالنبي: «وَيَأْتِي مُشْتَهَى كُلِّ ٱلأُمَمِ، فَأَمْلأُ هٰذَا ٱلْبَيْتَ مَجْداً قَالَ رَبُّ ٱلْجُنُودِ... وَفِي هٰذَا ٱلْمَكَانِ أُعْطِي ٱلسَّلاَمَ، يَقُولُ رَبُّ ٱلْجُنُودِ» (حجي 2: 7-9).


Call of Hope 
P.O.Box 10 08 27 
D-70007
Stuttgart
Germany