العودة الى الصفحة السابقة
مجلة لقاء الشبيبة

مجلة لقاء الشبيبة

قرأت لك


ظهر في منتصف السبعينات، كتاب بعنوان «كيف أصبح إنساناً جديداً؟»باللغة الإنكليزية، وقد نقله إلى العربية القس غسان خلف. لما يحتويه الكتاب من أمور يجدر بنا التوقف عندها للاطلاع عليها.

يستهدف الكاتب، الدكتور بيلي غراهم، عرض أهم المقومات التي تجعل الإنسان إنساناً جديداً. فحديثه يتمحور حول القضايا العملية الواجب اتخاذها من قبل الفرد. للانتقال من مرحلة الانقطاع الكلي عن الله بسبب الخطية، إلى مرحلة الشركة المباشرة معه. لذا لا يعطي اهتماماً كبيراً للفلسفات والنظريات كي ما يتيه القارئ في متاهات الفكر الدنيوي، بل يعرض أهم القضايا الأساسية الحيوية العملية التي وجب معالجتها عند كل إنسان.

وإذ ذاك يبدأ الكاتب بعرض جال الإنسان المعاصر، فيقول: إنّ الإنسان في خضم التيارات الفكرية المعاصرة يرى نفسه ضائعاً ويرجو العون لتقرير مصيره. أفيعرف الإنسان اليقين أو الحقيقة؟ نعم وجد الكاتب الحقيقة، وهاك هي: المسيح هو بوابة الحقيقة. هو المدخل السليم الذي يعيد للإنسان علاقته بالله التي انقطعت بسبب الخطية. لقد قال المسيح عن نفسه: «أَنَا هُوَ اٱلْبَابُ»(يوحنا 10: 9). ليس هذا فحسب بل أنه أيضاً: «ٱلطَّرِيقُ وَٱلْحَقُّ...» (يوحنا 14: 6). وهذا الحق يحرر من عبودية الخطية، وهذا الانعتاق قائم على عدة أعمدة ليثمر في علاقتنا مع المسيح.

الوصايا العشر، أتت لتتوّج الإنسانية بأسمى القيم التي عرفها الجنس البشري حتى عصرنا الحاضر. فهي مرتكزة على «المحبة» التي بتدأت بالإنسان كنتيجة حتمية لقبولنا المحبة الأسمى، محبة الله. التي هو أولاً بدأ بها معنا، فيها صار لنا مثالاً نحذو حذوه، حين وضع نفسه من أجلنا آخذاً صورة عبد ليرينا عملياً ما هي المحبة. محبة أظهرها بتسامحه مع الجنس البشرى إذ أخلى نفسه، ذاك الذي لم يحسب خلسة أن يكون معادلاً لله. وضع نفسه وأطاع، فصار كبش المحرقة لفداء البشرية جمعاء. إنها هبة مجانية قدمها الله للذين يؤمنون به.

وإذ يتعامل الله مع خلقه جعل فيهم الضمير لينبه الإنسان باستمرار بإعطائه الحكمة على الأشياء المبتغاة. شعور قذف الله به في صدور الناس، قوة رادعة مانعة عن فعل ما لا يستحب. إنه آلة تنخس الإنسان ليتوب ويمتنع عن فعل مكروه. والتوبة هذه على حد تعريف الكاتب هي الندامة والكف عن فعل يشمئر منه الله. هي الإقلاع عن كل ما يسيء بالإنسان ذاته وبالآخرين، وبالله.

وإذا كان الإنسان صادقاً في ما عاهد نفسه عليه، فالله فاحص القلوب وعالم النوايا، يقبل تعهد الإنسان، بإحياء ضميره الذي كان مخدراً بسبب الخطايا الكثيرة. هذا القبول لتعهد الإنسان وإحياء ضميره، يطلق عليه الكاتب عبارة «الولادة الجديدة». هذه الولادة توجب التزام الفرد تطبيق وصايا وأحكام الله فكراً وقولاً وعملاً. هي السماح للمسيح بالسكنى في نفوسنا للتمثل به. هذا التدخل في دقائق أمور حياتنا يعني قبول المسيح سيداً علينا.

إنه حدث وانقلاب جذري، يستلزم اتباع نمط جديد في الحياة يتلاءم وشخصية المسيح. إنه تحوّل من معسكر إلى معسكر، من الانتماء إلى عالم الظلمة إلى عالم النور، الانتقال من معسكر عدو النفوس إلى معسكر مخلص النفوس. والنتيجة الحتمية لذلك، هي شن حرب شعواء ضد التائب. والكتاب المقدس يشير إلى أن هذه الحروب هي سلسلة من التجارب التي يعرضها الشيطان على التائب بصور مختلفة، جميعها مغرية. بيد أنّ الكتاب يحذر من الانزلاق والاستسلام لهذه الشهوات والنزوات، مع أنّ الكتاب أيضاً يعلمنا عن النمو في المسيح، وهذا يقتضي بالضرورة الانزلاق مراراً وتكراراً في الخطيئة عن غير سابق تخطيط لها. ولكن إن أخطأ أحد منا لنا شفيع عند الله، ربنا ومخلصنا يسوع المسيح.

هذا وينهي الكاتب حديثه مع القارئ بإعطائه سلسلة من النصائح الواجب اتباعها للسير مع المسيح، مرضين إياه بتصرفات. وهناك حلولاً يزودنا بها الكاتب، عملية وفعالة، لمحاربة الخطية في حيانا ومعالجة أمراضنا السقيمة بوصفات ناجعة فعالة تحررنا من براثن الموت الأكيد في الخطية.