العودة الى الصفحة السابقة
مجلة لقاء الشبيبة

مجلة لقاء الشبيبة

للكون بداية


على الرغم من وجود تناقضات علمية كبيرة بالنسبة إلى النظريات العلمية الخاصة بتحديد عمر الأرض والمجموعة الشمسية، إلا أن الجميع يقرون بوجود بداية للكون. والغريب أنه لسنوات طويلة اعتقد علماء الكيمياء أن المادة لا يمكن أن تُخلق، ولم توجد من عدم، ولا يمكن تكسيرها. ولكن المعادلة التي أوجدها أينشتين E=MC2 (حيث E هي الطاقة و M هي الكتلة و C هي سرعة الضوء) تؤكد عدم صدق هذه الاعتقادات. فبحسب معادلة أينشتين يمكن تحويل الطاقة إلى مادة، والمادة إلى طاقة، وبذلك يمكننا أن نقول إن هناك بداية للمادة (عندما تحولت من طاقة) كما أن الكون (المادة) تم تخليقه بواسطة (طاقة) الله. كما أن علوم الفضاء والكيمياء والجيولوجيا المعاصرة كلها تؤكد وجود بداية للكون، وذلك باتفاق تام مع سفر التكوين، إذ يقول الوحي: "في البدء خلق الله السموات والأرض" (تكوين 1:1).

والسؤال الذي يطرح نفسه الآن هو: ما هو عمر الأرض؟

ومتى كانت البداية؟

هناك العديد من الدراسات التي يقدمها لنا العلم، والتي يمكن استخدامها في تحديد عمر الأرض، مثلاً:

  • دراسة النظام القائم على علاقة الأرض بالقمر.

  • دراسة نشاط الشمس.

  • دراسة حركة المجرات السماوية، وغيرها.

وبعض المفسرين للكتاب المقدس اقترحوا أنه يمكن التوصل لعمر الأرض كالآتي:

  1. إن عملية الخليقة بدأت 4004 قبل الميلاد أي من حوالي 6000 سنة، واعتمد المفسرون في ذلك على دراسة التسلسل الأسري الذي انحدر منه آدم أي (7×24 ساعة لكل يوم من وقت الخليقة).

  2. الاتجاه الثاني يقول إن الخليقة بدأت من حوالي 000،10سنة قبل الميلاد أي حوالي 000،13سنة. وتم حساب هذه المدة باستخدام الطريقة السابقة بالإضافة إلى اعتبار ما يقوله الوحي في المزمور4:90 وفي رسالة بطرس الثانية 8:3 والتي يقول الوحي فيها "أن يوماً عند الرب كألف سنة" (بالنسبة لأسبوع الخليقة).

ولما كانت كلا النظريتين تقدر عمر الأرض على أنه أقل ببلايين السنين عما يقرُّه العلم، اتُّهم الكتاب المقدس بعدم جدواه، وأن به مغالطات علمية. والواقع أن هذه الاتهامات التي وُجهت للكتاب المقدس جعلت الكثيرين يبحثون لمعرفة حقيقة الأمور. البعض ظن أن كل يوم من أيام الخليقة لا بد وأن يكون مليون سنة في مدته، وليس 24 ساعة. ولكن هذا الافتراض مرفوض علمياً وكتابياً وليس فيه أي صحة.

البعض الآخر اقترح أن الخليقة تمت بمعرفة الله في البدء بدون تحديد ميعاد هذه البداية، وربما كانت هناك بلايين السنين بين تكوين 1:1 وتكوين 2:1… هذا الافتراض أيضاً غير مقبول كتابياً وعلمياً.

إلا أنه من الجائز علمياً أن تكون الأرض حديثة التكوين، وربما لا يزيد عمرها كله عن آلاف السنين.

دعونا نناقش هذا الاحتمال بشيء من التفصيل.

الكتاب المقدس والأرض:

ترى كم كان عمر آدم عندما خلقه الله؟

الواقع أن الكتاب المقدس لا يخبرنا شيئاً في ذلك الخصوص. ولكن كون آدم لم يخطئ… نستطيع أن نقول إنه لم يكن له عمر معين، لأن العمر يمثل عجلة الموت، والموت دخل العالم بالخطية…

فإذا ما نظرنا إلى آدم الذي خلقه الله لتحديد عمره التقريبي نقول إنه كان ناضجاً ومكتمل التكوين والقدرات. ربما نقول إنه كان يبلغ الثلاثين من عمره على الرغم من أنه تم خلقه للتو!!

إذن فهو لم يُخلق كطفل صغير، بل كشخص ناضج، وفي شكل إنسان مكتمل النمو.

ونفس الشيء ينطبق على الكون كله وعلى الخليقة بكل ما فيها من نباتات وطيور وحيوانات.

كل الخليقة كانت ناضجة ومكتملة النمو.

وعلى ذلك نقول إن الأرض قد تبدو في تصوُّر العلماء على أنها قديمة للغاية (العمر الظاهري للأرض) إلا أن حقيقة الأمر تقول إنها حديثة السن (العمر الحقيقي للأرض) وبذلك يظهر لنا أنه لا يوجد تناقض بين العلم والكتاب المقدس في هذا الموضوع.

فالعلم يستطيع أن يقدِّر العمر الظاهري للأرض، وليس عمرها الحقيقي.

العلوم الحديثة وعمر الأرض:

الواقع أنك قد تدهش عزيزي القارئ عندما تعلم أن المعلومات العلمية الحديثة تؤكد أن الأرض حديثة العهد. هذه المعلومات لا شك وأنها تتعارض تماماً مع نظرية النشوء والارتقاء ل"داروين"، والتي تعتمد فروضها الأساسية على أن الأرض قديمة للغاية، وأن الإنسان جاء بها في فترة متأخرة بعد تكوين الأرض.

تعالوا الآن ندرس بعض الوسائل العلمية المستخدمة لتحديد عمر الأرض، والتي تؤكد أن عمر الأرض ليس قديماً.

  • الطريقة الأولى: دراسة سرعة التآكل:

    يقول عالم الجيولوجيا "ستورت نيفنز" Stuart Nevins إن حوالي 27,5 بليون طن من الرسوبات يتم نقلها للمحيط كل عام. ولما كان مجموع الرواسب في المحيطات يقدر بنمو 820 مليون بليون طن، فإن عمر الأرض على الأكثر لا يزيد عن 30 مليون سنة (على أساس أن المحيطات عندما تكونت كانت خالية من أي رواسب ترابية).

    وبذلك يكون عمر الأرض المقدّر بهذه الطريقة أقل ببلايين السنين عن أي تقدير علمي سابق. أضف إلى ذلك أن كتلة الأحجار القارية التي تقع على مستوى أعلى من البحر تقدر بنحو 383 مليون بليون طن، وهي تعادل نصف مجموع الرواسب الموجودة في المحيطات، وبذلك في نحو 14 مليون سنة تكون كل القارات قد تآكلت إلى مستوى البحار!!

    الأمر المحير أن العلم يفترض أن الحياة قد بدأت في المحيطات وفي العصر قبل كامبرين Pre – Cambrian أي حوالي 2 بليون سنة (حسب اعتقادات العلم).

    وهنا يظهر التناقض واضحاً…

    العلم يقول إن الحياة بدأت في مياه المحيطات من بليونين من السنين، بينما أقصى عمر يمكن تقديره للمحيطات هو ثلاثين مليون سنة فقط!

    هذا التناقض جدير بالاعتبار، وهو يؤكد لنا مدى حداثة الأرض.

    من هنا نستطيع أن نقول إن دراسة سرعة التآكل تؤكد أن عمر الأرض أقل بأكثر من بلايين السنين من أي تقديرات سابقة لعمر الأرض.

  • الطريقة الثانية: تعتمد على تقدير الأتربة الشهابية Meteoric Dust.

    تقدر كمية الأتربة الشهابية والتي تدخل الغلاف الجوي الأرضي بنحو 14 مليون طن كل سنة (المصدر: مجلة Scientific American المجلد رقم 202 الصادرة في شهر فبراير سنة 1980 صفحة 132) وبذلك فإنه في نحو 5،4 بليون سنة (عمر الأرض المفترض علمياً) فإنه سوف يكون هناك ارتفاعات شاهقة من هذه الأتربة تقدر بأكثر من 180 قدماً في كل مكان على الأرض، مع زيادة كبيرة في عنصر النيكل الذي تحمله هذه الأتربة.

    ولكننا بالطبع لا نرى أي تراكم من هذه الأتربة على سطح الأرض كما تم حسابها.

    والواقع يشير إلى أن كمية الأتربة المتراكمة على الأرض ونسبة عنصر النيكل الموجودة في المحيطات وعلى الأرض أقل بكثير جداً من هذه الحسابات.

    ومن هنا يتأكد لنا أن عمر الأرض يُقدَّر بنحو أقل من 30 مليون سنة.

    ومثال آخر أسوقه هنا للتأكيد على ذلك… عندما أرسلت الولايات المتحدة الآمريكية سفينة الفضاء أبولو إلى القمر عكف العلماء على دراسة سُمك هذه الأتربة Meteoric Dust على سطح القمر. لقد تخوَّف العلماء من أن تكون هناك طبقات سميكة من هذه الأتربة المتراكمة على سطح القمر فتغوص السفينة عندما تهبط على سطح القمر في هذه الأتربة. وقد تكلفت هذه الحسابات ملايين الدولارات، ولكن العلماء فوجئوا عند هبوط السفينة أن سُمك هذه الأتربة لا يزيد عن بضع السنتيمترات وليس مئات الأقدام كما اعتقدوا بحسب التقديرات العلمية.

    هذه الاكتشافات التي جاءت مؤخراً تؤكد لنا أن عمر الأرض حديث، وليس كما اعتقد العلماء في وقت داروين.

  • الطريقة الثالثة: دراسة المجال المغناطيسي للأرض:

    يؤكد الدكتور توماس بارنز Dr. Thomas Barnes أستاذ الفيزياء بجامعة تاكساس بالولايات المتحدة الأمريكية أن قوة المجال المغناطيسي للأرض قد تم قياسها من 135 سنة، وأن متوسط عمرها يقدر بنحو 1400سنة (أي أن القوة المغناطيسية تنقص إلى النصف كل 1400 سنة) وعلى هذا الأساس فإنه من 000، 10سنة تكون قوة المجال المغناطيسي للأرض من القوة ما يماثل النجوم ذات المجال المغناطيسي القوي!! ولكن هذا الافتراض غير مقبول علمياً وغير صحيح.

    إذن ما هو التفسير الصحيح لذلك؟

    علينا أن نتذكر الفيضان الذي أوجده الله في زمن نوح. لا شك أن هذا الفيضان قد أوجد تغييرات جذرية في طبقة الأرض وبذلك نستطيع أن نقول إن التغييرات في المجال المغناطيسي للأرض قد بدأت بعد الفيضان أي من حوالي 4300 سنة.

    إذن فبحسب المجال المغناطيسي للأرض نقول أن عمر الأرض لا يزيد عن 000،10سنة وهذه النتيجة بلا شك تتعارض تماماً مع نظرية دارون النشوء والارتقاء!!

    من هنا عزيزي القارئ يبدو واضحاً أن الدراسات العلمية الحديثة تؤكد لنا أن الأرض ليست قديمة كما اعتقد العلماء لفترات طويلة واتهموا الكتاب المقدس بالبساطة والسطحية. كما أن هذه الدراسات تعتبر عقبة كبيرة أمام نظرية النشوء والارتقاء التي اعتمدت أساساً في فروضها على قدم الأرض وأن الحياة تطورت من خلال حقبات زمنية طويلة وتمثل كل حقبة ملايين السنين.

    الجدير بالذكر أن هذه الطرق العلمية قد تعيننا على معرفة عمر الأرض الظاهري، ولكنها بطبيعة الحال لن تستطيع أن تساعدنا على معرفة عمر الأرض الحقيقي.

    نعم لقد أكد لنا الوحي الإلهي في أول سفر التكوين أنه في البدء خلق الله السموات والأرض. هذه الحقيقة تؤكد أن للكون بداية، وأن الله هو المبدئ والخالق لها.