العودة الى الصفحة السابقة
مجلة لقاء الشبيبة

مجلة لقاء الشبيبة

كيف لا أحبُّهُ؟


إن كان المسيح كلمة الله المتجسّد وقول الحق المتأنّس وروحه الأزلي الظاهر أمامنا. وإن كان الله به يقترب من الخطاة ليفديهم من الهلاك، فكيف لا أنتبه جيدا لإنجيله وأحفظ كلمته وأطيعها بحذافيرها؟

وإن كان المسيح قد عاش وديعاً ومتواضع القلب، وقد شفى كل مرض ووهب البصر للعمي بكلمته الخالقة، وأبرأ البرص بمحبته وأخرج الشياطين وأقام الموتى بسلطانه، فكيف لا أحترمه وأقدّره وأثق فيه أعظم ثقة؟

وإن كان ابن مريم قد وبَّخ المرائين ومنعهم من إظهار التقوى المزيفة وكشف قلوبهم الملتوية النجسة ودعاهم إلى التوبة النصوح، وإنكار الذات وإدانة "الأنا"، فكيف لا أنكسر أمام قداسته وأنحني خاشعاً طالباً الغفران والعفو لأجل سيِّئاتي العديدة؟

وإن كان المسيح قد مثَّل جلّ المحبة وكل الحنان، ورفع خطية العالم وبذل ذاته عوضاً عن الأشرار كحمل الله المذبوح لأجلنا وشرب كأس الغضب وصالحنا مع القدوس، مانحاً إيَّانا التبرير الإلهي، فكيف لا أقبل خلاصه المجاني وأومن بفدائه وأركع أمامه معترفاً بخطيتي مُسلِّماً له كلَّ حياتي؟

وإن كان المسيح غالب الموت والمنتصر على كل تجارب الشيطان، و قد قام بالجسد من بين الأموات فتحقَّق فيه القول: "والسَّلام عليَّ يوم وُلدتُّ ويوم أموت ويوم أُبعث حيَّا" ﴿سورة مريم 19: 33﴾، وهو رئيس السلام الذي منحنا السلام مع الله، فكيف لا أسجد له وألتصق به وأتبعه كل حين؟

وإن كان المسيح قد ظهر لأتباعه بعد قيامته أربعين يوماً وصعد إلى السَّماء ظاهراً واقترب من الله العظيم وجلس عن يمينه شافعاً فينا ووسيطاً للجياع إلى البر الذين برّرهم لأجل إيمانهم به وطهَّرهم قلباً وذهناً، فكيف أغلق فؤادي أمام جاذبية محبته ولا أشكره شكراً وأبشر بخلاصه للضالين؟

وإن كان المسيح يسكب فينا الروح القدس من محبة الآب السماوي لكي تلين قلوبنا المتحجِّرة بقوة الله. وإن كان هو مجدِّد المؤمنين باثاً فيهم الحياة الأبدية حقاً، ليعيشوا في السعادة الدائمة ويحبُّوا أعداءهم ويباركوا لاعنيهم. فكيف لا أحبُّه بنفس المحبة التي أحبني بها أولا؟

وإن كان المسيح آتياً عن قريب بمجده البهي مع جميع الملائكة. حيث سيعاينه كل البشر، وإن كان سيبيد الدجال مضل الناس الماكر بنفخة فمه ويقيم الموتى وهو مالك يوم الدين، فيدعو المتواضعين العاملين مرضاته الذين قبلوا خلاصه المعدّ لهم ، ويفرزهم عن الخطاة العصاة الذين رفضوا لطفه ولم يتغيّروا فى ذهنهم بل ظنّوا أنَّهم أتقياء بأعمالهم الصالحة، وصلواتهم الطويلة، وهم أثمة نجسون في نور الله الساطع، فكيف لا أسرع وأخدم المساكين بالروح وأعزي الحزانى وأبشر بيوم خلاص الرب ما دام نهار؟

وإن كان المسيح هو كلمة الله ورحمة الرحمان للبشر أجمعين، وإن كان هو رسول الآب السماوي إلينا، قائلا: "من رآني فقد رأى الآب"، وشهد الشهادة الحسنة بقوله: "أنا والآب واحد". فكيف لا أدعوك لتقترب من المسيح وتخلع عنك الإنسان العتيق الفاسد وتلبس المسيح، الإنسان الجديد، فتتغيَّر في فؤادك بواسطة إيمانك بالذي أحبك؟

فكّر يا قارئي العزيز، إنَّ مانح الحياة يريد أن يقيمك من موتك الروحي ويقف غافر الذنوب أمامك ليبرّرك. فإن آمنت به تخلص وإن ثبتَّ فيه تحيا معه إلى الأبد، ولن يستطيع أحد أن يُفقدك هذا الامتياز العظيم.