العودة الى الصفحة السابقة
مجلة لقاء الشبيبة

مجلة لقاء الشبيبة

المسيح قام


تزقزق العصافير وتتلألأ أشعة الشمس على رؤوس الجبال المغطاة بالثلوج ويمتلئ الهواء والنسيم بعطور الأزهار والرياحين. ها قد حلّ الربيع وانتعش الجميع!

وأعظم من الربيع ورموزه هذه، أننا نشترك في احتفالات الكنائس بذكرى قيامة المسيح المجيدة حيث يحيّي المؤمنون بعضهم بعضاً بهذه الذكرى قائلين: "المسيح قام". فما هو معنى التحية السعيدة هذه؟

إنَّ هذا المعنى يدلنا على أنَّ المسيح قد غلب الموت لأنَّ فيه الحياة. لم يقدر عدوّ الحياة أن يقبض على رئيس السلام لأنَّه نبع الحياة المحيي الذي يبث في أتباعه من قوَّته وتعزيته.

"المسيح قام"، يعني أنَّه قدّوس وبدون خطية. لو كان المسيح ارتكب خطأ بالفكر أو بالقول أو بالفعل لوجد الموت سلطة له عليه، ولكن بما أنَّه قام، فإننا نرى البيان الظاهر أنَّه بريء ولم يستطع الموت أن يقبض عليه; حتى أنَّ القرآن يثبِّت هذا السر إذ يقول إنَّ المسيح سوف يولد غلاماً زكيًّا لا علَّة فيه. إنَّه قدوس طاهر. ولقد أثبت المسيح هذا الوعد في حياته مبرهناً أنَّه كلمة الله المتجسِّد وروحه المنزَّه عن كل شرٍ. فلا يوجد فرق بين قوله وسلوكه، لأنَّه عاش ما قال، إذ عاش بدون خطأ. لذلك صعد إلى السماء، وهو جالس عن يمين الله لأن لا خطية فاصلة بينه وبين القدوس. إنَّ كل مؤسِّسي الأديان توفّوا، وعظامهم لا تزال في قبورهم، إلا المسيح فهو حي لأنَّه قدوس في ذاته.

لو لم يقم المسيح لما عرفنا إن كان الله قد قبل ذبيحته نيابة عن كل بشر، لكنَّه قام وتأكدنا من تبريرنا بأنَّ الله قبل كفّارته. فكل من يقبل عطية تبريره المجاني يتبرّر ويتحرر من خطاياه. فقيامة المسيح هي البرهان الأكيد على مصالحتنا مع الله. فلنتهلّل ونفرح بتبريرنا المبني على حياته الأبدية.

لم يقم المسيح لأجل قيامته الخاصة وحسب، بل لأنَّه يريد أن يقيمنا نحن أيضاً. قد غفر خطايانا لننال الحياة الأبدية اليوم وليس بعد الموت فقط. قال المسيح: "أنا هو القيامة والحياة من آمن بي وإن مات فسيحيا وكل من كان حياً وآمن بي فلن يموت إلى الأبد" ﴿الإنجيل بحسب يوحنا 11: 25-26﴾. فهل تؤمن بهذا؟

وهكذا نشترك في فرح عيد القيامة ليس كتقليد أو كاشتراك في العيد الكبير، بل بالإيمان قائلين: بالمسيح قمنا، حقاً قمنا. امتحن نفسك واسأل ذاتك: هل حصلتُ على الحياة الأبدية وهل حلّت فيّ حياة المسيح؟ إذا لم تتأكد من هذه الحقيقة الروحيّة التفت إلى المسيح الحي واطلب مسامحته لك على كل خطاياك. اعترف بزلاتك وسلِّم له ارتباطاتك ليحررك من قيود الموت، وتجرّأ والتمس منه حلول الروح القدوس في ذاتك لأنَّ هذا الروح هو الحياة. لقد وعد المسيح كل أتباعه أن يسكن فيهم بروحه وحياته ومحبته وهذا الوعد لك أيضاً. اطلب حقك من ربك لأنَّ المسيح أمَّن لك هذا الامتياز كي تمتلئ بحياته وفرحه إذ قال: "كلَّمتكم بهذا لكي يثبت فرحي فيكم ويُكمل فرحكم" ﴿الإنجيل بحسب يوحنا 15: 11﴾.

"المسيح قام حقاً قام". هل قمت مع المسيح؟ امسك بيديه الممدودتين إليك فيمنحك الحياة والنور والقوة إلى الأبد.